IMLebanon

كيف تكشف الشخص الكاذب؟

كتبت ساسيليا دومط في صحيفة “الجمهورية”:

زياد شاب ذكي ويتمتّع بكاريزما تقرّبه من قلوب المحيطين به، إلّا أنه منزعج من أمر يكرّره في حياته اليومية، دفعه إلى طلب المساعدة: «أشعر بالخجل عندما يكتشف الآخرون بأنني لا أقول الحقيقة، لكنني مجبر على ذلك، فلا وقت لدي لإنجاز كلّ ما عليّ القيام به، فأخترع حججاً من هنا وهناك لكسب الوقت. ما يزعجني هو أنني أصبحتُ أتلذّذ بالكذب، بسبب وبغير سبب، كأنني أدمنتُ على ذلك، فأقوم به بعفوية وإتقان تام، وأنا الآن أريد أن أكون محطّ ثقة الناس، ولا أحتمل فكرة أن يشيروا إليّ بأصابع الإتهام بالتلاعب بالحقيقة».

فما هو الكذب؟ لماذا يكذب الناس؟ ومتى يصبح الكذب مرَضياً وبحاجة للعلاج؟

عندما تُحوِّر الحقائق وتُغيِّرها، فتصبح مختلفة عن الواقع، أنت تكذب! فالأمانة أهم عناصر الصدق. مهما برّرتَ دوافعك، وبأيّ لون صبغت كذبتك، لا يهم، بيضاء أو سوداء كانت، هي كذبة. كباراً وصغاراً نكذب ونشوّه الحقائق، عن قصد أو عن غير قصد، وكم تكثر الأسباب إلّا أنّ الكذب يبقى واحداً.

لماذا نكذب؟

يبقى الكذب بريئاً وإيجابياً في حال عدم وجود نيّة في الأذى والتضليل، أي في التأثير سلباً على مجريات الأمور والأحداث.

يكذب البعض من أجل مجاملة الآخر، للرفع من معنوياته، كأن يقول شاب أربعيني لوالدته الستينية بأنها لا تزال شابة جميلة. وقد نكذب لأننا فعلاً لا نرى الحقائق بشكلٍ مجرَّد وموضوعي، تحت سيطرة عواطفنا، فنصف مَن نحبّه بالشكل الذي نتمنّى أن يكون عليه، أو نريد أن يراه الآخرون عليه.

يكذب الأشخاص الإيجابيون بهدف التباهي ونيل الإعجاب، كادّعاء امتلاك السيارات المميّزة. كما يكذب مَن يتمتع بالذكاء والمرونة لإنقاذ المواقف السلبية وتحويلها إلى إيجابية، فينقل الرسائل السلبية بين الناس بشكل إيجابي منعاً للتصادم واندلاع المشاكل.

يسرد الأطفال حكايات من نسج الخيال، وهذا ضروري من أجل إبداعاتهم، إلّا أنه لا بدّ من تذكيرهم بأنّ ما يتخيّلونه ويرونه ليس حقيقياً.

كما تكون المنفعة الشخصية والمصالح الخاصة سبباً للكذب والغش، وهذا النوع على علاقة بالسرقة، فنكذب كي نخفي سرقتنا، ثمّ نسرق من جديد.

يكذب البعض من أجل لفت نظر الآخر ونيل اهتمامه كالتظاهر بالمرض والتعب، وقد يتمّ أحياناً الخلط بين الكذب والحقيقة، فيصدّق الكاذب كذبته.
ويكذّب البشر لإخفاء خيانة أو سلوك سيّئ، كمَن يلعب الميسر مثلاً، خوفاً من الحساب أو الإنتقاد.

أمّا الكذب المرَضي، فحين يكذب الفرد بشكل مستمر، ويتلذّذ بالقيام بذلك، يشعر بشغف وبشوق كبير للكذب، وبفرح عامر لحظة القيام بذلك، وبعدها مباشرة، يشعر بالذنب والندم بسبب كذبه. يتعذّب مَن يعاني من الإدمان على الكذب، وهو بحاجة للمساعدة المختصة لتخطي ذلك.

هل وقعتم ضحيّة الكذّابين؟

نخاف أحياناً من أن نكون ضحايا لكذب الغير، لذلك سوف أعرض لكم بعض مؤشرات تعرّضكم للكذب والخداع:

• تتغيّر نبرةُ صوت مَن يحدّثكم عندما يكذب، فهو إمّا يرفع وتيرة صوته أو يخفضها لدرجة الهمس.
• إخلاء الحنجرة، فيبدو كأنه يحاول إخراجَ شيء عالق في حلقه.
• كثرة استعمال علامات الربط في حديثه «و».
• يحتاج لوقت أطول لقول كلماته وعباراته كأنه يراوغ، فهو يحتاج للوقت لخلق كذباته.
• التأخّر في إعطاء الأجوبة على رغم أنه سمع السؤال جيداً.
• إعتماد الإنكار كسلوك دفاعي.
• إشعار الآخر بالتقصير وبالذنب.
• إستمالة الآخر من خلال إثارة الشفقة.
• إحباط، هروب من التفاصيل، غضب وعبارات سلبية.

الكذب أيّاً كانت أسبابه، على علاقة مباشرة بالثقة بالنفس، بانغلاق الفرد وانطوائه على نفسه أو مرونته وانفتاحه. وأيّاً كانت الأسباب، الكذب هو ابتعاد أو هروب من الواقع المُعاش.