IMLebanon

أسئلة ما بعد معركة عرسال؟ (بقلم رولا حداد)

كتبت رولا حداد

قد يبدو من المبكر طرح السؤال: ماذا بعد معركة جرود عرسال؟ فلا أحد يمكنه الجزم بتوقيت انتهاء المعركة، وذلك بفعل عوامل عديدة، منها طبيعة جغرافيا المنطقة التي تجري فيها المعارك، وطبيعة المعارك التي تخوضها المجموعات الإرهابية، سواء “جبهة النصرة” أو “داعش”، والتي تشبه إلى حد كبير الطريقة التي اعتاد فيها “حزب الله” أن يقاتل إسرائيل. والمقصود هنا القتال على طريقة العصابات، وعمليات نصب الكمائن، وغيرها من الأساليب التي قد تؤدي إلى إطالة المعركة، وخصوصا إذا لم يبقَ أي منفذ للمسلحين ليهربوا منه إلى الداخل السوري، وخصوصاً أن الجيش اللبناني يقف لهم بالمرصاد لمنعهم من الفرار نحو المناطق اللبنانية، سواء عبر عرسال أو مخيماتها. وفي هذا الإطار لا بدّ من التنويه بقرار الجيش اللبناني الحازم والواضح بحماية عرسال وأهلها، والمدنيين من النازحين السوريين.

لكن، ومهما طالت المعركة، فإن مسلحي “النصرة” و”داعش” سيلقون مصيرهم المحتوم، بفعل الحصار الذي وقعوا فيه، وعدم إمكانية استمرارهم في القتال إلى ما شاء الله. ولذلك فإن السؤال عمّا بعد معركة عرسال يصبح مشروعاً في هذا السياق.

وفي هذا السياق ثمة أسئلة لا مفرّ منها، وأبرزها:

ـ هل سيتقدم جيش النظام السوري إلى داخل الأراضي اللبناني لمساندة “حزب الله” في عملياته على الأرض في مواجهة المسلحين؟ وإذا تقدّم هل سيتراجع بعد المعركة إلى ما رواء الحدود؟

ـ هل سيُبقي “حزب الله” على انتشاره العسكري في جرود عرسال بعد الانتهاء من المعركة، تماماً كما ينتشر في جرود الهرمل والقاع ورأس بعلبك وغيرها من النقاط الحدودية مع سوريا؟ أم يُقدم الحزب على تسليم مهمة حماية الحدود إلى الجيش اللبناني، والتي هي من واجبات الجيش اللبناني حصراً بموجب الدستور؟ وهل يُسلّم الحزب كامل الحدود الشرقية والشمالية إلى الجيش اللبناني عندها بفعل الانتهاء من المجموعات الإرهابية عند المناطق الحدودية؟ وعندها هل يمكن للجيش اللبناني أن يغض النظر عن انتقال مقاتلي “حزب الله” من لبنان إلى سوريا والعكس أيضاً؟

ـ ماذا لو قرّر “حزب الله” الإبقاء على انتشاره المسلح في جرود عرسال وإقامة مراكز ومواقع أمنية ثابتة في المنطقة بحجة حفظ أمن الحدود وعدم السماح لتسلل المسلحين من جديد؟ أي ضمانات عندها للسماح لأهالي عرسال بالعودة إلى العمل في أراضيهم والتي تشكل لهم مورد رزقهم الوحيد في المنطقة؟ وماذا سيحصل في حال صادر “حزب الله” الأراضي في الجرود لدواعٍ أمنية كما هي الحال في عدد من المناطق الجبلية الأخرى في لبنان؟ وهل من خوف على ثبات أهالي عرسال في أرضهم عندها؟ وأي مقومات لصمودها؟

ـ وماذا بعد معركة جرود عرسال على صعيد ملف النازحين السوريين في لبنان بدءًا من مخيمات عرسال؟ وهل نضجت ظروف عودتهم أم أن كل ما قيل عن هذا الموضوع لم يعدُ كونه تحضيراً لمعركة عرسال؟ وهل تبقى عرسال بهويتها المذهبية الواضحة صامدة في منطقة تمتد من البقاع الشمالي في لبنان إلى مناطق ما بات يُعرف بـ”سوريا المفيدة” الخاضعة لسلطة النظام السورية وهيمنة النفوذ الإيراني تحت الوصاية السياسية لروسيا؟

الأسئلة لا تنتهي، وتنجم عن قلق متزايد من تطوّر الأمور وانعكاسات داخلياً على لبنان، في ظل وقوف الحكومة اللبنانية في موقع المتفرج الذي لا حول له ولا قوة حيال كل ما يجري. فما الذي يمكن أن يبدّد عوامل القلق الداخلي؟ نأمل أن يلقى هذا السؤال أجوبة شافية في القريب العاجل…