IMLebanon

اتساع الاعتراضات على مشروع باسيل التأهيلي

كتب وليد شقير في صحيفة “الحياة”:

يسعى رئيس الحكومة سعد الحريري إلى استعجال الاتفاق على قانون الانتخاب الجديد ضمن مهلة الشهر التي أتاحها تعليق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اجتماعات البرلمان منعاً لإقرار قانون التمديد، إلى درجة أن بعض المتصلين به قالوا إنه أمل بوضع مشروع القانون الأخير الذي أعده رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل على جدول أعمال جلسة يعقدها مجلس الوزراء الأربعاء المقبل بعد أن تُذلل الاعتراضات عليه خلال عطلة عيد الفصح الممتدة حتى الإثنين المقبل.

إلا أن الاعتراضات على هذا المشروع كثرت، بحيث إن توقع التوافق على القانون وإقراره في الحكومة لإحالته إلى البرلمان لإنجازه قبل الجلسة النيابية التي دعا إليها بري في 15 أيار المقبل للبتّ بتمديد ولاية النواب تفاديا للفراغ في السلطة التشريعية، صادف عراقيل عدة.

وكان مشروع باسيل الأخير تضمن اعتماد الأفكار الآتية على أساس نظام مختلط بين النسبي والأكثري لكن على مرحلتين:

– الأولى: اعتماد النظام الأكثري على مستوى القضاء (الدوائر الصغرى موزعة على 24 قضاء وتقسيم بيروت دائرتين بدل ثلاث، ما يجعل الدوائر 26) في انتخابات لتأهيل اثنين من المرشحين عن كل مقعد نيابي على أن ينتخب المقترعون المسيحيون المرشحين المسيحيين، وأن ينتخب المقترعون المسلمون المرشحين المسلمين.

– الثانية: أن يقترع الناخبون في 10 دوائر انتخابية من أجل المفاضلة بين واحد من المرشحين الأولين اللذين يكونان قد تأهلا في المرحلة الأولى لكل مقعد نيابي، على النظام النسبي، مع حق الصوت التفضيلي للناخب لمصلحة المرشح الذي يفضله في القضاء الذي ينتمي إليه. وحدد مشروع باسيل الدوائر الـ10 باعتماد المحافظات الثماني الحالية، مع تقسيم جبل لبنان دائرتين، بحيث يصبح قضاءي الشوف وعاليه دائرة مستقلة عن جبل لبنان كلاً، وتقسيم بيروت دائرتين، واحدة تجمع المصيطبة والمزرعة وعين المريسة ورأس بيروت، وأخرى تضم الأشرفية والمدور والرميل والمرفأ.

ملاحظات المعترضين

لكن هذا المشروع الذي لقي قبولاً من رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي أبدى ملاحظة وحيدة عليه هي تفضيله أن يكون التنافس في المرحلة الثانية بين 3 مرشحين يكونون تأهلوا في المرحلة الأولى بدلاً من اثنين، واجه اعتراضات من فرقاء عدة، كل لسببه كالآتي:

1- الحزب التقدمي الاشتراكي: تقول مصادره إن الحريري سعى لإقناع رئيسه وليد جنبلاط حين التقاه الثلثاء الماضي بالمشروع، مرجحاً أن يضمن هذا القانون للحزب بقاء كتلته النيابية كما هي، فاستمهله الأخير ريثما يتشاور مع فريقه، ثم أوفد ليل الثلثاء من يبلغه رفضه التأهيل على مستوى القضاء بانتخاب كل طائفة مرشحيها، معتبراً أنه يضرب الشراكة في الجبل بين المسيحيين والدروز والسنة. وهو ما غرد به يوم الخميس، بعد أن اجتمعت كتلة «اللقاء النيابي الديموقراطي» واتخذت «قراراً نهائياً» برفض المشروع. وأوضحت مصادر الاشتراكي لـ «الحياة» إن التأهيل الطائفي «ينسف كل ما تحقق في الجبل المختلط بين طوائف عدة، من مصالحة وترسيخ للعيش المشترك والشراكة بين مختلف العائلات. وهذا أمر يهمنا أكثر من نائب بالزائد أو بالناقص. وأبلغنا الرئيس بري بهذا الموقف أيضا. وهو تفهم ذلك».

2- الرئيس بري: قالت مصادره إنه مع سبْق اقتراحه فكرة التأهيل بالاقتراع الطائفي، تجاوباً مع حجة الفريق المسيحي بأن عدداً من النواب المسيحيين يفوزون بأصوات غير المسيحيين، فإنه يرى أن يتأهل للمنافسة من يحصل على 10 في المئة من الأصوات في المرحلة الأولى، بدلاً من حصرها بالمرشحَين الأولين، وهذا ما دفعه إلى القول: «أنا اقترحته لينتج نقانق وغيري أخرج منه خنزيراً». كما أن بري يرى أن حصر الصوت التفضيلي للناخب بالقضاء هو التفاف على النسبية ويلغي مفعولها.

