IMLebanon

لبنان دخل مرحلة “الانطلاقة المتأخّرة” لعهد عون

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

… انطلاقةٌ متأخّرة لعهد الرئيس ميشال عون. هكذا وصفتْ أوساطٌ سياسية واسعة الاطلاع لقاء التشاور الذي التأم أول من أمس في القصر الجمهوري، بحضور رؤساء الأحزاب المشارِكة في حكومة الرئيس سعد الحريري.

وبمعزلٍ عن المفارَقة «غير المفاجئة» التي طبعتْ «وثيقة بعبدا 2017» التي أُعلنت في أعقاب اللقاء إذ غابتْ عنها أيّ عناوين تطلّ على الوقائع اللاهبة في المنطقة وتموْضع لبنان بإزائها، فإن الأوساط المطّلعة اعتبرتْ أن مشهديّة «القصر» والتفاهم الذي كرّستْه على تنشيطِ عمل الحكومة والبرلمان بملاقاة الانتخابات النيابية في ايار 2018 جاءت بمثابة إعلان البداية الفعلية لعهد عون (انتُخب في 31 تشرين الاول الماضي)، وذلك بعدما كان رئيس الجمهورية اعتبر سابقاً أن «هذه حكومة انتخابات» وأن حكومة العهد الاولى «ستنطلق بعد الانتخابات» التي كان يفترض ان تجري قبل نحو شهر أو تُرجأ كحدّ أقصى الى تشرين الاول المقبل، قبل ان تستوجب مقتضيات التسوية التي أفرجت عن قانون الانتخاب الجديد عشية انتهاء ولاية البرلمان التمديد له 11 شهراً مع توافق مبدئي على إجراء الاستحقاق النيابي في 6 ايار 2018.

وفي رأي هذه الأوساط ان كل الأطراف السياسية الممثَّلة في الحكومة باتت أمام تحدّي إدارة «محرّكاتِ» إنتاجية المؤسسات بأقصى قوة، بعدما تحوّلت الملفات المعيشية عناصر الارتكاز في عملية التحفيز الانتخابي، ولا سيما في ظلّ «تحييد» الخلافات الاستراتيجية عن المشهد الداخلي الذي يعيش أيضاً أجواء «خلط أوراق» في الاصطفافات السياسية في أعقاب «تَحلُّل» قوى 14 و8 آذار بفعل ما رافَقَ وأعقب الانتخابات الرئاسية ثم تشكيل الحكومة، وما يُتوقّع ان تفرضه الانتخابات النيابية من تحالفات «موْضعية» بحسب الدوائر وحساباتها.

ووفق الأوساط نفسها، فإن «التيار الوطني الحرّ» (حزب عون) الذي خرج من «معركة» قانون الانتخاب مسجّلاً نقاطاً لا تكفي لجعْله «المنتصر الأوّل»، ولا سيما بعدما تقاطعتْ مجموعة اعتبارات لتظهير «القوات اللبنانية» عرّابة مسار الحلّ الذي منع انزلاق «العربة الى قلب هاوية» الفراغ، كان يحتاج إلى «لقاء القصر» في محاولةٍ لـ «تصحيح الميزان» وسط سقفٍ أعلى رسمه لم يتحقق وسقف حدٍّ أدنى لامسه.

وتشير الأوساط في هذا السياق الى ان «الشقّ الميثاقي» من «وثيقة بعبدا» وما تضمّنه من بنود إصلاحية ودستورية لا سيما «الانتقال الكامل نحو الدولة المدنية الشاملة وتشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية»، بدا بمثابة «تسجيل موقف» وليس أكثر، بدليل أن مداولات طاولة التشاور وما تسرّب عنها، لا سيما عن «نقاش حامٍ» بين رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل أظهرتْ استمرار التباين حيال موضوع مجلس الشيوخ وظروف استحداثه كما تثبيت المناصفة بين المسيحيين والمسلمين في مجلس النواب بنص دستوري، وان مسار هذه الإصلاحات التي كان التيار يريد ان تُرفق بالتفاهم حول قانون الانتخاب ما زال انطلاقُ العملِ بها بعيد المنال.

وحسب الأوساط عيْنها، فإن الجانب الاقتصادي من الوثيقة جاء في سياق سقف «الحد الأدنى» الذي أراد «التيار الحر» تحقيق اختراقٍ من ضمنه، باعتباره عنصر استنهاضٍ انتخابي محوري، وتحديداً لجهة محاولة توفير غطاء لمسار خطة الكهرباء التي أطلقها وترتكز في مرحلة انتقالية على استئجار بواخر لإنتاج الكهرباء، وهو الملف الذي يشهد ملاحظات عليه حتى من داخل الحكومة استدعتْ إحالته على إدارة المناقصات.

وفيما تركزت الأنظار عصر أمس على كلمة الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله، وفي موازاة «تَشاوُر القصر» الذي شهدتْ مناقشاته مداخلةً بارزة لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ردّ فيها على مطالبة (رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي) الوزير علي قانصو بالتنسيق الرسمي بين لبنان والحكومة السورية بموضوع النازحين حيث أكد (جعجع) «أن لا وجود لحكومة أو دولة سورية (…) وهذا الملف تتم مقاربته عن طريق المنظمات الدولية وإقامة مناطق آمنة»، كانت لافتة زيارة الرئيس سعد الحريري لجعجع منتصف ليل الخميس – الجمعة حيث كان لقاء مطوّل تخلله سحور وتناوَل كل جوانب الواقع اللبناني ومرحلة التحضير للانتخابات.

وبعد اللقاء أكد الحريري، الذي وصل الى معراب آتياً من زيارة لمنطقة القلمون (قرب طرابلس) «ان الانتخابات ستحصل في موعدها (مايو 2018) وان «تيار المستقبل» و»القوات» متوافقان في الاستراتيجية وستبقى علاقتنا قوية وواضحة مبنية على نقاط محددة». وحين سئل اذا كان الطرفان سيتحالفان في الانتخابات النيابية، أجاب ممازحاً: «اسألوا الحكيم!»… فردّ جعجع ممازحاً أيضاً:«إذا بيقعد عاقل نعم»…

بدوره، رحّب جعجع بالحريري «كصديق قبل أن يكون رئيساً للحكومة»، وقال: «كما قال قد نمرّ ببعض الأمور التي لا نتفاهم حولها وهي بعض الأمور الداخلية الصغيرة، ولكن توافقنا ثابت في النظرة العامة للبنان وإلى الدولة وعلاقات لبنان مع الدول العربية والاستراتيجية الكبرى، وانطلاقاً من هنا مهما تباعدنا سنبقى متلاقين لتحقيق كل أهدافنا وخطواتنا».