IMLebanon

مرفأ غير شرعي (بقلم بسام أبو زيد)

 

كتب بسام أبو زيد

لبنان هو واحد من أكثر البلدان التي يجري فيها الحديث عن سرقة المال العام والهدر والفساد، وهو أيضا من أكثر الدول التي تتقاعس عن معالجة هذه المشكلة باعتبار أنّها محمية وأن بعض من هم في السلطة وأزلامهم يستفيدون منها ويجنون ثروات، هذا فضلا عن أنها وسيلة للتحكم بحاجات الناس وحقوقهم وإبقائهم رهائن لدى هؤلاء الفاسدين.

لن أدخل في تفاصيل كل هذه المشكلة لأنّ الكلام في هذه التفاصيل يحتاج إلى مجلدات، ويكفي أن نتطرّق إلى مرفأ بيروت كي يعلم الناس عن أي فساد نتكلّم.

لقد كرّر وزير المال علي حسن خليل أنّ ثمّة تهريبًا يحصل عبر مرفأ بيروت، علمًا أنّ هذا المرفأ هو بالكامل تحت سلطة الدولة اللبنانية وما من أحواض غير شرعية فيه ولا تتسلل إليه سفن تدخل المياه الإقليمية بصورة غير شرعية ومع ذلك يحصل التهريب. فهل هناك من هو بالفعل أقوى من الدولة ليدخل بضائع ومواد من دون دفع الرسوم الجمركية الصحيحة والكامل عليها؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل من يجرؤ من المسؤولين على قول هذه الحقيقة والتصدي لها؟

لقد أصبح واضحًا ومعروفًا أنّ هناك شركات تتّصل بالعديد من المواطنين الذين يستوردون بضائع من تركيا أو الصين وغيرها وتتفق معهم على إخراج بضائعهم المستوردة من المرفأ بكلفة هي أقلّ بعشرات أو مئات آلاف الدولارات، ممّا كانوا سيدفعونهم هم لو أرادوا إخراج بضائعهم بأنفسهم ودفع رسومها الجمركية الصحيحة. فهل الدولة على علم بهذه الشركات؟ وهل تتعلّم من يساعدها في المرفأ كي تتلاعب إلى هذا الحد بأموال يجب أن تعود للخزينة؟ وهل تتصرّف هذه الشركات بشكل منفرد أم أنّ هناك جهات سياسية فاعلة تقف وراءها؟

أسئلة كلها برسم الدولة اللبنانية وفيها كثيرون من يرفعون شعار مكافحة الفساد؟ إذ يكفي ضبط عمل هذه الشركات حتى تجني الخزينة مزيدًا من الأموال تساعد في تحسين الحياة الاجتماعية والمعيشية للبنانيين وتزيد من القدرة على الاستثمار في بلد يحتاج لفلس الأرملة كي ينهض، فكيف إذا كان الأمر يتعلّق بمئات ملايين الدولارات تنهب تحت أعين شرعية وبالتواطوء معها ربما.

في زمن الحرب كانت المليشيات قادرة على ضبط مرافئها غير الشرعية، وشنّت حروب من أجل عودة الشرعية إليها إلا أنّه تبيّن أنّه في زمن السلم أنّ إدارة المليشيات كانت أفضل بكثير من إدارة الدولة التي تحوّل بعض من فيها إلى ميليشيا لا ترغب في ضبط مرفأ  أو حتى حوض فيه.