IMLebanon

محاضرة لـ”التجدد” عن دور نقابة المهندسين في السياسات العامة

نظمت “حركة التجدد الديموقراطي” محاضرة بعنوان “نقابة المهندسين ودورها في بناء السياسات العامة” ألقاها نقيب المهندسين جاد تابت، في قاعة محاضرات الحركة في سن الفيل.

وحضر الوزير السابق عادل حميه، النائب السابق ناصر نصرالله، رئيس “حركة التجدد” فاروق جبر واعضاء من اللجنة التنفيذية، عضوا مجلس نقابة المهندسين ميشال متى وجوزف المعلوف، عميد كلية الفنون في الجامعة اللبنانية البروفسور محمد حسني الحاج، وعدد من المهندسين والشخصيات النقابية والفكرية.

بداية رحب المهندس ميشال عقل بالحضور باسم “حركة التجدد الديموقراطي، حركة المهندسين الكبيرين نسيب لحود وعاصم سلام”، وجدد التهنئة لتابت خصوصا أن التجدد كانت من اول داعمي انتخابه. وأكد أن “هدف هذا اللقاء هو استكمال سلسلة أبحاث الحركة بموضوع “بناء السياسات العامة”، والإضاءة على دور وتجربة نقابة المهندسين. وكان النقيب حاسما وواضحا في برنامجه، إذ رأى لقضايا المهنة وحقوق المهندسين والدفاع عن مصالحهم بعدا آخر يتصل بالدور الوطني الانمائي للنقابة وصولا الى إرساء نموذج اقتصادي اجتماعي يواكب عصر التحول البيئي ويحد من التشوه والعمران العشوائي وانعدام التخطيط وسرقة الشواطىء والاملاك العامة”.

وعن قانون مزاولة مهنة الهندسة الرقم 636/1997 لاسيما المادة 8 منه وما يتيحه للنقابة للعب دور أفعل في بناء السياسات العامة والمشروعات والقوانين تجاوزا لدورها الحالي المحدود والمحدد نصا، سأل: “هل يتطلب ذلك تعديلا لهذا القانون؟” ودعا الى “الاستفادة من الإرث العلمي الثقافي للنقابة، الغني جدا، خصوصا منها التوصيات والتوجهات التي كانت تصدر إثر كل مؤتمر أو ندوة أو ورشة عمل”.

وعن الشراكة بين النقابة والمجتمع المدني دعا الى “تنسيق القوى وتجميعها، للعمل معا والضغط لنشر مزيد من الوعي لإدراك أهمية التخطيط والتصميم الشامل، بعيدا من العشوائية والإنتقائية. وبالتالي على النقابة والمهندس العمل على تطوير دور النقابة كبيئة حاضنة للتخطيط والتصميم والتصدي المنظم والفعال لمواجهة سياسات الفوضى ومعاداة التخطيط التي تمتهنها السلطات في غير مجال، إستنقاذا لما بقي من تراث وموارد وبيئة وإنسان ومجال”.

ثم كانت كلمة عضو اللجنة التنفيذية في “حركة التجدد”، الناشط في “بيروت مدينتي”، المهندس المعماري سرج يازجي، مقدما المحاضر ومضيئا على مسيرة النقيب تابت في حقول الهندسة المعمارية والتخطيط المدني. وخبرته الواسعة بين لبنان وفرنسا والسعودية واليمن.

ثم ألقى النقيب جاد تابت محاضرته فقال: “تواجه نقابة المهندسين اليوم تحديات كبيرة تتمثل بضرورة انتقالها من جمعية مهنية تضم بضعة الاف من المهندسين الى مؤسسة كبيرة لتتمكن من استيعاب ورعاية العدد المتزايد من المهندسين. اذ أنه قد ترافق تزايد عدد المهندسين مع تراجع حاد في اسواق العمل المحلية والعربية مما أنتج صعوبات وتناقضات عجزت النقابة حتى الآن عن طرح الحلول المناسبة لها. فتحول دور مجلس النقابة والنقيب الى أداة لتقديم الخدمات الفردية للمهندسين ولذويهم اسوة بما يفعله رجال السياسة”.

وأضاف: “هذا الواقع أدى الى ازدياد البطالة عند المهندسين وتدني ظروفهم الاجتماعية مما انعكس على تغليب الدور الخدماتي للنقابة على الدور المهني. وتحولت النقابة الى ساحة صراع بين القوى السياسية والحزبية والطائفية، وبالتالي عطل تحولها الى مؤسسة حديثة قائمة على مبادىء التخطيط والانتاجية والشفافية المطلقة”.

