IMLebanon

هل يتحقق وعد عون والحريري بإنجاز قانون الانتخاب؟

اعتبرت مصادر سياسية في حديث لصحيفة “الحياة” أن الوعد الذي أطلقه كل من رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة سعد الحريري بأن قانون انتخاب جديد سيرى النور على رغم استمرار تباعد المواقف المعلنة إزاء المشاريع المتفرقة التي يجري التداول بها وسقوط معظم الأفكار التي طرحت، بات يوجب أن تضع الحكومة يدها على هذا الملف الملح، نظراً إلى أن الوقت بات داهماً.

وفي اعتقاد متابعين أن المناقشات الماراتونية التي جرت حتى الآن بين الفرقاء حول مشروع القانون المنتظر بديلاً لقانون “الستين” الحالي القائم على النظام الأكثري، استنفدت في إطار ما يسمى اللجنة الرباعية التي تضم “تيار المستقبل” و “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل” و”حزب الله”، وأن بديلها هو تشكيل لجنة وزارية من الحكومة تعجل ببلورة وعد عون والحريري بإنجاز القانون، ليكون التوصل إليه خلاصة المداولات السابقة التي كانت جرت وشارك فيها خبراء عن الفرقاء الأربعة وغيرهم، ومنهم الحزب “التقدمي الاشتراكي”.

وفي رأي أحد السياسيين المنغمسين في الاتصالات التي جرت حتى الآن، أن كل الأفكار التي طرحت في إطار اللجنة الرباعية، ومعظمها اقترحها رئيس “التيار الحر” الوزير جبران باسيل، إضافة إلى اقتراحات طرحها “حزب الله”، استُبعدت نتيجة رفضها من هذا الفريق أو ذاك، ومع أن “حزب الله” يصر على اعتماد النسبية الكاملة، فإن ذلك لم يمنع انخراطه في مناقشة الصيغة المختلطة بين النظامين النسبي والأكثري، رافضا اقتراحات باسيل تأهيل المرشحين على النظام الأكثري في دائرة مصغرة كمرحلة أولى، ثم انتخاب النواب على النظام النسبي في دائرة موسعة في مرحلة ثانية. وهي اقتراحات رفضتها حركة “أمل” و “القوات اللبنانية” و “المستقبل” وأحزاب أخرى أيضاً، فيما تراجع “التيار الحر” عن النسبية الكاملة.

وإزاء الاستحالات التي ترافق البحث في القانون، وهي استحالة التمديد للبرلمان والقبول بالستين والوصول إلى الفراغ النيابي القاتل، لأنه يفرط البنية الدستورية للدولة، فإن المخرج الوحيد هو الاتفاق على قانون الانتخاب ليصبح التمديد التقني مقبولاً على قاعدة حصول إنجاز إصلاحي يبرر هذا الإجراء. لكن هذه الحتمية المفترضة باتت محكومة بالمهل الضاغطة أمام عدم توقيع رئيس الجمهورية مرسوم دعوة الهيئات الناخبة للاقتراع في 21 أيار المقبل الذي كان أحاله إليه الحريري بعدما وقعه ووزير الداخلية نهاد المشنوق وفقاً للقانون الحالي الذي يرفضه معظم الفرقاء. وعلى رغم أن أمام عون شهراً إضافياً قبل استحقاق المهلة الفعلية، لأن المشنوق وجه الدعوة قبل شهر من المهلة القانونية (90 يوماً) قبل نهاية ولاية البرلمان في 20 حزيران لتفادي إجراء عمليات الاقتراع في شهر رمضان المبارك، فإنه لم يبق سوى 15 يوماً أمام المعنيين لاستباق المهل، إلا إذا كان هؤلاء يراهنون على أن خطر تخطي المهلة هو العامل الضغط على الجميع للتوصل إلى التوافق على القانون، ليتم إنقاذ البلد من خرق المهل عبر التمديد التقني.

