IMLebanon

تقرير IMLebanon: واشنطن تقتحم المعادلة السورية عبر “التوماهوك” والروس قد يبيعون الأسد!

 

تقرير رولان خاطر

عكست الضربة العسكرية الأميركية لمطار “الشعيرات” السوري نهجاً مختلفاً وتطوراً في مسار السياسة الأميركية مع الرئيس الجديد دونالد ترامب.

المحلل العسكري والاستراتيجي العميد المتقاعد ناجي الملاعب شرح لموقع IMLebanon عن تداعيات الضربة الأميركية، وتأثيرها مستقبلا في تطورات الأزمة السورية، فذكّر بأنه بعد استنفاد كل الوسائل لوقف الهجمات بغاز السارين في سوريا بدءا من العام 2013 بعد قرار مجلس الأمن الذي أجاز استخدام القوة واللجوء الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى أنه في شباط الفائت من هذا العام وثقت القوة الدولية استخدام غاز السارين والكلور في سوريا من قبل النظام، فتقدمت الأمم المتحدة والدول الغربية مرات عدة بقرار يدين هذا الاستخدام، إلا أنه كان يتعطّل بفعل “الفيتو” الروسي، لذلك، كان على الادارة الأميركية الجديدة التخلي عن “الديبلوماسية الناعمة” التي طبعت عهد باراك أوباما  واللجوء إلى “القوة الصلبة”، مؤكدا ان واشنطن كانت امام امتحان وقد اجتازته بنجاح.

أهميّة القرار الأميركي

الاعلامية في الـLBCI والمتخصّصة بالشأن السوري ريما عسّاف، أكدت لـIMLebanon أن الضربة الأميركية أسست لمشهد مختلف في سوريا. فقصف مطار “العشيرات” هي الضربة الأميركية الأولى للنظام السوري منذ بدء الحرب في سوريا، وهو بحدّ ذاته يعتبر تحوّلاً في السياسة الأميركية، وهذا يؤشر لشيء ما، بحسب عسّاف، التي رأت أن إدارة الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب كانت تنتظر شيئا ما لتبرّر العمل العسكري، فجاء الهجوم الكيميائي في “خان شيخون” ليعطيها هذه الحجة، معربة عن اعتقادها بأنّ هذه العملية تتخطى حدودها العسكرية.

وتشير عسّاف إلى أن أحد التحاليل المطروحة أنّ هناك لعبة استخباراتية دولية استدرجت النظام وورطت الجيش السوري في خان شيخون للوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم، خصوصاً أن النظام لم يكن بحاجة لعملية “خان شيخون”، فهو استرد ما خسره في حماه، و”خان شيخون” لم تكن لتضيف شيئا على رصيده.

من جهته، يؤكد ملاعب أن القرار في أميركا اليوم هو بيد وزارة الدفاع وليس بيد “الديبلوماسية الناعمة”، خصوصا أن الإدارة الجديدة تختلف بشكل جوهري عن سابقتها، فالمسؤولون والجنرالات المتواجدين إلى جانب ترامب لهم باع طويل في شؤون المنطقة من أفغانستان إلى العراق ومنطقة الشرق الأوسط بكاملها، وخبروا المنطقة جيدا، ويعرفون التعاطي مع وضع المنطقة بشكل حازم.

ملاعب لفت إلى أن أهمية الموقف الأميركي اليوم أن له غطاء عالمي ويتمتع بالمشروعية الدولية، خصوصاً انه ثبت أن هناك استخداماً لغاز السارين، وروسيا بنفسها اعترفت بأن النظام السوري قام بقصف أمكنة تواجد غاز السارين فيها، علماً أن جميع الخبراء العسكريين كما يؤكد ملاعب، يعلمون تماماً ان قصف أي مستودع أو مكان يتواجد فيه غاز السارين، لا يمكن أن ينتشر ويسبب المآسي والويلات التي تسبّب بها، بل إن ما يسبب هذا الكمّ الفظيع من الضحايا هو إطلاق صواريخ تحمل رؤوسا سامة، تختلط مع مواد أخرى سامة، تسبب هذا الضرر الكبير للإنسان، وما حصل في “خان شيخون” الدليل الثابت على ذلك.

من جهتها، تقول عسّاف: “في المرة السابقة عندما امتنع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عن القيام بأي عمل عسكري بوجه النظام السوري على خلفية “مجزرة الغوطة”، كانت تبريراته أنه لا يستطيع الحصول على موافقة الكونغرس ولا على موافقة مجلس الأمن، في حين أن ترامب أقدم على هذه الخطوة بمعزل عن مجلس الأمن “العاجز”، ومن دون أخذ موافقة الكونغرس، مع العلم، ان عددا كبيرا من الجمهوريين والديموقراطيين في الكونغرس يؤيدون هذه الضربة، مما يعطي ترامب اجماعا أميركيا، ويقوّي موقفه في حال قرّر مستقبلا التصعيد بوجه النظام”.