3- إن «القوات اللبنانية» لم تبد حماسا للمشروع لاعتراضها على حصر المنافسة في المرحلة الثانية بالمرشحين الأولين مطالبة بأن تكون بين ثلاثة، وعلى الدوائر الانتخابية خصوصاً في الشمال في المرحلة الثانية وعلى حصر الصوت التفضيلي بالقضاء.

4- اشترك «حزب الله» مع المعترضين على حصر المنافسة بين اثنين من المؤهلين في المرحلة الأولى ووافق بري على أن تكون بين من يحصلون على نسبة 10 في المئة من أصوات المرحلة الأولى. ويقول المتصلون بقيادة الحزب لـ «الحياة» إنه فضل عدم تعميق الخلاف مع حليفه «التيار الوطني الحر» في شأن هذا المشروع في ظل تراكم التباينات حيال عدد من القضايا وأهمها التمديد للبرلمان بعد دعوة بري لجلسة الخميس الماضي، وكان الحزب ينوي تأييد اقتراح القانون الذي طرح في هذا الصدد، وفي رفضه التصويت على القانون في مجلس الوزراء وحول رفض الفراغ النيابي. إلا أن عدداً من حلفاء الحزب تولوا التعبير عما يريد قوله في شأن مشروع باسيل، بدءاً بالمؤتمر الصحافي للوزير طلال أرسلان الذي اعتبر أنه يسبب فرزاً طائفياً. وانتقد الأخير، وكذلك غيره من الذين يظهرون على الشاشات ويعبرون عن رأي «حزب الله» أنه يكرس كونفدرالية الطوائف بدلاً من أن يعزز العيش المشترك. ومن بين حلفاء الحزب المعترضين على المشروع «تيار المردة» برئاسة النائب سليمان فرنجية، والحزب السوري القومي الاجتماعي والمجموعات في الشمال والبقاع وبيروت.

فرصة الشهر … والكباش

إلا أن ما يُجمع عليه الفرقاء الذين يدلون بملاحظاتهم حياله أنه يحرم العديد من اللبنانيين من مبدأ المساواة الدستوري، إذ إنه يحرم أكثر من 100 ألف لبناني من التصويت في المرحلة الأولى في الدوائر التي تقتصر المقاعد فيها على طائفة وتضم ناخبين من طائفة أخرى. ويسأل هؤلاء: ما دور الناخبين المسيحيين في دوائر صيدا وبنت جبيل وصور والنبطية والمنية- الضنية، وهل يعقل حرمانهم من الاقتراع لمن يجب تأهيلهم للمرحلة الثانية لأن لا مقاعد لنواب مسيحيين في هذه الدوائر؟ والسؤال نفسه يطرح حول ناخبين مسلمين في بيروت الأولى- الأشرفية وجزين والمتن الشمالي وكسروان وزغرتا والبترون والكورة، حيث لا مقاعد لنواب مسلمين في هذه الأقضية.

وتتوقع مصادر نيابية أن تشهد فرصة الشهر الفاصلة مع موعد الجلسة النيابية في 15 أيار كباشاً مكرراً، حول القانون، يحمل معه مخاطر عدم إنجازه، ويحول دون أن يتم هذا التمديد مقترناً بقانون جديد فتكون فرصة الشهر التي أتاحها استخدام عون صلاحيته الدستورية بتعليق اجتماع البرلمان تفادياً للتمديد سنة، قد ضاعت. وتقول هذه المصادر إن هناك توجهاً عند «التيار الحر» نحو الإفادة من التسوية على رئاسة عون من أجل تضخيم حجم التيار النيابي، مستفيداً من أن الحريري حريص على مسايرة رئيس الجمهورية، ومن التحالف مع «القوات».

وتشير مصادر نيابية متعددة إلى أنه طرحت بدائل للأفكار التي اقترحها باسيل، منها الانتقال إلى تطبيق اتفاق الطائف بانتخاب برلمان خارج القيد الطائفي على أن ينتخب مجلس للشيوخ بتمثيل طائفي، إلا أن الوزير باسيل طالب في حال اللجوء إلى هذا الخيار أن يكون هناك تعهد خطي موقع من الأطراف بأن تكون رئاسة هذا المجلس للمسيحيين.

وتقول المصادر إن بري لم يقبل بهذا الطلب، معتبراً أن رئاسة مجلس الشيوخ لا تتم مقاربتها بهذا الشكل، وأنه يميل إلى إسناد رئاسته للطائفة الدرزية، على رغم أن باسيل أوحى بإمكان إرضاء قادتها بإسناد نيابة رئاسة الحكومة أو البرلمان إليها. لكن المصادر رأت في ذلك مونة على الطائفة الأرثوذكسية التي يعود إليها هذان المنصبان.

واعتبرت المصادر أن هذا المنحى في النقاش على مشروع قانون الانتخاب لن يقود إلى اتفاق عليه. وهذا يضع الوعود بإنجازه قريباً في مجلس الوزراء في مهب الريح.