IMLebanon

التعقيدات تحاصر صيغة “التأهيل”

 

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

رغم رسالة الطمْأنة التي وجّهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امس، من الصرح البطريركي في بكركي الى اللبنانيين بأنه «سيكون لكم قانون انتخاب جديد»، فإنّ مسار الأيام الأربعة التي تلتْ التوافق على تأجيل «كأس» التمديد للبرلمان بمعزل عن إقرار هذا القانون، لا يشي بأن الفترة الفاصلة عن 15 مايو ستسمح بالتوافق على مَخرج يُنزِل القوى الرئيسية من على «الأشجار» التي صعد كلٌّ منهم عليها في سياق «التدافع الخشن» لاستيلادٍ قانونٍ يُعتبر مفصلياً في الواقع اللبناني وغالباً ما شكّل «صاعقاً» لتوتراتٍ طبعتْ مراحل صعبة من تاريخه، وهو الذي شكّل أحد أبرز أركان «المسرح السياسي» لجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري قبل 12 عاماً ونيّف.

وإذا كانت الأيام التي تلت استخدام عون المادة 59 من الدستور التي علّق بموجبها عمل البرلمان لمدة شهر، شكّلت ما يشبه «الاستراحة» بفعل عطلة عيد الفصح، فإن معاودة إدارة محركات الاتصالات بقوة ابتداء من يوم غدٍ حول صيغة «التأهيل» التي اقترحها رئيس «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) وزير الخارجية جبران باسيل ستركّز على محاولة «تفكيك» الاعتراضات عليها والتي تتوالى من الحلفاء الأقربين كما الأبعدين، وتتركّز على: أولاً رفْض النائب وليد جنبلاط الكامل لهذه الصيغة لما تتضمّنه من مبدأ الانتخاب الطائفي في مرحلة التأهيل على القضاء حيث ينتخب المسيحيون مرشحين مسيحيين بالاقتراع الأكثري والمسلمون مرشحين مسلمين. وثانياً عدم تسليم «تيار المستقبل» (الرئيس سعد الحريري) ولا رئيس البرلمان نبيه بري بتأهُّل أول مرشحيْن عن القضاء الى مرحلة الانتخاب الوطني بالاقتراع النسبي، إذ كان «المستقبل» يحبّذ تأهُّل الثلاثة الاوائل فيما بري ذكّر بأنه سبق ان طرح مع شريكه في الثنائية الشيعية «حزب الله» نسبة تأهّل 10 في المئة. وثالثاً ملاحظات «القوات اللبنانية»، شريكة «التيار الحر» في الثنائية المسيحية، على صيغة باسيل خصوصاً لجهة بعض الدوائر في النسبي او الإصرار على أن يكون الصوت التفضيلي محصوراً بالقضاء.

وفي حين تتّجه الأنظار إلى جلسةٍ يمكن أن تعقدها الحكومة في اليومين المقبلين لمناقشة قانون الانتخاب انطلاقاً من صيغة باسيل، فإن أوساطاً سياسية رسمتْ عبر «الراي» لوحة معقدة لمسار قانون الانتخاب بعدما حملتْ «المواجهة التي أُرجئت» الاسبوع الماضي خلاصتيْن: الاولى تثبيت الثنائي المسيحي أن التمديد لن يحصل بلا قانون، وان «بروفة الغضْبة» عشية جلسة 13 ابريل كافية لفرْملة اي اندفاعة في هذا الاتجاه. والثانية تأكيد الثنائي الشيعي، المتمسك بالنسبية الكاملة، ان الفراغ ممنوع وان التمديد أرجئ وسيحصل في 15 ايار سواء بقانون جديد إذا جرى الاتفاق عليه أو من دونه.

وحسب الأوساط، فإن كل فريق يعتقد أنه ثبّت انطلاقاً من «خطّ الدفاع الجهومي» قاعدة للتفاوض في المرحلة الفاصلة عن منتصف مايو، للوصول الى قانونٍ يريده الثنائي المسيحي مصحِّحاً للتمثيل ويضمن له كتلة وازنة في البرلمان وبإمكانها التحكّم بمسار الانتخابات الرئاسية المقبلة، فيما يسعى الثنائي الشيعي الى ان يحمي «ورقته الرئاسية» الرئيسية اي النائب سليمان فرنجية وحلفاءه من الأحزاب الأخرى وذلك بما يَضمن له ولادة برلمانٍ لا يتمتع أي مكوّن طائفي فيه بأكثرية «معطّلة» كما يوفّر له قدرةً على إحكام الإمساك بزمام اللعبة السياسية الداخلية.

وبعدما كان هذا المسار حُكم بأن ينتهي في 15 ايار بواحد من نتيجتين: إما التمديد من ضمن قانون جديد او التمديد بلا قانون، فإن عودة التداول بقانون الستين الذي أُجريت على أساسه انتخابات 2009 والذي أَسقط رئيس الجمهورية المهل الدستورية التي تسمح بإنجاز الاستحقاق بموجبه قبل انتهاء ولاية البرلمان في 20 حزيران، يشي إما بأن الأمر هو في سياق لعبة «عض الأصابع» المستمرة، وإما انه فعلاً المَخرج الذي يمكن أن يشكل منْفذاً من المأزق.

وترى الأوساط السياسية في هذا السياق، أن التلويح بقانون الستين الذي أسقط البطريرك الماروني الكادرينال مار بشارة بطرس الراعي «الحُرم» عنه قبل اربعة ايام بتفضيله اياه على الفراغ او التمديد، يُستخدم في اتجاهين: الأوّل لتطويق الثنائي المسيحي بأنّ الإمعان في طروحاتٍ تلتفّ على النسبية الكاملة لن توصل في النهاية إلا الى «الستين»، سواء انتهت ولاية البرلمان من دون لا قانون جديد ولا تمديد، إذ عندها لا يعود في إمكان البرلمان التشريع ما يوجب إجراء الانتخابات خلال 3 اشهر وفق القانون النافذ، او سواء قرر رئيس الجمهورية الطعن بالتمديد بحال حصل في جلسة 15 مايو من خارج قانون جديد لأن المجلس الدستوري حينها يفترض أن يدعو الى انتخابات وفق القانون النافذ.

والاتجاه الثاني لطمأنة الثنائي الشيعي الى أن لا فراغ في البرلمان في حال انتهت الدورة العادية لمجلس النواب في 31 ايار من دون إقرار التمديد ولا قانون جديد، لأن بالامكان في حال لم تنجح مساعي استيلاد قانون قبل 20 حزيران الاستعانة بـ «خرطوشة الستين».

وفي الحالتين، ترى الأوساط السياسية، انه حتى الساعة فإن تعويم خيار الستين يبقى في سياق لعبة «ليّ الأذرع» التي ربّما تدفع إما الى التعجيل في التوافق على القانون الجديد وإما الى توفير مَخرج لتمديدٍ لستة أشهر ينطلق من مسودّة قانون أو مشروع قانون تحيله الحكومة على البرلمان لاستكمال مناقشته وإدخال تعديلات عليه، لافتة الى ان «حزب الله» الذي يعتبر النسبية الكاملة شرطاً لأي قانون من الصعب تَصوُّر ان يسلّم مجدداً بالعودة الى الستين القائم على الأكثري الكامل ضمن دوائر صغيرة والذي من شأنه ان يوفر وصول أكثر من ثلثي اعضاء البرلمان يكونون «خارج سيطرته».