IMLebanon

الفرصة الأخيرة لتفكيك “لغم” قانون الانتخاب

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: ثمة سؤال «مركزي» وملحّ يُطرح وعلى نحوٍ يومي في بيروت وهو: هل ينضمّ لبنان إلى نادي الدول المشتعلة في المنطقة مع اقترابِ أزماته من الخطوط الحمر واشتداد المواجهة الاقليمية – الدولية من حوله، أم انه مرشّح للاستمرار خيمة استقرارٍ تستضيف نحو مليون ونصف المليون نازح سوري و«أمثولة» لمَحاسِن سياساتِ فك الاشتباك بالتراضي بين اللاعبين الكبار؟

رغم الانطباعات المتناقضة حيال مآل التطورات غير العادية التي تضع لبنان في مرمى استحقاقاتٍ مفصلية، فإن المؤشرات تشي بأن بيروت التي تعيش ما يشبه اختباراتٍ يومية، تنجح في «شراء الوقت» وسط استمرار «بوليصة التأمين» الإقليمية – الدولية للاستقرار اللبناني في بُعْدَيْه السياسي والأمني، وهو ما أظْهره أداء اللاعبين المحليين منذ حلول التسوية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وأعادت الرئيس سعد الحريري الى السرايا الحكومية.

وتوحي الوقائع الحالية بأن لبنان الآن أمام ثلاثة اختبارات جرى ترتيب أولوياتها تبعاً لمقتضيات الواقعيْن المحلي والإقليمي، وهي معركة قانون الانتخاب، والاستمرار بـ «تحييد لبنان» عن العواصف المتوالية من حوله، ومعركة جرود عرسال على الحدود الشرقية مع سورية.

وإذا كان لبنان الرسمي استطاع تَجاوُز الاشتباك الداخلي حيال قمم الرياض وإعلانها عبر سياسة الـ «لعم» الغامضة التي توحي بأنه مع الشيء وضدّه، فإن المقاربة الخليجية – الأميركية لهذا الموقف الملتبس لم تتضح بعد وسط تقديراتٍ تراوح بين الاعتقاد أن الشرعيتين العربية والدولية تتفهّمان تعقيدات الواقع اللبناني وتالياً لا يستفزّهما هذا الغموض، وبين توقُّع تَدَحْرُج الاستياء من موقفيْ رئيس الجمهورية وصهره وزير الخارجية جبران باسيل على النحو الذي يتسبّب بمضاعفاتٍ تطول لبنان، خصوصاً في ضوء التناغم بين عون وباسيل وبين «حزب الله» الذي عاود أمينه العام السيد حسن نصرالله شنّ هجمات عنيفة على دول الخليج.

ورغم استمرار الأنظار مشدودة إلى مفاعيل قمم الرياض وما قد يفضي إليه تَعاظُم المواجهة الأميركية – الخليجية من جهة وإيران وحلفائها من جهة أخرى، خصوصاً مع احتمال وقوف المعسكريْن وجهاً لوجه في الحرب على المعبر الحدودي بين سورية والعراق، فإن المحرّكات السياسية في لبنان اندفعتْ بقوة لإحداث اختراقٍ بقانون الانتخاب يجنّب البلاد الفراغ الشامل بعد انتهاء ولاية البرلمان في 20 حزيران المقبل وتعطيل الحكومة وشلّ رئاسة الجمهورية، وهو ما لوّح به «حزب الله» في إطار ضغوطه للحؤول دون إحداث فراغٍ في البرلمان، وجعْل القانون النافذ (الستين) أمراً واقعاً.

وأشيع في بيروت في الساعات الماضية عن وجود تَقدُّم لم تكتمل ملامحه باتجاه تجنيب لبنان السيناريو الأسوأ، أي الفراغ، ومن مظاهر هذا التقدم:

  • القيام بخطوتيْن من طرفيْ «الود المفقود»، أي عون ورئيس البرلمان نبيه بري، عبر التزامن في توقيع الاول فتح دورة استثنائية للبرلمان (حتى نهاية ولايته) إفساحاً امام التوافق على قانون الانتخاب، وإرجاء الثاني الجلسة التي كانت مقرَّرة غداً وعلى جدول أعمالها التمديد للبرلمان، إلى 5 حزيران.
  • الإيحاء بأن توافقاً تمّ بين جميع الأطراف على اعتماد النسبية الكاملة في إطار دوائر متوسّطة بعد تَراجُع «الثنائي الشيعي» عن مشروع الدوائر الست الموسّعة، وهو التطور الذي كان ألمح إليه نصرالله في إطلالته قبل أيام وشكّل خطوة الى الأمام نحو كسْر المراوحة في المساعي لبلْورة تفاهُم «اللحظة الأخيرة».

غير أن المعطيات الإيجابية التي نجح بتحقيقها نائب رئيس حزب «القوات اللبنانية» جورج عدوان بمشاوراته الماراثونية مع بري والحريري وباسيل، اعتُبرت بمثابة «خطوة غير كافية»، ومحكّ استكمالها يرتبط بمسائل جوهرية مازالت عالقة ومن بينها حسْم عدد الدوائر (رغم ترجيح أن تكون 15) والأهمّ تقسيماتها والصوت التفضيلي وحدوده الجغرافية.

وإذ من المتوقّع تزخيم المشاورات على قاعدة الحاجة الى «تنازُلات متبادلة» لضمان صعود الدخان الأبيض قبل حلول موعد الفراغ، فإن ثمة مخاوف من حصول تطورات أمنية تقتاد الجميع الى «اتفاق الضرورة» على سيناريو التمديد للبرلمان على الحامي مع التفاهم على رسْمٍ تشبيهي لقانون انتخابٍ يصار للتوافق عليه بـ «الأحرف الاولى» وهو ما يُعرف بـ «اتفاق اطار».

هذا الاحتمال قد يصبح أكثر رواجاً بحال تفاقم الواقع الأمني في جرود عرسال مع خروج هذا «الملف النائم» الى الصدارة بعد كلام نصرالله في إطلالتيْن متعاقبتيْن عن ضرورة خروج المسلحين السوريين من جرود البلدة بالتفاوض أو بالقوة وتزايُد المواجهات التي يخوضها الجيش اللبناني ضد مراكز المسلحين وإفشاله مخططاً كان يُعدّ لبلدة رأس بعلبك (ذات الغالبية المسيحية) وتوقيف شخص من عرسال ينتمي الى «داعش» متورّط في المخطط (انفجرت خلاله عبوتان صغيرتان وأحبط الجيش تفجير الثالثة وكنت الأكبر) ثم تفجير المدعو بلال بريدي نفسه (متورط بتفجيريْ رأس بعلبك) أثناء قيام مخابرات الجيش بدهم مكان وجوده في عرسال ما أدى لمقتله وجرْح بعض العسكريين.

وعلمت «الراي» ان المفاوضات بـ «الواسطة» التي يديرها «حزب الله» بهدف إقناع المسلحين بمغادرة الجرود تصطدم بخلافات داخل الجماعات المسلحة عيْنها، بعضها يريد المغادرة الى طرابلس وبعضها الآخر يريد الذهاب الى إدلب غير ان هناك جماعات تصرّ على البقاء وخوض معركة الدفاع عن وجودها في المنطقة.

وأشارت المعلومات في هذا الإطار الى أن «حزب الله» الذي أمهل تلك الجماعات إفساحاً أمام خروجهم بالتفاوض أبلغ إليهم أخيراً «اننا قادمون ولن ننتظر طويلاً»، وسط توقعاتٍ بحسم هذا الملف بعد رمضان بالتفاوض أو بالعسكر.