IMLebanon

“حارة حريك” ممرّ إلزامي مُغلق

 

 

 

كتب انطوان فرح في صحيفة “الجمهورية”:

من خلال المؤشرات المتوافرة حتى الان، على مستوى الارقام ونتائج الفصل الاول من العام 2017، وعلى مستوى التقديرات حول اتجاهات الوضعين السياسي والعسكري في المنطقة، يبدو ان الوضع المالي والاقتصادي في لبنان، سيواجه المزيد من الضغوط والصعوبات.

بعد إنجاز الاستحقاق الرئاسي في اواخر العام 2016، ساد التفاؤل مختلف الاوساط الاقتصادية التي كانت تطالب على مدى سنتين ونصف السنة بضرورة وضع حد للفراغ الرئاسي، لانقاذ ما تبقى من اقتصاد. وبالغ البعض في التفاؤل في حينه، الى حد اعلان أرقام حققها هذا القطاع أو ذاك في الايام الاولى لبداية العهد.

وكان بذلك يجافي المنطق لسببين:

اولا: لأن الارقام تأخذ بعض الوقت لكي تصدر.

ثانيا: لأن الارقام التي أُعلنت كانت مرتفعة بحيث يصعب تصديق الوصول اليها في فترة أيام.

في كل الاحوال، هذا التفاؤل بدأ يتراجع تدريجيا، مع الوقت، الى أن أظهرت نتائج الفصل الاول من 2017، تراجعا كبيرا مقارنة بالفترة نفسها من 2016، الامر الذي يعتبر نكسة اقتصادية وسياسية في آن. والخطير في هذا الوضع، ان المؤشرات لا توحي بأن التدهور قد يتوقف في الايام المقبلة، بل العكس قد يكون صحيحاً.

في ظل هذا الواقع، راهن البعض على بصيص نور ظهر من خلال تحسين العلاقات الرسمية اللبنانية الخليجية، في مطلع العهد. وانطلقت الرهانات بسرعة على تحقيق ثلاثة انجازات:

اولا: اعادة احياء الهبة السعودية الى الجيش اللبناني والتي بلغت قيمتها حوالي الـ4 مليار دولار.

ثانيا: عودة الاستثمارات الخليجية الى لبنان.

ثالثا: عودة السياح الخليجيين الى الربوع اللبنانية، بعد قطيعة ارتبطت بالوضعين السياسي والأمني.

اليوم، يتبين ان الانجازين الاول والثاني (احياء الهبة وعودة الاستثمارات)، لم يتحققا، ومن المستبعد المراهنة على تحقيقهما في المرحلة المقبلة. اذ أن فرنسا المعنية بملف الهبة للجيش، حاولت ولم تنجح. أكثر من ذلك، فان ما ينقل عن السفير الفرنسي في لبنان يعطي فكرة عن رداءة السمعة اللبنانية. اذ يؤكد السفير في مجالسه الخاصة، انه بات يصعب إقناع الدول بتقديم مساعدات الى لبنان بسبب الفساد المستشري الذي بلغ مراحل متفاقمة وغير مقبولة.

أما موضوع الاستثمارات الخليجية، فانه ليس مستبعدا فحسب، بل ان من «تورط» من الخليجيين في استثمارات في لبنان لا يزال يحاول الخروج منها بأقل خسائر ممكنة.

بقي الرهان على السياح الخليجيين، لانقاذ المؤسسات السياحية التي كانت الاكثر تضررا في الأزمات المتلاحقة منذ العام 2011، وإدخال العملة الصعبة الى البلد.

هذا الهدف تحول الى إنجاز في عقول البعض، وتم البناء عليه على اساس انه واقع حتماً. حتى أن وزارة الطاقة وضعت خطة طارئة للكهرباء، وقررت استقدام باخرتين اضافيتين على وجه السرعة لكي تتمكّن من تلبية الحاجة الاضافية في الصيف الذي سيكون استثنائياً هذا العام، وسيشهد قدوم عدد كبير من السياح الى البلد.

وبدوره، جهّز وزير السياحة الخطط لاستقبال السياح، وفي مقدمهم الخليجيين. وحتى المؤسسات السياحية صدقت «الكذبة»، وبدأت تستعد بنشاط وتفاؤل لاستقبال الخليجيين العائدين هذا الصيف.

ما جرى خلال وبعد قمة الرياض، والخطابات والمواقف الرسمية (مجلس الوزراء) وغير الرسمية (محور المقاومة) التي برزت بعد الرياض، وضعت حداً نهائيا للأحلام، وبات شبه مؤكد ان الهدف الثالث انضم الى الهدفين الاولين، وتحولت الاهداف الثلاثة الى سراب.

وبالمناسبة، يا ضيعان التعب، اذ من قبيل الصدف أن تكون وزارة السياحة ومعها المؤسسات السياحية أمضت نهارها في 25 أيار الجاري وهي تشرح لوفود شركات السفر العالمية اهمية إدراج لبنان على خارطة السياحة العالمية، وان يكون أمين عام حزب الله، وبعد ظهر اليوم نفسه، يؤكد ان حارة حريك هي ممر الزامي لتطبيع العلاقات بين لبنان والخليج، وحتى الان، لا حارة حريك تنوي فتح بوابة العبور للخليجيين، ولا الخليجيين يرغبون أو يوافقون أصلا على عبور هذه البوابة.