IMLebanon

آخِر صرعة: الدّعارة الإلكترونية و”الدليفري”

 

كتبت ربى منذر في “الجمهورية”:

حضّرَت نفسَها وتبرّجت، وذهبت لملاقاة الزبون. بطبيعة الحال هي لا تعرفه، ولا حاجة لمعرفته أساساً، فهذه طبيعة عملها. قصَدت الفندق المُتّفَق عليه ودخلت الغرفة، لم يكن هناك ما يثير الريبة أو الحذر، فهو “زبون مِثله مثل غيره”، وفي طبيعة الحال فإنّ والدها يدير أعمالها بدقّة ويَعرف كيف ينتقي لها الزبائن، لتكتشفَ لاحقاً أنّها وقعت في قبضةِ مكتب مكافحة الإتجار بالبشر وحماية الآداب في وحدة الشرطة القضائية، لتكونَ صِلة وصلِهم للقبض على شبكة الدعارة الناشطة في الشمال، وتحديداً في منطقة القبة-طرابلس.لم يَمنع تضييقُ مكتب مكافحة الإتجار بالبشر وحماية الآداب في وحدة الشرطة القضائية على بيوت الدعارة والقبضُ على عدة شبكات ناشطة.

أصحابَ المهنة أو “قوّاديها” من البحث عن سبلٍ جديدة تُبقي البابَ على أقدمِ مهنةٍ وأسهلِها درّاً للأموال، مفتوحاً أمامهم، وهذا تحديداً ما فعَله اللبناني سمير اللبابيدي من منطقة القبة، الذي سبقَ وأوقِف قبل 4 سنوات بتُهمةِ تشغيل ابنتِه القاصر في مجال الدعارة آنذاك، ليعيدَ الكرّةَ ويتمّ توقيفُه السبت الماضي.

عمل عائلي

بالنسبة إليهنّ، كنَّ مجبَراتٍ على بيعِ أجسادهنّ، ورَضَخنَ للأمر الواقع، فالمشَغِّل يكون الوالد لبعضهنّ والزوج للبعض الآخر، وهنّ اعتَدن على نمطِ حياةِ الدعارة، وحتى اللتان تزوّجتا من بينهنّ لم تَسلما من هذه الكأس المرّة، إذ إنّ زوجَيهما دخَلا اللعبة المحرّمة… فباتت الشبكة مؤلّفة من سمير الذي يُشغّل ابنتَه وزوجتَه ومتزوّج من أخرى هي فاطمة خضور الملقّبة بـ”أم علي” والمسؤولة عن الشبكة، وبدورها تُشغّل ابنتَيها بتسهيلٍ من زوجَيهما.

دعارة “الدليفري

في تفاصيل ما جرى السبت، أنّه بعدما وصَلت إحدى الفتيات لملاقاة “الزبون المفترَض” ووَقعت تحت قبضة القوى الأمنية، اعتَرفت بأنّ أباها يُسهّل أعمال الدعارة لفتيات ونساء العائلة، كما أرشدَتهم إلى الوكر الذي يختبئ فيه، فدُهِم هو الآخَر وقبِض على الوالد، فيما بقيَت إحدى زوجتَيه وزوج إحدى الفتاتين متواريَين، وقد اعترَف بما نُسب إليه، وبأنّه اعتمد طريقة عمل “الدليفري” تسهيلاً لآلية العمل ولإبعاد الشبهات. وتَجدر الإشارة إلى أنّ الوالد يُجَرّم بالإتجار بالبشر في هذه الحال لأنّ العاملات في المجال بناتُه وزوجتاه، حتى في حال كان العمل برضاهنّ.

حربٌ على أوكار الدعارة

مِن منطقة جونية حيث فُكِّكت إحدى شبكات الإتجار بالنساء وحُرّرت نحو 75 منهنّ، مروراً بوكرٍ آخر في “البربارة”، وشبيهٍ له في منطقة نهر الكلب والصفرا، وصولاً إلى أوكار في المعاملتين وسدّ البوشرية والمكلّس والحازمية وحتى في البقاع والجنوب وغيرها من المناطق، القرار بدا واضحاً: “لضربِ أوكارِ الدعارة في لبنان بيدٍ من حديد”، إلّا أنّ ما يصعب رصدُه هو طرُقٌ لا يتوانى أصحاب المصالح عن اختراعها، وإحداها الدعارةُ الإلكترونية وأخرى هي “الدليفري” بما أنّ “الحاجة أمّ الاختراع”، خصوصاً في المناطق الفقيرة ومع ازدياد نسبة النزوح ولجوء بعض النازحات إلى الدعارة كمصدر لجَنيِ الأموال، وهو ما يسمّيه البعض بـ”الجنس من أجلِ البقاء”، وتُجسّده الإحصاءات التي تُظهر أنّ عدداً كبيراً من بائعات الهوى سوريّات وأخريات لبنانيات، ورغم نشاطِ سوقِهنّ في الفترة الأخيرة إلّا أنّ الأجنبيات ما زِلن يلجَأن إلى الدعارة، حيث أوقِفت منذ فترة شبكة دعارة تُشغّل نساءً أوكرانيات وروسيّات.

هل تعود الدعارة شرعيّة؟

كما في دول عدة، نُظّمت مهنة البغاء في لبنان بقانون في العام 1931 نظراً لشيوعِها، وذلك للسيطرة عليها، فمُنِحت التراخيص لفتحِ بيوتِ الدعارة شرط أن تكون غيرَ مخالفة للشروط الصحّية، أي أن تتمتّع الفتيات بصحّة جيّدة، إضافةً إلى المحافظة على الأخلاق العامة، حيث لا يتّصل بيت الدعارة بالأبنية المجاورة المأهولة بل يكون محصوراً في الداخل، وأن تحمل الفتاة المرخّصُ لها بطاقةً صحّية تُعرّف عنها وتَخضع للفحوصات الطبّية مرّةً كلّ 15 يوماً.

لكن في أواخر الستّينيات فرَضت الحكومة اللبنانية سياسةً جديدة للحدّ من مهنة البغاء، وذلك من خلال عدم الترخيص بفتح بيوتٍ جديدة للدعارة.