IMLebanon

أصالة… وذئاب القوانين! (بقلم طوني أبي نجم)

 

بقلم طوني أبي نجم

 

تم ضبط الفنانة السورية أصالة نصري في مطار الرئيس رفيق الحريري في بيروت وبحوزتها حوالى 2 غرام من الكوكايين. تم إجراء فحص مخبري لدمها أظهر أنها تتعاطى المخدرات، لكن المدعي العام في جبل لبنان كلود كرم قرّر إخلاء سبيلها بسند إقامة!

موضوع المقالة ليس عن أصالة نصري، ولست في وارد الدخول في نقاش حول ما إذا كان توقيف أصالة في المطار “حقيقياً” نتيجة الكوكايين أم “سياسياً” بفعل أنها من أشد المعارضين للنظام السوري ورئيسه بشار الأسد، وهي ليست المرة الأولى التي تتعرّض لمحاولات التوقيف في بيروت. ما جرى رسمياً هو أنه تجاوز القضاء القوانين لمصلحة الفنانة الشهيرة التي اتصل بها رئيس الحكومة شخصياً للاطمئنان عنها.

بربّكم أنسوا أصالة للحظات واسألوا: لو كان الموقوف، أو الموقوفة، في المطار مواطناً لبنانياً أو عربياً أو أجنبياً، هل كان يمكن إخلاء سبيله في أقل من ساعتين؟ أم أن القانون الذي يُطبّق على المواطنين العاديين لا يسري على فنانة شهيرة أياً يكن اسمها؟

ولماذا يتم توقيف أصالة بتهمة تعاطي المخدرات، ولا تتم أي مداهمة على عشرات الفنانين الآخرين المعروفين أنهم يتعاطون المخدرات، والذين لو أجريت فحوصات لهم لظهرت الأكثرية الساحقة من نتائجها إيجابية؟

ولماذا غرامين من الكوكايين يثيران الأجهزة الأمنية في مطار بيروت، ولا يستثير الأجهزة أكثر من 160 ألف دونم من الأراضي اللبنانية المزروعة بحشيشة الكيف في عدد من المناطق البقاعية والشمالية بحسب دراسات علنية منشورة؟

وماذا عن عشرات أو مئات الكيلوغرامات وأكثر التي يتم تسويقها من التجار الكبار؟ ماذا عن نوح زعيتر وعلي شمص اللذين ظهرا في برامج تلفزيونية علناً؟ وكيف يمرّ نوح زعيتر “خط عسكري” على حواجز عسكرية وأمنية في البقاع بحسب تأكيدات الوزير السابق نبيل دو فريج الذي كان شاهد عيان على الموضوع؟

وابعد من المخدرات وتجارها ومتعاطيها، يصحّ السؤال: على من تُطبّق القوانين في لبنان؟ قبل أيام تم إلقاء القبض على تاجر سلاح في البقاع اسمه محمد شوكت وهبة وتم إطلاق سراحه في أقل من 10 أيام. في المقابل لو ألقي القبض على مواطن آخر “غير محمي” يحمل سلاحاً فردياً من دون رخصة لكان نال عقوبة أشهر في السجن!

يتم اعتقال شقيق نائب بتهمة بناء معامل كابتاغون فيخرج بعد أشهر قليلة. ويُتهم شقيق وزير بترويج أدوية فاسدة ومزوّرة فيخرج “متل الشعرة من العجين”! وبعيداً عن منطق “حماية السلاح”، لا يخضع اللبنانيون العاديون للمعايير القانونية نفسها خلال توقيفهم والمحاكمات، إنما يخضع كل منهم لمعايير تتعلق بمدى “الحماية” السياسية التي يتمتع بها كل منهم. وفي أحيان كثيرة، وفي تطبيق قوانين بسيطة كقانون السير قد يتعرّض الشرطي للعقوبة في حال حاول تطبيق القانون بحق أحد النافذين أو المحميين، ناهيك عن دعاوى خطرة تنام في أدراج القضاء في حين يتم تحريك دعاوى سخيفة مقابلة لتلقين البعض دروساً وتصفية حسابات سياسية وغير سياسية!

المشكلة ليست في أصالة. المشكلة تكمن في أن ما حصل مع أصالة كشف عوراتنا، وكشف فظائع الاستنسابية في تغييب القوانين أو تطبيقها بحسب ما تقتضيه الازدواجية الفاقعة في المعايير، في دولة لا مساواة فيها بين المواطنين، بل تصنيفات يتداخل فيها السياسي والحزبي والطائفي والمحسوبيات والحمايات السياسية، إلى درجة بات فيها القانون عصا غليظة يتم استعمالها فقط مع المواطن الفقير وغير المحمي، لإلزامه بـ”الإنضواء” في حظيرة سياسية ما بحثا عن حماية ما كي لا يبقى وحيداً فتنهشه ذئاب القوانين العاجزة أمام المحميين والنافذين والمشاهير!