IMLebanon

العهد… والأدوات القديمة! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

راهنت أكثرية بين اللبنانيين على تحقيق تغيير جذري بعد وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية. فالرئيس الجديد تمكن بعد سنتين ونصف السنة من الفراغ الرئاسي من تحقيق أكثرية سياسية موصوفة أيدت انتخابه وشملت كل من “حزب الله”، “القوات اللبنانية”، تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي، ما يعني باختصار مختلف الأطياف اللبنانية، ومحصّن بشكل أساسي بدعم مسيحي تمثله “القوات اللبنانية”.

لكن الرهان على التغيير لم ينجح حتى اليوم في ظل عراقيل كثيرة تعترض العهد، وتتصل من جهة بالأداء على أكثر من مستوى، سواء حكومياً أو نيابياً أو حتى دبلوماسياً وإدارياً وأمنياً.

ويبدو العهد حتى اليوم محاصراً بمجموعة من التعقيدات، وأبرزها:

ـ الفشل الواضح حتى اليوم في إقرار قانون انتخابات جديد، رغم كل موجات التفاؤل المتلاحقة، والتي كانت تتلاشى أمام شيطان التفاصيل المعقدة. وإذا كان رئيس الجمهورية اعتبر أن التغيير الحقيقي يبدأ من قانون انتخابات جديد يؤمن صحة التمثيل، فإن العجز عن التوصل إلى اتفاق على قانون جديد دفع رئيس الجمهورية إلى إعادة التلويح بقانون الستين أمام المأزق الدستوري المحتمل اعتباراً من 20 حزيران المقبل تاريخ انتهاء الولاية الممددة لمجلس النواب.

ـ الحصار الدبلوماسي الذي يتعرض له لبنان على صعيد علاقاته العربية والدولية. فرغم إقدام رئيس الجمهورية على افتتاح الزيارات الخارجية لعهده من المملكة العربية السعودية، إلا أن هذه الزيارة أخفقت في تحقيق أهدافها كما هو ظاهر من خلال امتناع الرياض عن تعيين سفير جديد لها في بيروت، كما إحجامها عن توجيه دعوة إلى رئيس الجمهورية لحضور القمة العربية- الأميركية التي انعقدت في الرياض وحصر الدعوة برئيس الحكومة، إضافة إلى عدم تحريك أي من الهبات التي كانت مقررة للبنان، ولا أي استثمارات حُكي عنها، ولا حتى على صعيد حض السواح السعوديين والخليجيين على العودة إلى لبنان.

ـ الحصار المالي الذي يتهددنا والمرتقب عبر توقع إصدار قانون عقوبات مالية جديدة عن الكونغرس الأميركي يعطي صلاحيات واسعة لوزارة الخزانة الأميركية لإضافة أي أسماء تقررها إلى العقوبات، وهو ما تتوجس منه الأوساط المالية والمصرفية في لبنان ومن انعكاساته التي قد تكون كارثية.

ـ وإذا كانت الأوساط المصرفية والمالية نظرت بارتياح كبير إلى قرار التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة لولاية جديدة، نظراً إلى خبرته والحاجة إليه في هذا الظرف المالي الدقيق جداً، إلا أن التجديد لسلامة يناقض كل الشعارات التي كان رفعها العهد من توجه إلى التغيير، ويؤكد النية بالاستمرار بالسياسات المالية السابقة نفسها من دون أي تعديل.

ـ الأداء الحكومي المتعثر في ظل الكمّ من روائح الفضائح التي يشتمها اللبنانيون يوميا من خلال التراشق السياسي والاتهامات المتبادلة بين السياسيين، والابتعاد عن اعتماد الأصول القانونية والإدارية في معظم الملفات.

ـ أما على صعيد الوضع الأمني، فلبنان الذي ينعم باستقرار لافت في منطقة ملتهبة، إنما يتخوّف من امتداد أي حريق إقليمي إليه، وخصوصا مع اشتداد الحرب على الإرهاب. والتخوف هو من جهة من تسرّب إرهابيين من سوريا والعراق إلى لبنان، كما من تحريك جبهة إسرائيل- “حزب الله” في أي لحظة إقليمية.

وسط هذا الكم من الألغام لا يبدو أن العهد الجديد يمتلك عصا سحرية، لا بل يبدو أنه يعمل بأساليب وأدوات قديمة، ما يجعل التغيير الحقيقي حلماً بعيد المنال في الوقت الراهن، وعلى الأقل في انتظار انقشاع غبار المفاوضات حول قانون الانتخابات ليتضح ما إذا كان ثمة ضوء يظهر في الأفق أم أن النفق الذي نعبر فيه لا يزال طويلا…