IMLebanon

هل سمعت الحكومة باشتباكات برج البراجنة؟! (بقلم رولا حداد)

 

كتبت رولا حداد

تبدو حكومتنا أشبه بالنعامة، أو على الأقل هكذا بدت خلال الاشتباكات العنيفة التي شهدتها منطقة برج البراجنة في العاصمة. الاشتباكات التي قيل إنها ناتجة عن “إشكال فردي” شهدت استعمال الأسلحة الرشاشة والصاروخية واستمرت لساعات، وانتهت بعبارات مثل “تهدئة”، ولم نسمع عن اعتقال موقوف ولا عن حصول مداهمة ومصادرة أسلحة، رغم أنه تم استعمال كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر في تلك الاشتباكات.

ليس ما حصل في برج البراجنة الأول من نوعه. الجمر في مخيم عين الحلوة لم ينطفئ بعد، ولا الاشتباكات الأسبوعية في الليلكي وغيرها من أحياء الضاحية الجنوبية، ساعة تحت مسميات “اشتباكات عائلية” بين هذه العائلة وتلك، وطورا على خلفيات الاتجار بالمخدرات والتنافس بين شبكات التجار.

الأسوأ في ما يحصل أن الدولة بأجهزتها الأمنية والعسكرية تعتبر نفسها وكأنها “غير معنية” بأكثر من أن تحاول لعب دور “قوات فصل” بين العصابات المتقاتلة، أو حتى لا تخجل من أن تحاول تأدية دور “شيخ صلح”. ولم ننسَ بعد مفاوضة خاطفي سعد ريشا في البقاع من دون ان يتم توقيف أحد منهم، لا بل تم التحايل على الرأي العام بالحديث عن توقيف “الرأس المدبّر” للعملية، قبل أن يتبيّن أن الأمر ليس أكثر من مسرحية سخيفة لتمييع القضية، فتم إطلاق الموقوف ولم يتم اعتقال الخاطفين!

المشكلة الأساس هي في الدولة ومن يُفترض أنهم رجالاتها. هؤلاء لا يفقهون معنى الدولة وسيادتها، وأن لا دولة من دون سيادة، وأن لا سيادة من دون احتكار الأجهزة الأمنية والعسكرية الرسمية، وأنه من دون سيادة فعلية يسقط النظام برمته كما نشاهد اليوم في لبنان، حيث بات الدستور وجهة نظر والديمقراطية معلقة على أرجوحة المصالح السياسية والطائفية والمذهبية.

وإذا أضفنا إلى ما سبق أن الأساس يبقى في وجود سلاح “حزب الله” الذي يبقى علّة وسبب وجود واستمرار كل سلاح غير شرعي، ندرك حجم الكارثة التي تعصف بكيان الدولة اللبنانية وأسس وجودها. وليس تفصيلاً أن يضطر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، المعروف بدبلوماسيته الفائقة حيال محور الممانعة وتحديداً حيال “حزب الله” والنظام السوري، إلى إطلاق موقف عالي النبرة كثيراً في موضوع “حزب الله”، وفي مقابلة مع تلفزيون عربي تحديداً ما يحمل أكثر من معنى ويوجه أكثر من رسالة إلى من يعنيهم الأمر.

ولعل التوقيت في كل ما يحصل يبقى الأساس في ظل تطورات إقليمية ودولية متسارعة، تبدأ مع انتقال القيادة الأميركية إلى الرئيس دونالد ترامب الذي حدد إيران كأكبر دولة راعية للإرهاب في العالم، مروراً بالتباعد الروسي- الإيراني حيال الحرب السورية وليس انتهاءً بكل التوقعات بطلب انسحاب كل الميليشيات من سوريا ما يستدعي انسحاب “حزب الله” من الميدان السوري.

في الخلاصة أن هذه “الدولة المفترضة” سقطت من عيون مواطنيها منذ زمن، ولا يمكن أن تكون بداية نهوضها من غير بوابة السيادة في مواجهة كل مظاهر السلاح غير الشرعي الذي سقطت كل مبرراته الواهية، والذي إن استمر سيسقط ما تبقى من ملامح دولة مهترئة في لبنان.