IMLebanon

صفقة “حزب الله” – “النّصرة” تتقدم.. وهذه بنودها

كتب صبحي منذر ياغي في صحيفة “المستقبل”:

بدأت تلوح في الأفق معالم التوصل الى صفقة ما بين الفصائل السورية المسلحة المتمركزة في جرود عرسال وخصوصاً جبهة «فتح الشام» («النصرة» سابقاً) و«سرايا أهل الشام» من جهة، و«حزب الله» من جهة أخرى، وتقضي بانسحاب المسلحين الى أمكنة يتم الاتفاق عليها، في سياق يشبه ما حصل من مفاوضات واتفاقات سابقة في الزبداني ومضايا والوعر… في سوريا، ولا تستبعد أوساط أن يكون للاغراءات المالية دورها في هذه المفاوضات.

وتؤكد مصادر من داخل عرسال لـ «المستقبل» أن هذه المفاوضات قديمة جديدة، وهي بدأت منذ ثلاثة أشهر، خصوصاً مع بدء حصول تغييرات في المواقف الدولية منذ وصول الرئيس دونالد ترامب الى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الاميركية.

لذا، فان «حزب الله» يحرص أشد الحرص على إنجاح المفاوضات والوصول الى تسوية ترضي الأطراف، خصوصاً وأن موضوع التفاوض لا يبدو خارج السياقات العامة التي يرسمها الحزب في المنطقة، وهي قد تكون ترتيباً مسبقاً لإمكانية إنسحابه من سوريا في المدى المنظور في سياق تسوية اقليمية – دولية قد تشهدها سوريا.

ووفق المصادر ان «سرايا أهل الشام» هي التي تتصدّر عملية التفاوض مع «حزب الله» من خلال مسؤولها في وادي حميد في عرسال أبو طه العسالي، وهو أحد وجهاء القلمون. و«سرايا أهل الشام» كناية عن تجمّع عدة فصائل مقاتلة في منطقة القلمون الغربي في ريف دمشق، وتضم (تجمع «واعتصموا بحبل الله»، «لواء الغرباء»، «لواء رجال من القلمون»، تجمع «القلمون الغربي»، كتائب «شهداء القسطل»، كتيبة «درع القلمون»، كتيبة «شهداء النبك»، كتيبة «ابن تيمة»).

وعلى ذمة البعض، فان «حزب الله» هو الذي اختار التفاوض مع العسالي تجنباً للاحراج من خلال دخوله في مفاوضات مباشرة مع «جبهة النصرة» وقائدها أبو مالك التلي، المطلوب للسلطات اللبنانية.

وكشفت مصادر لـ «المستقبل» أن معظم اللقاءات والمفاوضات حول مصير المسلحين في عرسال تجري بين أبو طه العسالي وقياديين من «حزب الله» في أماكن خاصة ما بين بلدتي اللبوة والبزالية في البقاع الشمالي، وأنه شوهد منذ يومين قيادي في «سرايا المقاومة» المدعومة من «حزب الله» من منطقة برالياس يدعى (م.ق)، يدخل ويخرج سراً من عرسال في اطار مشاركته في المفاوضات الجارية بين الحزب والفصائل المسلحة، عدا عن المساعي التي يقوم بها شخصيات من عرسال ومشايخ مقربة من «حزب الله»، وعلى مسافة متوسطة من الأطراف.

وفق مصادر مطلعة، ان أبرز ما يتضمنه الاتفاق بين المسلحين السوريين و«حزب الله»، هو خروج المسلحين والاهالي من أبناء القلمون من عرسال الى مناطقهم في القلمون (فليطة، جراجير، طفيل، قارة..)، بينما ممنوع على اللاجئين السوريين من أبناء القصير وحمص العودة الى مدنهم وقراهم التي تهجروا منها بل الانتقال الى شمال سوريا أو البقاء في عرسال.لا بل ان الجهة التي تفاوض أبو طه العسالي تحدد أسماء العائلات السورية المسموح لها بمغادرة عرسال الى جهات محددة، وبالتالي ووفق الاتفاق يمنع أيضاً على العائلات السورية التي لها أقارب أو أبناء يقاتلون في صفوف التنظيمات السورية المسلحة («داعش»، «النصرة»، «الجيش الحر»…) في أي مكان في سوريا مغادرة عرسال. وهذا الامر- برأي أوساط عرسالية – قد يحدث مشكلات وخلافات وصراعات داخلية في المستقبل ما بين أهالي عرسال وما تبقى من هؤلاء اللاجئين السوريين، وحتى بين النازحين السوريين أنفسهم، اذ أن هناك فروقات مناطقية واجتماعية في ما بينهم، فسكان مخيم قارة ليسوا على وفاق مثلاً مع سكان مخيم الجراجير، وكذلك مخيم أبناء الشهداء…

لذا يطالب أهالي عرسال من خلال مذكرات يرفعونها الى المسؤولين في الدولة اللبنانية بأنه وفي حال خروج عدد كبير من اللاجئين السوريين من عرسال، يتم نقل ما تبقى منهم خارج البلدة الى مناطق خربة داوود وعجرم التي تقع في منطقة عازلة ما بين الحدود اللبنانية والسورية. وأن خروج المسلحين من جرود عرسال يتيح لأهالي البلدة الصعود الى حقولهم ومقالعهم واستثمار أراضيهم الزراعية وتحسين واقعهم الاقتصادي المتردي.

وفي دردشة مع «المستقبل»، اعتبر أحد فعاليات عرسال سهيل الفليطي أن أهالي عرسال لا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بأي مفاوضات تجري ما بين المسلحين السوريين و«حزب الله»، وأن «العراسلة» يلتزمون ما تقرره الدولة اللبنانية، ويعتبرون أنهم في حماية الجيش اللبناني والقوى الامنية الشرعية، مطالبين بأن يقوم الجيش بالانتشار في الاماكن والمواقع التي سيخليها المسلحون وتثبيت مراكز حماية للبلدة.

واعتبرت أوساط امنية، أن المفاوضات البتي يجريها «حزب الله» مع المسلحين، جاءت نتيجة إدراك قيادة الحزب صعوبة اللجوء الى الخيار العسكري الذي كان مقرراً لطرد هؤلاء المسلحين من جرود عرسال من خلال أمر عمليات حمل اسم «الجبال البيضاء» يقوم به «حزب الله» من الجانب السوري مع جيش نظام الاسد، اذ أنه وفي سياق هذا السيناريو سيفر المسلحون من الجرود باتجاه «عرسال المدينة» لينضم اليهم تلقائياً أعداد من النازحين من سكان المخيمات السورية الذين يصل عددهم الى نحو 90 ألف نازح، وسيدفع هذا الواقع بالجيش اللبناني الى الدخول على خط المواجهة وعودة المعارك الى عرسال، وما لهذا الامر من ترددات سلبية على الواقع اللبناني، وما له من خطورة، وأبعاد مذهبية وردود فعل محلية واقليمية.. لذا فان سيناريو المفاوضات هو أسهل الطرق وأقلها ضرراً وكلفة ويرضي الجميع.

المفاوضات قد اقتربت من نهايتها كما أكد مفتي بعلبك الشيخ بكر الرفاعي في لقاء مع أحد وجهاء عرسال، ومن المتوقع أن يتم اجلاء المسلحين والنازحين بـ «الباصات الخضراء»، من جرود عرسال عبر الطريق الدولية مروراً بالقصير وحمص حتى شمال سوريا… وحدها بلدة القصير ستظل رهينة التسويات المقبلة، وستظل عائلاتها النازحة الى عرسال في حالة ترقب وانتظار.