 

 

مطار الشعيرات

 

الرسالة لمن؟

الأكيد، أنه من الناحية الاستراتيجية، موضوع خروج الأسد من السلطة ليس مطروحاً اليوم، والوجود الروسي ضمانة لبقائه، بحسب ملاعب، الذي اعتبر أن انجاز الرئيس الأميركي هو أن وضع حدا لاستخدام الأسلحة المحظرة دولياً كأسلحة الدمار الشامل والكلور وغاز السارين وغيرها، ولم يعد باستطاعة النظام السوري القيام بهذه الخطوة التي قد يدفع ثمنها كبيراً، وبالتالي فإن جزءاً من الرسالة الأميركية هدف إلى وقف استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.

وبحسب ملاعب، فإن الرسالة تطال أيضاً الجيش السوري والتضيق عليه أكثر في المرحلة المقبلة، خصوصاً أن دوره أصبح دفاعيا في المناطق التي يتواجد فيها، ولا يستطيع حتى ان يحمي وجوده إلا بدعم بري من قوات ايرانية وقوات حليفة له.

الحدّ من دور الطيران السوري، الذي أصبح معزولاً بعد قصف ثاني أكبر المطارات العسكرية في سوريا، وبالتالي عزل دوره مستقبلا.

أما الاعلامية عسّاف، فاعتبرت أن الضربة العسكرية شكلت:

رسالة مباشرة للايرانيين، لأن قاعدة “الشعيرات” محسوبة على الايرانيين، ومنها يُخطط لكافة العمليات في سوريا والعراق.

طبيعة العمليات العسكرية الآتية إلى سوريا في المرحلة المقبلة ستكون مختلفة عن المرحلة التي سبقت.

ملاعب طرح أسئلة عدة بشأن تداعيات العملية، وعلق في هذا الإطار على الرد الروسي، الذي أعلن أنه يتم تعليق سلامة الطيران في سوريا، فسأل: هل نحن امام مباحثات جديدة حول الأجواء السورية؟ هل سيتم حظر طيران النظام السوري فوق مناطق معينة، وبالتالي خلق آمنة كما تنادي تركيا وكما وضعها البنتاغون كخيار من خياراته؟ هل نحن أمام مناطق جديدة تستوعب التهجير من الرقة ومن دير الزور؟

العملية الأميركية أعطت ارتياحاً وزخماً للمعارضة السورية، بحسب عسّاف، التي اشارت إلى أن هذه المعارضة باتت تأمل في أن يسمح الكونغرس في الأيام الآتية بإمدادها بالسلاح كمّاً ونوعاً. كما أعطت العملية نوعا من الضوء الأخضر للدول الداعمة للمعارضة كدول الخليج وتركيا وغيرها، لأن تعاود النظر بسياستها تجاهها، وتستأنف دعمها السياسي والعسكري.

العملية العسكرية حملت معان سياسية، فقد أدخلت واشنطن بقوة إلى المسار السياسي للحرب السورية، وبالتالي سنشهد حضوراً أميركياً لافتاً في اي مفاوضات مقبلة في جنيف أو آستانة أو غيرها.

ومن تداعيات العملية العسكرية على “الشعيرات”، توقعت عسّاف أن يعطي الأميركيون الضوء الأخضر لاسرائيل لضرب مواقع تابعة لـ”حزب الله” وإيران في سوريا، انطلاقا من إصرار ترامب على تحجيم ايران في المنطقة.

ردود الفعل

بالنسبة لرد الفعل الايرانية، يؤكد ملاعب أن ايران مشغولة بالمدافعة عن المناطق التي تهاجمها المعارضة، ويقتصر دورها في الحفاظ على أماكن سيطرة الجيش السوري، وبالتالي ليس بمقدورها القيام بأي خطوات عسكرية معينة.

أما بالنسبة إلى روسيا، فاعتبر أنه بعد العملية العسكرية فإن روسيا ستعود إلى “الديبلوماسية الناعمة”.

الاعلامية عسّاف تقول: “بالنسبة للروس، المصلحة الاقتصادية تتقدم على خيارات عدة، على ضوء الأزمة التي يعانون منها، وبالتالي اذا حصل الروس على مكاسب اقتصادية وسياسية وعسكرية مهمة في سوريا، قد يبيعون الأسد في هذا المقابل.

وأضافت: “ما لم يتحقق بالقوة العسكرية قد يتحقق بالمغريات الاقتصادية والحفاظ على المصالح الاستراتيجية والاقتصادية لموسكو، خصوصا أن الخطاب الأميركي في الادارة الجديدة يشدد على الانخراط في مسار سياسي يؤدي إلى رحيل الأسد على عكس الكلام الذي صدر أخيرا وهو أن الأسد ليس أولوية لدى واشنطن”.

استخدام صاروخ “توماهوك” على مطار “الشعيرات” كان مدروساً، لأن صاروخ “توماهوك” متميز بدقة إصابته لهدفه، فهو لا يخطئ هدفه، وإطلاق 59 صاروخاً يعني إصابة الأميركيين 59 هدفاً من دون خطأ، لكن مع إضافة الانزال الجوي الذي قامت به القوات الخاصة الأميركية في الطبقة، يكون أصاب الأميركيون الهدف رقم 60، الأمر الذي يطرح تساؤلات عدة، وأهمها، هل عاد “المجد” الأميركي إلى الشرق الأوسط؟.