IMLebanon

“عين الحلوة”… رسائل لبيروت وإلى رام الله!

توتر الوضع الأمني في مخيم “عين الحلوة” للاجئين الفلسطينيين الواقع في الجنوب اللبناني مجددا خلال الساعات القليلة الماضية على خلفية الصراع المستمر بين الفصائل الفلسطينية، وبالتحديد بين حركة “فتح” من جهة والفصائل المتشددة من جهة أخرى. ولقد أخّرت الاشتباكات التي شهدها المخيم وأدّت لمقتل شخصين وجرح 4 انطلاق عمل القوة الأمنية الجديدة التي شُكلت لضبط الوضع بعد انفراط عقد القوة السابقة الشهر الماضي.

وفي حين استنفرت القوى الفلسطينية لاستيعاب الاشتباكات التي اندلعت مساء الخميس بين عناصر من حركة “فتح” وآخرين من مجموعة “جند الشام” المتشددة وما تلاها من عملية اغتيال لعنصر “فتحاوي”، أكّد أمين سر فصائل التحالف الفلسطينية “أبو عماد الرفاعي” لصحيفة ”الشرق الأوسط” أنّه “تم تطويق الأشكال إلا أن بعض الخروق لا تزال تسجل بين الحين والآخر”.

ونبه الرفاعي من أن هناك “من يحاول أن يعبث بأمن المخيم والدفع نحو مزيد من الصدام الداخلي الفلسطيني – الفلسطيني”. واعتبر أن المطلوب “قرار أكثر حزما بكل المقاييس، والضرب بيد من حديد للتصدي لهذه الأجندات”، محملا حركة “فتح” مسؤولية وضع حد لبعض العناصر المحسوبين عليها الذين يخلون بالأمن. ثم لفت إلى أنه داخل الحركة المذكورة كما في صفوف مجموعات أخرى “هناك عناصر مندسة يجب محاسبتها”.

في المقابل، ربطت مصادر في حركة “فتح” بين اندلاع الاشتباكات في المخيم نهاية الشهر الماضي بالتزامن مع وصول الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى لبنان، واندلاعها مجددا بالتزامن مع الجولة التي يقوم بها مفوض الساحة اللبنانية في “فتح” عزام الأحمد على القيادات في بيروت. واعتبرت في تصريح لـ”الشرق الأوسط” أن هناك من لا يرحب على ما يبدو بالترتيبات الحاصلة مع السلطات اللبنانية لضبط الوضع في المخيمات على أن يتم ذلك بالتوازي مع تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للاجئين.

وأضافت المصادر “يمكن الحديث للمرة الأولى عن جدية من قبل الدولة اللبنانية في التعاطي مع الملف الفلسطيني، باعتبار أنها لم تعد تحصر التطرق إليه من الزاوية الأمنية”، وتابعت بأن إطلاق الحكومة مطلع شهر شباط الماضي مشروع “التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان” هو الخطوة الأولى باتجاه وضع القطار على سكة الحل.

جدير بالذكر أنه أخّرت الإشكالات الأمنية والتوتر المستمر في “عين الحلوة” الجهود التي كانت مبذولة لبدء تنفيذ الخطة الأمنية الجديدة داخل المخيم ونشر أكثر من 100 عنصر لضبط الوضع. وقال: “أبو عماد الرفاعي” في تصريحه: “كنا بصدد إتمام الترتيبات النهائية والتحضيرات اللوجيستية والإدارية وتحديد مواقع انتشار العناصر، إلا أن انشغالنا بضبط الأوضاع آخر هذه الخطوات التي يتوجب أن تتم خلال الأيام القادمة”.

وبينما وصفت مصادر فلسطينية ميدانية موجودة في “عين الحلوة” الوضع هناك بـ”المتوتر”، أوضحت في تصريح لـ”الشرق الأوسط” أن 20 عنصرا من القوة الفلسطينية الجديدة بدأوا فعليا عملهم في المقر الرئيسي بالشارع التحتاني في مقر الاتحادات، لافتة إلى أنه يتم حاليا تجهيز مركزين آخرين لاستيعاب باقي العناصر.

ما يستحق الإشارة أن القوى الفلسطينية أعلنت مجتمعة في الخامس من الشهر الجاري الاتفاق على تشكيل قوة مشتركة بعد انفراط عقد القوة السابقة نتيجة خلافات داخلية بين الفصائل. وتتألف هذه القوة الجديدة من 100 ضابط وعنصر، 60 منهم من حركة “فتح” وفصائل المنظمة و40 من “تحالف القوى الفلسطينية” و”القوى الإسلامية” و”أنصار الله”، على أن يتولى المسؤول العسكري في “فتح” بسام السعد قيادتها بدلا عن اللواء منير المقدح. وجرى تعيين أحد القياديين من حركة “حماس” نائبا للرئيس، إلى جانب “هيئة أركان” مؤلفة من ثلاثة ضباط من فصائل المنظمة ومثلهم من “التحالف” وضابط من “القوى الإسلامية” (“عصبة الأنصار” و”الحركة الإسلامية المجاهدة”)، إضافة إلى ضابط من حركة “أنصار الله”، على أن تتحمل حركة “فتح” كما كان يحصل في السابق 80 في المائة من تكاليف هذه القوة و”حماس” و”الجهاد الإسلامي” 20 في المائة من المصاريف.

وفي تفاصيل الأحداث الأمنية التي شهدها المخيم في الساعات القليلة الماضية، قال شهود عيان إن إشكالا فرديا اندلع بين عنصر من “فتح” وعنصرين من “جند الشام” أدى لمقتل شخص وإصابة اثنين. وما لبث أن تطور لإطلاق نار بين العناصر المنتشرة في حي الطوارئ، حيث تنتشر العناصر المتشددة وحي البركسات حيث الانتشار الأساسي لحركة “فتح”. واحتدمت الاشتباكات بعد اغتيال عنصر من حركة “فتح” داخل سوق الخضر. وشهد المخيم طوال ساعات ليل الخميس إطلاق نار كثيف وإطلاق قذائف آر.بي.جي، إضافة إلى إلقاء قنابل يدوية.

وبينما بادر “الأمن الوطني الفلسطيني” إلى تسليم أحد المشاركين في الاشتباكات إلى مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب، أفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” بأن القوى السياسية الفلسطينية في “عين الحلوة” عقدت اجتماعا طارئا يوم أمس، أدانت خلاله ما جرى “لما له من انعكاسات سلبية على أهلنا في المخيم والجوار”، واتفقت على “سحب جميع المسلحين، خصوصا من منطقة السوق”.

الى ذلك، وفي قراءة عسكرية لـ”الجمهورية” لاحظت مصادر مواكبة للملف الفلسطيني تزامُن التوتير في المخيّم مع بدء القوّة الأمنية المشتركة تنفيذَ مهمّاتها، إضافةً إلى ارتباطه باستحقاقات داخل قيادة “فتح” في رام الله، وربّما ضرب الاتفاقِ الذي أنجزته الدولة مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. أمّا ما هو أخطر فيَكمن في إشعال هذا التوتّر عشية انعقاد القمّة العربية.
وأكّدت المصادر التخوّف الأمني ممّا يَحدث، وسط حديث عن تمويل بعض الدول الإقليمية لبعض المجموعات لتتحرّك لإرسال رسائل إقليمية لتصفية حسابات على الساحة اللبنانية. من هنا يكمن الخطر من استخدام ورقة الإسلاميين المتشدّدين والملف الفلسطيني في هذا الإطار.