IMLebanon

معركة عرسال الوشيكة تُسقط آخر حاجز بين لبنان و”سوريا المفيدة”

كتب وسام أبو حرفوش في صحيفة “الراي” الكويتية:

يَغْلب الاقليمي على المحلي في لبنان، الذي راقَبَ عن بُعد مآل الأزمة الأقرب إليه (سورية) في ضوء النتائج المحتمَلة للقاء الأوّل الذي انعقد أمس في هامبورغ بين الرئيسيْن الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، لا سيما حيال مجريات الصراع ومستقبله في سورية.

فسورية التي كانت بنداً رئيسياً على الطاولة بين ترامب وبوتين، كانت حاضرة وبقوّة في بيروت عبر ثلاثة عناوين متلازمة، ملف النازحين وإمكان عودتهم، والحوار مع نظام الرئيس بشار الأسد أو عدمه، والمعركة المرتقبة في جرود عرسال، التي أعدّ لها «حزب الله» ضدّ مسلحي «داعش» و«النصرة».

وتحوّلت سورية بعناوينها الثلاثة أولوية بدفْعٍ من «حزب الله» في لحظةِ اقتسام اللاعبين الدوليين والاقليميين (الولايات المتحدة وروسيا وإيران وتركيا) مناطق النفوذ في بلاد الشام في عمليةٍ أشبه بـ «حصْر إرثٍ» للجغرافيا والتوازنات والأدوار، خصوصاً مع العدّ التنازُلي لنهاية «داعش».

ويَصعب التكهن بما سيؤول إليه الوهج السوري الذي يضرب لبنان الآن بتوقيتٍ اختاره «حزب الله» بمعزلٍ عن حدود التفاهم والاختلاف بين ترامب وبوتين حيال الصراع في سورية، بعدما أوحت الولايات المتحدة بمقايضةٍ تريدها بين إقرارها بـ «روسيّة سورية» لقاء إبعاد الدور الإيراني عنها.

ورغم الاطمئنان، الذي غالباً ما يعبّر عنه «حزب الله» حيال دور روسيا كحليفةٍ لمحور إيران – النظام السوري، فإن الأنظار ستتجه إلى ما ستكون عليه أجندة الحزب اللبنانية – السورية في ضوء نتائج قمة هامبورغ التي من شأنها رسْم اتجاهات الريح، الساخنة أو الباردة في الميدان السوري وترتيباته.

وهذا يعني أن «حزب الله» الذي تحوّل لاعباً أساسياً في سورية كرافعةٍ للدور الايراني، سيكون معنياً بالترسيمات المرتبطة بالجولان، كما هو الحال في جنوب لبنان، أو على الحدود اللبنانية – السورية التي من المقرَّر أن تشهد «بين ساعة وأخرى» معركة الانتهاء من «الدفرسوار» الأخير المتمثّل بجرود عرسال.

وثمة معلوماتٌ عن تحضيراتِ «حزب الله» لمعركة جرود عرسال للقضاء على جيوبٍ عسكرية لـ «النصرة» و«داعش»، بعدما أخفقت مفاوضاتٌ بالواسطة لإقناع «النصرة» بالانسحاب إلى مناطق تختارها في سورية على غرار ما حصل غير مرّة في مناطق عدة داخل سورية عيْنها.

وبسقوط تلك الجيوب المحاصَرة في جرود عرسال، تصبح الحدود اللبنانية – السورية، الشمالية والشرقية بيد «حزب الله»، الأمر الذي يدفع البعض للقول إن الحزب نجح في جعل لبنان جزءاً من «سورية المفيدة» التي للنفوذ الإيراني حصة الأسد فيها، تبعاً لما هو قائم حالياً في الميدان السوري.

وثمة مَن يربط في بيروت إلحاح «حزب الله» على دفْع الحكومة اللبنانية الى فتْح حوار مباشر مع نظام الأسد في شأن سبل عودة نحو مليون نازح سوري إلى بلادهم، بمحاولة ترجمة موازين القوى وانتزاع إقرارٍ بشرعية الأسد ونظامه، وهو الأمر الذي يُقابل برفض أطراف وازنة في البلاد.

فرئيس الحكومة سعد الحريري رفع السقف معتبراً أن الضغوط لتوريط الحكومة اللبنانية بالاتصال مع نظام الأسد «لا وظيفة لها إلّا تقديم خدمات مجّانيّة له»، داعياً حلفاءه (حزب الله) «ليَضغطوا عليه لتسهيل إقامة مناطق آمنة على الجانب السوري من الحدود ومخيّمات بإشراف الأمم المتّحدة بدل الدعوة الى توريط الحكومة اللبنانية (…)».

ورغم أن وزير الخارجية جبران باسيل (صهر الرئيس ميشال عون) أعلن «أنّ عودة النازحين تتم بالتنسيق مع الحكومة السورية ولا ضرورة لضمانات دولية لهذه العودة…»، موضحاً أنّ «هناك علاقات ديبلوماسية وعسكرية ومالية اليوم مع سورية»، كان لافتاً نفي المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ما أشيع عن إمكان اعتماده كـ «قناة رئاسية» للتنسيق مع دمشق في شأن ملف النازحين وتجنيب الحكومة لغم هذا الملف الخلافي، ونُقل عنه قوله «لم أكلّف التفاوض مع الدولة السورية حول ملف النازحين».