ويعتقد أحد النواب أن وضع الحكومة رسمياً يدها على قانون الانتخاب بات ملحاً، لأن الدعوات إلى أن يتولى البرلمان الأمر، بذريعة التصويت على مشاريع واقتراحات القوانين المطروحة عليه (عددها 17)، هي محاولة لترحيل الخلافات التي ظهرت حتى بين الحلفاء (“التيار الحر” و “حزب الله”، وبين التيار و “القوات اللبنانية” مثلاً) إلى السلطة التشريعية بدلاً من معالجتها في الحكومة، حيث يمكن عون والحريري أن يلعبا دوراً في حسم الخلافات بالتنسيق مع الأقطاب الآخرين، وفي طليعتهم رئيس البرلمان نبيه بري.

ويعتبر بعض مشجعي إمساك الحكومة بالملف، أن قول الحريري إن عدم إنجازها القانون يعني أنها فشلت، استدراك منه لإخفاق المداولات في حسم الأمر خلال الشهرين الماضيين ولغرق اللجنة الرباعية في المراوحة.

وما تكرار بري القول إن على الحكومة أن ترسل مشروعاً إلى البرلمان كي يناقشه ويبت به، إلا لإدراكه أن اللجوء إلى المجلس النيابي للتصويت على الصيغ الموجودة في اللجان النيابية التي أشبعتها درساً من دون النجاح في التوافق، هو إغراق للسلطة التشريعية في الخلافات وفي فوضى الاقتراحات التي ستخرج إلى السطح التناقضات الطائفية والسياسية التي ظهرت في المداولات التي جرت حتى الآن.

وتقول مصادر نيابية إن بري أبلغ بعض زواره أنه يعطي فرصة للفرقاء والحكومة حتى 17 نيسان المقبل. وسبب تحديد هذا التاريخ أنه إذا كانت المهلة التي نص عليها قانون الانتخاب الحالي هي لدعوة الهيئات الناخبة قبل 90 يوماً من نهاية مدة البرلمان في 20 حزيران، فإن الدستور في المادة 42 منه أوجب أن “تجرى الانتخابات العامة لتجديد هيئة المجلس خلال الستين يوماً السابقة لانتهاء مدة النيابة”، وبالتالي هو يحتفظ لنفسه بحق أن يدلي بدلوه قبل 3 أيام من الدخول في الفسحة الزمنية التي يتحتم الاقتراع خلالها، ليقترح المخرج المناسب، سواء تكرس الفشل في التوصل إلى القانون الجديد أم أحيل إليه مشروع به. كما أن هذا التاريخ يسبق الدخول في مرحلة الخطر، نظراً إلى أنه يسبق نهاية العقد العادي للبرلمان في آخر أيار وفق المادة 32 من الدستور، والذي يتيح له مواصلة التشريع إذا تطلب الأمر مخرجاً لتجنب الفراغ النيابي يكرس استمراره كمرفق عام، أو يجري التمديد له احتياطاً لشهرين أو ثلاثة، إذا لم تجر الانتخابات، أو إذا أحيل إليه المشروع الحكومي المفترض ليدرسه.

وفي الانتظار، فإن المراهنين على ما تبقى من مسافة زمنية يرون أن مشروع القانون المختلط تقدم في الأيام الماضية على غيره، استناداً إلى قبول النائب وليد جنبلاط به وفق الاقتراحات التي قدمها. لكن إنجاز هذه الصيغة ينقصه الكثير، فالمعيار الذي يضعه “التيار الحر” بأن يسمح القانون باستعادة الثنائي المسيحي النواب المسيحيين الذين ينتخبون بأصوات المسلمين حيث الناخبون المسيحيون أقلية، قوبل بالرفض من الثنائي الشيعي، الحريص على بقاء المقعدين الكاثوليكيين في بعلبك (مروان فارس) والزهراني (ميشال موسى) والأرثوذكسي في مرجعيون (أسعد حردان) والماروني في بعلبك (إميل رحمة). وإزاء اضطرار التيار إلى مراعاة موقف حليفه “حزب الله” في هذا الصدد، فإن حجته باتت ضعيفة إزاء سعيه لانتزاع المقاعد المسيحية التي يتحالف الفائزون بها مع كل من الحريري وجنبلاط، وهذا يرتب توزيعاً للمقاعد على النظامين الأكثري والنسبي لا يراعي بالضرورة مقاييس “التيار الحر”.