IMLebanon

15 أيار للقانون و”الشيوخ”؟

كتب طارق ترشيشي في صحيفة “الجمهورية”

بسقوط المشروع التأهيلي الانتخابي ينصبّ الاهتمام والبحث على مشروع النسبية الكاملة المقرون بمشروع إنشاء مجلس الشيوخ اللذين قدمهما رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الافرقاء السياسيين منتظراً آراءهم لكي يبنى على الشيء مقتضاه في جلسة 15 أيار او بعدها..

فيما تتزايد المؤشرات الى احتمال العودة الى قانون الستين مخرجاً لأزمة الاستحقاق النيابي، ثمة من يعتقد أنّ الطريق الى الاتفاق على قانون انتخابي جديد لم يقفل بعد، وأنه ما تزال هناك فرصة للإنجاز في هذا المجال في قابل الأيام والأسابيع المتبقية من ولاية مجلس النواب التي تنتهي في 20 حزيران قبل اللجوء الى تمديد نيابي جديد يمهّد لانتخابات على اساس القانون النافذ.

ولذلك، يقول بعض المعنيين إنه بعد سقوط المشروع التأهيلي يحتلّ مشروع رئيس مجلس النواب نبيه بري المزدوج (قانون الانتخاب وقانون انشاء مجلس الشيوخ) صدارة البحث على كل المستويات وفي اوساط مختلف الافرقاء السياسيين، وفي حال لم يحصل توافق عليهما فإنّ العودة الى قانون الستين ستصبح الخيار الاكثر رجحاناً والذي لا مفرّ منه للخروج من المأزق الانتخابي.

لكنّ بري يبدي تفاؤلاً في هذا الصدد، خصوصاً انه لمس انّ غالبية الافرقاء السياسيين يؤيدون إنشاء مجلس الشيوخ، الأمر الذي قد يبعث على التفاؤل بإمكان الاتفاق على قانون النسبية الكاملة، خصوصاً انّ الوزير جبران باسيل كان اقترح إنشاء مجلس الشيوخ بالتزامن مع المشروع التأهيلي ـ النسبي ليكون «ضماناً» للمسيحيين، ولكنه أكد في آخر اجتماعات اللجنة الرباعية الاستعداد لتجاوز الانتخاب الطائفي التأهيلي على أساس القضاء الى الانتخاب النسبي على أساس الدوائر الكبرى، في حال الاتفاق على مجلس الشيوخ.

وعلى رغم قلّة التفاصيل عمّا تضمنه مشروع بري المزدوج فإنّ ما رشح من أفرقاء تسلّموه يفيد انّ صيغة قانون الانتخاب تقضي باعتماد النظام النسبي كلياً على أساس لبنان عشرة دوائر انتخابية، أي دوائر كبرى.

امّا ما رشح في شأن مشروع مجلس الشيوخ الذي يؤكد بري انه «متكامل» من حيث تركيبته وصلاحياته، فإنه يشير الى انّ المشروع يقضي بأن تسند رئاسة هذا المجلس مداورة بين الطائفتين الارثوذكسية والدرزية، وانّ الصلاحيات المقترحة للمجلس لا تفتئت بأيّ شكل من الاشكال على الصلاحيات التشريعية والعامة لمجلس النواب الذي هو مصدر كل السلطات وأم جميع المؤسسات الدستورية.

ويكشف معنيون في هذا المجال أنّ النقاش الدائر في الكواليس يتركّز على هذه الصلاحيات بغية الاتفاق عليها، لأنّ المادة 22 من الدستور التي تنص على إنشاء هذا المجلس تنص على الآتي:

«مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثّل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر صلاحياته في القضايا المصيرية». ولم تحدد هذه المادة ماهية «القضايا المصيرية» التي حصرت صلاحيات مجلس الشيوخ بها.

ويشير البعض الى انّ تجاوز ما تنص عليه المادة 95 من الدستور لجهة إلغاء الطائفية وكذلك «انتخاب مجلس نيابي على اساس وطني لا طائفي» الذي ينبغي ان يبنى عليه مجلس الشيوخ قد يفرض اللجوء الى تعديل دستوري لمرة واحدة فقط اذا كان إنشاء هذا المجلس يقلب الآية ويسهّل لاحقاً انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي بعد المجلس الذي قد يتفق على انتخابه بالنظام النسبي.

على أنه وخلافاً لما يروّجه بعض الاوساط من انّ معارضة رئيس الحكومة سعد الحريري التمديد النيابي سجلت نقطة سلبية في ملعب بري العامل على هذا التمديد لتجنيب البلاد فراغاً في السلطة التشريعية، فإنّ بري استوعب بحرفية عالية هذا الموقف جاعلاً من جلسة 15 ايار، جلسة للبحث في مشروعيه لقانون الانتخاب والمجلس الدستوري، ولكن في حال حصلت اي محاولة لإقفال الطريق أمام هذين المشروعين فسيتم اللجوء عندئذ الى قانون الستين النافذ والجاهز لإنجاز الاستحقاق النيابي على امل الاتفاق على قانون انتخاب جديد في المستقبل.

ويؤكد معنيون بالاستحقاق النيابي انّ جهوداً كبيرة تبذل في غير اتجاه لمنع وصول البلاد الى فراغ نيابي، خصوصاً انه اذا حصل سيكون إيذاناً بحصول أزمة رئاسية وسياسية يتمحور حول اطرافها جميع الافرقاء السياسيين بما يدخِل البلاد في انقسام عمودي وأفقي ينعكس على عمل كل المؤسسات شللاً او تعطيلاً ويزيد من الازمات السائدة تعقيداً، خصوصاً اذا ترتب على هذه الازمة سقوط بعض التحالفات ونشوء تحالفات جديدة.

لكنّ سياسيين آخرين يعتقدون انّ مختلف الافرقاء يدركون انّ هناك خطوطاً حمراً لا يمكن تخطّيها، اذ ليس مسموحاً لأيّ اشتباك سياسي ان يعكر الاستقرار العام في لبنان، وليس مسموحاً تعطيل الانتخابات الديموقراطية حتى ولو اضطر الامر الى إجرائها على اساس قانون الستين، فالظروف والذرائع التي سيقت لتبرير التمديد النيابي على دفعتين عامي 2013 و2014 لم تعد مقنعة، وإن وجدت، خصوصاً انّ البلاد خرجت من انتخابات بلدية في العام الماضي كانت بمثابة «الماء التي كذّبت الغطاس»، وقطعت الطريق امام اي مناورة جديدة يمكن للطبقة السياسية ان تلجأ اليها في الانتخابات النيابية.

ولذلك، أيّاً كانت النتائج التي ستسفر عنها اللقاءات والمشاورات الجارية في مشروعي بري وغيرهما، فإنّ الانتخابات ستُجرى بعد فترة تمديد لن تتعدى الخمسة اشهر، وإن كان البعض يتحدث عن إجرائها خلال ثلاثة اشهر بدءاً من 20 حزيران، اي نهاية الولاية النيابية و20 ايلول المقبل.