IMLebanon

علي فضل الله: سلام لبنان ليس لسواد عيون اللبنانيين

 

 

توقع العلامة السيد علي فضل الله بقاء لبنان رهين «المراوحة لتبقى الخلافات السياسية على حالها، أو نبقى في توازنات التسوية الداخلية التي لا غالب فيها ولا مغلوب».

وفي حديث لصحية «الأنباء» الكويتية  قال فضل الله «نحن نرى أن ما ينعم به لبنان من سلام نسبي، ليس لسواد عيون اللبنانيين، ولكن لأنه البلد الذي يستوعب الكمية الأكبر من النازحين السوريين، على الرغم من صغر حجمه، كما أنه مجاور لكيان العدو، فلا يراد له أن يعيش الفوضى الأمنية التي من شأنها أن تنعكس على الحدود مع فلسطين المحتلة، وتؤدي إلى الاحتكاك مع العدو الصهيوني، ولا يراد له أيضا أن يعيش الاضطرابات الأمنية التي قد تنعكس على نحو مليون ونصف مليون نازح سوري، لكي لا يقصدوا أوروبا ويتسببوا في مشاكل لجوء في بلاد الغرب.

أما فيما يخص الأوضاع اللبنانية الداخلية وعمل المؤسسات في البلد، فما يهم العالم هو أن تسير عجلتها كيفما كان، بحيث لا تؤثر في الوضع الأمني، ولا تؤدي إلى الانهيار، ونحن نعتقد أن الانهيار الاقتصادي أو الأمني والسياسي في لبنان، هو من الممنوعات، كما أن الاستقرار الكلي بعيد عن المشهد اللبناني، ولذلك، فإن البلد سيظل رهين هذه المراوحة التي لا يسقط فيها الهيكل على رؤوس الجميع، ولا تستقر فيها الأحوال عند حال.. لتبقى الخلافات السياسية على حالها، أو نبقى في توازنات التسوية الداخلية التي لا غالب فيها ولا مغلوب. وتستمر المعاناة عند كل محطة انتخاب.

وفي هذا السياق، يخشى السيد فضل الله «أن الطبقة السياسية في لبنان لا تريد للبنانيين أن يعيشوا أجواء الاستقرار الحقيقي في هذا الجانب، بل ان يستمر القلق بين مرحلة وأخرى، يتم فيها أخذ الحسابات الذاتية بعين الاعتبار، والأحجام السياسية لهذا الفريق أو ذاك، ولهذه الزعامة السياسية أو تلك، من دون أن يلحظ المصلحة العليا للبنانيين».

ويفترض فضل الله انه «قد يكون من الطبيعي أن يختلف الفرقاء السياسيون في لبنان، في ظل حرص كل فريق على ألا يفقد نفوذه وحجمه، ولكن ليس من الطبيعي أن يستمر هذا الخلاف إلى المستوى الذي ينتظر فيه الشعب لسنوات، ويتم فيه التمديد أكثر من مرة للمجلس النيابي، في الوقت الذي كان اللبنانيون يتغنون بأنهم مثال الديموقراطية الأوضح في المنطقة.

وردا على سؤال عمن يقرر في لبنان في ظل عدم التوافق حول اي مسألة أجاب: «من المفترض أن الذي يقرر هو الشعب اللبناني، وعلى المسؤولين الاستجابة لما يريده ويطالب به، ولكن النظام الطائفي انتزع هذا الحق بطريقة غير مباشرة، وخصوصا عندما تقدمت مصلحة الطوائف على مصلحة الوطن، وعندما بنيت الأسوار لمنع القانون من أن يأخذ مجراه ضد المخالفين له، وضد الفاسدين والمعتدين على حقوق الناس، بحجة أن هذا الأمر يسيء إلى مصلحة هذه الطائفة أو تلك.

وعندما تتقدم الطائفة أو الزعامة على القانون، يتبع الناس زعاماتهم. وبفعل ما يشاع من تناحر طائفي، يدخل القانون في حالة من السبات، وتتعطل روح الدولة لحساب فلان وعلان».

وقال «كنا نقول للناس ولا نزال: من حقكم أن تحترموا زعاماتكم وطوائفكم، ولكن من حق الوطن عليكم أن تقدموا مصلحته على كل مصلحة، لأن عقد الشراكة الذي يضم المواطنين جميعا، يسقط وينهار إذا استمرت التبعية للمصلحة الذاتية على حساب المصلحة الخاصة».

ربما يقول البعض إن بلادنا، ولبنان منها، اعتادت أن تقاد من بعيد، وأن يأتي من وراء البحار من يقرر لها مصيرها ويحرك دفتها السياسية، ولكننا نعتقد أن بإمكان اللبنانيين أن ينهضوا بوطنهم ويملكوا مصيره، إن أرادوا التحرر من كل وصاية خارجية».

أما بالنسبة لمدى ارتباط تأخر الحلول بالحالتين السورية والعراقية فقال العلامة فضل الله: «لا شك أن الوضع في لبنان يتأثر كثيرا بما يجري من حوله، وخصوصا ما يجري في سورية والعراق، ولكن هذا لا يعني أن اللبنانيين لا يملكون أوراق التغيير والخروج من نفق الأزمات، إلا عندما تنتهي المسألة السورية أو العراقية، والدليل أن الطبقة السياسية اللبنانية استطاعت بطريقة وبأخرى أن تبني وفاقها السياسي على مستوى انتخابات الرئاسة، وكذلك تشكيل الحكومة، حتى في ظل الاختلاف حيال الملف السوري وغيره».

وحول رؤيته لمدى نجاح العهد الجديد، قال «نحن نعتقد أن الوضع في لبنان تحت السيطرة إلى حد كبير من الناحية الأمنية، وخصوصا في ظل النجاحات التي تحققها الأجهزة الأمنية في ملاحقاتها الدائمة للخلايا الإرهابية، لكن هذا لا يجعلنا ننام على حرير، فالبلد مستهدف في أمنه ومستقبله، كما أن الخلافات السياسية الكبيرة تصنع الأرضية لأي اهتزاز».

أما بالنسبة إلى العهد الجديد، فقد جاء في ظل أزمات متراكمة، اقتصادية وسياسية واجتماعية، ومن السابق لأوانه الحكم عليه، وإن كنا نعتقد أن تركيبة النظام الطائفي تسقط كل الأحلام الكبرى، وربما كانت لنا وللبنانيين جميعا طموحات كبرى في أن ينتقل البلد من مرحلة إلى مرحلة، وأن تحدث هناك نقلة سياسية حقيقة، ولكننا نرى أن الأولويات في هذه المرحلة تنحصر في المسألة الاجتماعية والاقتصادية وملفات الكهرباء والمياه والنفايات وحقوق الموظفين في القطاعين العام والخاص، وصولا إلى إقرار قانون انتخابي عادل. وبعدها، يمكن البناء على ما قد يأتي في المستقبل، والذي نأمل أن يكون واعدا.