IMLebanon

معاناة المسيحيين (بقلم بسام أبو زيد)

كتب بسام أبو زيد

يسقط الأقباط المسيحيون شهداء في الكنائس وعلى الطرقات في مصر، ويبدو أن كل التدابير والإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات المصرية لم تنفع في وقف هذه الهجمات، وكأن هناك مخططا لإخراج المسيحيين من مصر، أو لدفعهم نحو مواجهة مع المسلمين يدفعون هم فيها الثمن.

إن واقع المسيحيين المصريين هو صورة عن واقع كل المسيحيين في منطقة الشرق الأوسط حيث يعانون من اضطهاد مستمر ونزيف هجرة قد يفرغ المنطقة من وجودهم.

ففي سوريا يخير المسيحيون بين نظام ديكتاتوري وجماعات متطرفة، وفي حال مواجهة هذين الطرفين أو تأييد أحدهما ضد الاخر سيدفع المسيحيون الثمن، وهذا ما هو حاصل.

في العراق انحدر الوجود المسيحي إلى أدنى مستوياته، فداعش لا توفر فرصة لضربهم والسلطة لا تعير اهتماما لوضعهم ولو أن بعض القرى التي تمت استعادها من داعش هي مسيحية إلا أن العودة إليها تبقى شبه مستحيلة.

إزاء هذا الوضع ماذا يجب على المسيحيين أن يفعلوا؟

في مصر وسوريا والعراق يحتاج المسيحيون إلى الحماية التي يجب أن توفرها لهم الأنظمة هناك، ولكنها حماية يجب ألا تكون على حساب حرية ممارسة شعائرهم الدينية وعيش حياتهم المسيحية وحرية الرأي والعمل السياسي، ولكن هذا لن يكون ممكنا إلا إذا توفرت الإرادة السياسية والقدرة والقرار عند هذه الأنظمة، وبعضها يبدو أنه يريد المسيحيين كبش فداء كي يبقى رافعا لواء الدفاع عن الأقليات ومواجهة الإرهاب.

في لبنان يمكن القول إن الوضع المسيحي أفضل من غيره،إلا مؤشرات كثيرة تدل على أن هذا الوضع قد يكون قابلا للتدهور إن لم يتم أخذ هواجس المسيحيين بعين الاعتبار.

في الحقائق اللبنانية أن الديموغرافيا تتغير بسرعة لصالح المسلمين،وأن مواجهة المسيحيين لهذا الوضع تبدو مستحيلة في ظل عدم وجود ضمانات مستقبلية تتعلق باستمرار المناصفة على الورق أقله، إضافة إلى أن التشدد والتطرف والتكفير يخرقون العديد من البيئات الإسلامية وربما يحين في ظرف ما الوضع المناسب لهؤلاء كي يتحركوا ضد المسيحيين وغيرهم تحت شعارات دينية متنوعة.

إزاء هذا الواقع لا بد أن يجد المسيحيون اللبنانيون سبل الحماية لهم وهي سبل تبدأ بالسياسة من خلال نظام يحفظ خصوصيتهم وهو أمر يفترض بالمسلمين أن يقبلوا به إذا أرادوا للبنان أن يبقى ذو وجه مميز في هذه المنطقة ونموذجا للتعايش، إذ إن هذا التعايش لا يكون بفرض إرادة على أخرى وتهميش مجموعات على حساب مجموعات أخرى،كما يفترض أن يخرج الجميع من المفاهيم السلبية للفدرالية أو للحكم الذاتي، فالتكاذب في هذا المجال لن يستمر طويلا حتى ينكشف.

إن المسيحيين في لبنان وفي المنطقة يعانون، ومن هذه المعاناة لا يمكن أن نحذف من يتواجد منهم في الأراضي المقدسة حيث يعانون التضييق الاسرائيلي، وأن السبيل الأول لإنهاء هذه المعاناة في كل أنحاء الشرق الأوسط هو السلام الذي يتيح لكل المجموعات الدينية والاتنية أن تعيش خصوصياتها وعباداتها بحرية.حرية لن تتحقق إلا بالقضاء على التطرف الذي لا يقبل زجاجة خمر ولا يقبل كنيسة فيفجر ويقتل باسم الدين الآخر.