IMLebanon

“الفيتوات المتبادلة” أقصر الطرق الى “تمديد الضرورة”

 

ثمة انطباعٌ في بيروت بأن الانتخابات النيابية، المعلّقة منذ الـ 2013 على حبل الصراع اللاهب في سورية، لن تجري في الـ 2017 ما دام الصراع في سورية و«أخواتها» من الساحات الأخرى في المنطقة على أشدّه، وبلوغه منعطفاتٍ جديدة، العلامةُ الفارقة فيها، صعود «نجم» المواجهة الأميركية – الإيرانية في أعقاب دخول دونالد ترامب البيت الأبيض.

فرغم العواصف الكلامية اليومية في بيروت حول قانون الانتخاب وصِيَغه، واشتدادها مع اقتراب الموعد المفصلي (منتصف ابريل الجاري) للاتجاه نحو الاتفاق على قانونٍ جديد أو التمديد «المرحلي» للبرلمان أو الجنوح نحو الفراغ، فإن الحصيلة الأهمّ هي ان «الاوعية المتصلة» بين الواقعيْن الداخلي والاقليمي تشي بأن لا انتخابات نيابية في لبنان في السنة الحالية.

وفي تقدير أوساط واسعة الاطلاع في بيروت ان إرجاء تلك الانتخابات بقرارٍ ضمني من أطراف مختلفة مردّه إلى أمريْن:

الأول: أن أيّ انتخابات في لبنان لا بدّ من أن تعكس توازناتٍ في السلطة العتيدة تلاقي الوقائع الاقليمية التي لم تتضح بعد في ضوء استمرار الصراع حول «سورية الجديدة»، وهو الأمر الذي يفسّر صعوبة التوصل الى تسويةٍ في بيروت تتيح الوصول الى قانون انتخاب يصوغ التوازنات الجديدة في إدارة الحكم وخياراته الخارجية.

الثاني: الاعتقاد السائد بأن المنطقة تتجه نحو صيف ساخن على وقع التوجهات الاميركية الجديدة التي تضع في رأس أولوياتها طرْد النفوذ الإيراني من المنطقة وإضعاف أذرعه، وهو ما يجعل المواجهة الاميركية – الايرانية بالواسطة أحد الاحتمالات المرجّحة، بعدما أصبح «المارينز» في سورية وتعاظمتْ لهجة التحدي بين «حزب الله» الذي يلوّح بصواريخه، وبين اسرائيل التي تفاخر بـ«مقلاع داود».

وسط هذه التقديرات، بدا أن سيناريو «ترحيل» الانتخابات النيابية في لبنان عبر «تمديد الضرورة» للبرلمان الحالي يشقّ طريقه من خلف ظهر الغبار الكثيف في معركة «الكرّ والفرّ» حول قانون الانتخاب وطبيعته ودوائره ومواقف الأطراف منه، وما يرافقها من منازلاتٍ ذات طبيعة سياسية طائفية، ومناوراتٍ للتعمية على الاعتقاد السائد بأن الاطراف الوازنة غير جاهزة لاستحقاقٍ لا يمكن عزْله عن الصراع الأعمّ في المنطقة.

وملامح هذا السيناريو صارت أكثر وضوحاً مع دفْع رئيس البرلمان نبيه بري «كرة النار» إلى أحضان الحكومة التي يحمّلها مسؤولية إيجاد المخرج لتفادي المأزق الخطر، إما بالاتفاق على قانون انتخابٍ جديد، وإما التفاهم على «فذلكة» التمديد، وهو قال في هذا السياق ان السقف هو 15 ابريل الجاري، «فإذا لم نصل الى قانون سندخل في ما هو أصعب وأخطر ونصطدم بخيارين كلاهما أسوأ من الآخر إما التمديد تحت عنوان الضرورة وإما الفراغ».

واستباقاً لرفْضٍ محتمل من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لتمديدٍ يشكل انتكاسة مبكّرة لعهده، دأب بري على التحذير من خطر الفراغ «الأمر ليس مزحة فهو لا يبقي لا دولة ولا مؤسسات، لا برلمان، لا حكومة، لا رئاسة جمهورية ولا اي شيء آخر»، من دون أن ينسى التلويح بأنه «قد يقول البعض بالذهاب الى مؤتمر تأسيسي، وهذا البعض ينسى ان المؤتمر التأسيسي خراب للبلد».

ورغم أن «حزب الله» شريك بري في «الثنائية الشيعية» كان أول مَن رمى فكرة «المؤتمر التأسيسي» في التداول، فإن أوساطاً سياسية رأت في استحضار بري لـ «خطرها» محاولةً لـ «الردّ بالمثل» على ما كان اعتبره اخيراً «محاولة انقلابية من شأنها ان تطيح بكل شيء في البلاد»، في إشارة مضمرة الى ما يحيكه رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل من صيغ لقوانين انتخاب تضمر إمساك الثنائية المسيحية، «التيار» و«القوات اللبنانية»، بخيوط اللعبة السياسية عبر الفوز بالثلث المعطل في البرلمان.

ولم تتعاطَ الأوساط السياسية مع معاودة إخراج بري «أرنب» مشروع سابق من جيْبه كان طرحه ويقوم على انتخاب أعضاء البرلمان مناصفةً وفق قانون مختلط نسبي وأكثري، على أنه تطوّر يوحي بمخرجٍ ما من المأزق، خصوصاً أن «حزب الله» جدّد امس تمسُّكه باعتماد النسبية الكاملة على اساس لبنان دائرة واحدة او دوائر متوسطة. وقال رئيس كتلته البرلمانية النائب محمد رعد: «ان فريقاً وازنا في البلاد وافق على طرح النسبية مع الدوائر المتوسطة»، معلناً «ان قانون الانتخاب سينجز خلال أيام، واننا في ربع الشوط الأخير من إنجازه».

ورغم «تفاؤل» رعد بقرب إنجاز قانون انتخابٍ يتمسّك به «حزب الله»، فإن الخط الأحمر الذي رسمتْه الثنائية المسيحية في وجه النسبية الكاملة مهما اختلفتْ دوائرها، يوحي بأن «الفيتوات المتبادلة» ستكون أقصر الطرق الى «تمديد الضرورة» الذي يروّج له بري كخيارٍ أقلّ سوءاً من الأسوأ، أي الفراغ.