IMLebanon

قانون الانتخاب… لمرة واحدة؟! (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

بات واضحاً أنه سيتم إقرار قانون جديد للانتخاب، ولو أن بعض ملامح تفاصيله لم تتضح بعد، ولكن الأساس سيكون اعتماد النسبية الشاملة ضمن 15 دائرة. وتبقى تفاصيل تتعلق بالعتبة المطلوبة للتأهل لكل لائحة وكيفية احتساب الأصوات التفضيلية، وحسم ما إذا كان الصوت التفضيلي ضمن القضاء سيكون طائفياً أم لا، إضافة إلى حسم مسألة نقل عدد من المقاعد، والأهم تحديد تاريخ إجراء الانتخابات، والتي من المرجح أن يتم تأجيلها حتى ربيع 2018!

في الشكل يمكن الحديث عن اتفاق الحد الأدنى الذي فرض على الجميع من دون استثناء تقديم تنازلات ليست بقليلة. “حزب الله” والرئيس نبيه بري تنازلا عن المطالبة بالنسبية على أساس لبنان دائرة واحدة، ومن ثم عن الدوائر الستة أو العشرة، كما قبلا مرغمين باعتماد الصوت التفضيلي ضمن القضاء وليس ضمن المحافظة. “القوات اللبنانية” تنازلت عن رفضها المطلق للنسبية بعد حملة شرسة خاضتها ضدها، وهي تبدي ليونة لافتة في موضوع نقل المقاعد.”التيار الوطني الحر” تنازل أيضا بالتراجع عن كل الاقتراحات التي قدمها رئيسه الوزير جبران باسيل، كما سيضطر الى التنازل عن أن يبقى الصوت التفضيلي طائفياً، وربما أيضا عن نقل المقاعد. الحزب التقدمي الاشتراكي تنازل بقبوله بالنسبية التي كان يعارضها الى أقصى الحدود. أما تيار المستقبل فقدّم أكثر من تنازل، بدءًا من إسقاط شعاره الشهير “لا للنسبية في ظل السلاح”، وصولا إلى القبول بالـ15 دائرة.

في اختصار يمكن القول إن ما حصل يشكل نموذجاً عن التسوية اللبنانية التي يلهث كثر لتبنيها اليوم بعد نجاحها، ويبدو أن أكثر من معركة سياسية تدور لحرمان “القوات اللبنانية” من أبوّتها. وللإنصاف يجب التأكد أن أب القانون في الأساس هو الوزير السابق مروان شربل، لكن من عرف كيف يستغلّ التوقيت القاتل ويؤمن المخارج للجميع للقبول بـ15 دائرة كان نائب رئيس “القوات اللبنانية” النائب جورج عدوان.

ولكن ثمة سؤال محوريً لم يجب أحد عليه بعد، لا بل إن أحداً لم يجرؤ حتى الساعة على طرحه، وهو: هل سيكون هذا القانون أيضاً لمرة واحدة فقط كما حدث عند إقرار “قانون الدوحة”؟ وهل ما تم الاتفاق عليه كافٍ ليكون القانون العتيد صالحاً للعقود السياسية الآتية؟ وماذا عن الإصلاحات المطلوبة في قانون الانتخابات والكوتا النسائية والرقابة على صرف الأموال والرشاوى الانتخابية، وغيرها الكثير من الأسئلة؟ وماذا عن خضوع قانون الانتخاب لمتطلبات العقوبات المالية الأميركية؟ هل سيحاول القانون العتيد التحايل على هذه العقوبات لتأمين تقدم مرشحي “حزب الله” وحلفائهم بترشيحاتهم؟

وماذا عن موعد الانتخابات؟ وهل بات محسوماً تأجيلها حتى ربيع 2018؟ ومن يضمن ألا يحدث ما يطيح بالانتخابات من اليوم وحتى الربيع المقبل؟ أم أن تأجيل الانتخابات عبر مسمّى التمديد التقني حتى الـ2018 سيكون على قاعدة “ويخلق الله ما لا تعلمون”؟!

الثابت في كل ما تقدّم أن أكثرية السياسيين في لبنان عادت إلى الاتفاق على قانون موجود أمام مجلس النواب منذ العام 2012، فلماذا لم تتم مناقشته منذ ذلك التاريخ وإدخال التعديلات اللازمة عليه فكنا تجنبنا تمديدين للمجلس الحالي خلافاً للدستور؟ وما الذي تغيّر اليوم ليصبح مقبولاً ما كان ممنوعاً النقاش فيه قبل 5 أعوام؟

في انتظار الإجابة على الأسئلة المطروحة… يخلق الله ما لا تعلمون!