ثم سرد تاريخ تأسيس النقابات المهنية في لبنان منذ 1920 وحتى تأسيس نقابة المهندسين عام 1951، ودورها في الانماء والسياسة. وتكلم عن حالة الاعمار التي عرفها لبنان في التسعينيات، وعن تعثرها بسبب غياب الخطة الانمائية الشاملة والتركيز على المشاريع غير المنتجة والاستدانة العالية والهدر بالاموال والطاقات، مما أدى الى الجنوح الفوضوي نحو الاستثمارات الكثيفة في العقارات والبناء نتج منها تشويهات واختلالات مخيفة على صعيد البيئة والموارد والتراث، ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة من ايجاد الحلول لمختلف المشاكل التي يعانيها المواطن بدءا من الكهرباء ومرورا بالنفايات وبتردي حالة الخدمات”.

وقال: “أمام كل هذه التحديات المصيرية لا بد من صوغ توجه متكامل قائم على مبدأ التنمية المستدامة وإرساء نموذج اقتصادي – اجتماعي يواكب عصر التحول البيئي، حيث يلعب المهندسون دورا أساسيا في صوغ مثل هذا التوجه الذي يواكب عصر التحول البيئي. فاعتماد السياسة الانمائية المستدامة بات يشكل حاجة وطنية ماسة”.

ودعا الى “تفعيل تخطيط استراتيجي يؤمن الاستخدام العقلاني للاراضي اللبنانية نظرا الى صغر مساحة البلاد وتنوع طبيعتها. ويتطلب ذلك إعادة النظر في المخططات التوجيهية التي تنظم استثمار الاراضي وشروط البناء لجعلها مطابقة مع التوجهات الرئيسية للمخطط الشامل لترتيب الاراضي اللبنانية الذي أقر عام 2009، كما يتطلب اعادة النظر في كل القرارات الادارية التي صدرت بعد اقرار هذا المخطط والتي تناقض توجهاته الرئيسية.

وبالنسبة الى قانون البناء الحالي فهو متخلف جدا، وكل التعديلات التي ادخلت عليه لم تهدف سوى الى زيادة الاستثمار خدمة لمصالح تجار البناء، وهو لا يهتم بشكل المدينة وطبيعة النسيج المبني وعلاقته بالبيئة المحيطة والحفاظ على التراث وطابع الامكنة”.

ولفت الى أنه “يمكن لنقيب المهندسين أن يلعب دورا لا بأس به من خلال عضويته في المجلس الاعلى للتظيم المدني الذي يقوم بدراسة المشاريع المطروحة عليه في كل الاراضي اللبنانية وعلى كل مستويات الاستثمار. وان مشاركة نقيب المهندسين في جلسات المجلس الاعلى تسمح للنقابة بأن تبدي رأيها في امور التنظيم المدني والسياسات الانمائية العامة. وقد قمنا منذ وصولنا الى النقابة بإعداد برنامج مفصل سنعمل على تنفيذه خلال السنة المقبلة، وهو يتضمن تنظيم نقاشات وندوات مفتوحة حول جملة القضايا الاساسية التي تتعلق بالشأن العام، منها اقتراح حلول لمعالجة ازمة النفايات ورسم تصور لخطة النقل والمواصلات وحماية الشواطىء والتوسع العقلاني للمدن الرئيسية. وتقوم النقابة بمناقشة مجموعة من القوانين والمراسيم التشريعية بهدف اقتراح تعديلات عليها خدمة للصالح العام. ونحن في طور تشكيل لجنة من الخبراء لمراجعة مرسوم السلامة العامة”.

وختم تابت بأن “نهوض نقابة المهندسين لا يمكن أن يتحقق إلا بطرح هذه القضايا للنقاش العام وتشجيع المهندسين على المشارك، مما يستدعي العمل الجاد لتطوير العمل النقابي وتحويل نقابتنا الى مؤسسة حديثة قائمة على مبادىء التخطيط والانتاجية والشفافية المطلقة”.

ثم كانت مداخلة لنائب رئيس “حركة التجدد” الدكتور انطوان حداد الذي سأل: “في ظل تعطل الاطر الطبيعية للمساءلة والمراقبة (البرلمان والصحافة) ألا تستطيع نقابة المهندسين أن تضطلع بدورها كسلطة معنوية موضوعية وخبيرة في القضايا العائدة الى اختصاصها (الكهرباء والطاقة، الاتصالات، الطرقات والتطوير العقاري والنفايات والبيئة وغيرها)؟”.

وكانت مداخلات لمهندسين.