IMLebanon

جريمة قب الياس وانهيار “الدولة”! (بقلم رولا حداد)

 

 

 

كتبت رولا حداد

 

“جريمة مروعة في قب الياس البقاعية: لم تعجبه النسكافيه فقتلهما!”

هو ليس عنواناً لفيلم رعب من إخراج ألفرد هيتشكوك. إنها قصة حقيقية لحادثة حصلت صباح الاثنين 17 نيسان 2017 في لبنان، وليس في أفغانستان أو العراق أو في مجاهل “دولة داعش”.

هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها، وقد يسارع البعض إلى القول إن جرائم مماثلة تحصل في كل دول العالم، وأن الخلفيات فردية وليست سياسية، وإلى غيرها من التبريرات لتسخيف ما حصل. وقد يكون جزءًا من هذه التبريرات صحيحاً، ولكن الفارق الأساس يكمن في أن في كل الدول قانوناً يتم تطبيقه، وأن مواطني تلك الدول يهابون القانون على عكس ما يحصل في لبنان.

ففي وطننا سقطت هيبة القانون وتلاشت سطوة “الدولة”. المجرم في قب الياس لم يفكّر للحظة في “الدولة” والقانون. أحسّ بفائض قوة لأنه يحمل مسدساً، ولا ندري لماذا على ابن الـ24 ربيعاً أن يحمل على خصره مسدساً حربياً!

مع وجود السلاح تصبح ذرائع الجرائم التي يحتاج إليها “المسلحون” تفصيلاً صغيراً وغير ذي جدوى، لأن منطق القوة يصبح المسيطر وليس منطق القانون. هذا من دون أن ننسى أن مرتكب الجريمة قد يكون “مدعوماً” من شخصية ما أو طرف سياسي ما أو حزب ما، فيعتبر أنه ولو ارتكب جريمة فلن تكون العقوبة رادعة أو متناسبة مع حجم الجريمة.

إنه منطق “اللادولة”. المنطق نفسه الذي سمح خلال معارك مخيم عين الحلوة بنقل مسلحين مدججين بالأسلحة في حافلات مدنية صغيرة من مخيمات في عدد من المناطق إلى مخيم عين الحلوة، وتحت أنظار “الدولة” الممثلة بالأجهزة العسكرية والأمنية الشرعية.

وهو المنطق نفسه الذي سمح لولادة “سرايا العباس” في برج البراجنة قبل أسابيع، من دون أن يقلق أي من عناصرها إزاء احتمال قيام “الدولة” باعتقاله والتحقيق معه والزج به في السجن. وهو المنطق نفسه أيضاً الذي يفكّر به أفراد عصابات الخطف مقابل فدية، ومثال خطف المواطن سعد ريشا في شتورا ماثل في الأذهان، فالتحقيقات في هذا الملف طويت واللبنانيون يدركون أنه لن يتم اعتقال الفاعلين لأنهم “محميون” ومسؤولين في الدولة يفاوضونهم في كل مرة يخطفون شخصاً ما يتسبب في خضة شعبية!

وهو المنطق نفسه أيضاً وأيضاً الذي يحكم “الرؤوس الكبيرة” في العصابات العاملة في هذا البلد، من زراعة المخدرات المتنامية بشكل مذهل، إلى تصنيعها وتجارتها، مروراً بعصابات سرقة السيارات وغيرها. وكل ذلك يعيش وينمو في “بيئة حاضنة” لمنطق “اللادولة”!

في كل تلك الصورة المعقدة تصبح جريمة قب الياس تفصيلاً صغيراً. لا بل يجد اللبناني نفسه في أحيان كثيرة متعاطفاً مع بعض المجرمين والمرتكبين الصغار، لجرائم مثل السرقة أو الاعتداءات البسيطة، على قاعدة رفض أن تكون “الدولة” دولة على “الصغار”، في حين يسرح “الكبار” ويمرحون من دون حسيب أو رقيب!

إن جريمة قب الياس تصلح كعنوان معبّر لانهيار مفهوم “الدولة” في الغابة اللبنانية غير السعيدة حيث تحكم “شريعة الغاب” وليس أي قانون!