IMLebanon

هدر 30% TVA فلماذا إذاً زيادتها؟

كتب د. غسان الشلوق في صحيفة “الجمهورية”:

حسناً يفعل رئيس الجمهورية عندما يذهب الى «دراسة قانون واردات تمويل سلسلة الرتب والرواتب» قبل توقيعه للنشر أو رّده، على ما تقول الاخبار. فثمة غير مبرّر لدراسة متأنية لكل بند من البنود، لا سيما منها زيادة الضريبة على القيمة المضافة.

ونتوقف عند ثلاثة مبررات رئيسية:

1 – هذه الضريبة (الرسم) تحديداً تنطوي على مفاعيل شمولية على أسعار السلع والخدمات بما فيها غير المصابة بها، وهي تحمل بالتالي آثاراً تضخمية تتجاوز، بالتأكيد، معدّلها الأولي.

وبوجود مثل هذه الضريبة وبعض سواها الوارد في الجدول الذي أقره مجلس النواب، يبدو الحديث على انّ الضرائب المختارة لا تصيب أصحاب الدخل المحدود الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى – هذا الحديث يبدو ساذجاً او غير صحيح مطلقاً، بل الصحيح انّ قانون السلسلة يؤدي الى نتائج تضخمية ومالية عدة لا بد من قراءتها بهدوء وتقديرها بشكل علمي ومحاصرة حدودها.

2 – انّ هذه الضريبة كان في الامكان تلافيها باختيار واحدة من سلّة احتمالات كثيرة يمكن اللجوء اليها ولا تكون مؤذية او شمولية. وثابت انّ اي ادارة مالية واعية وخلّاقة يمكن ان تجد بسهولة خيارات عدة في هذا الاتجاه، على انّ الخيار العادل والطبيعي ولَو وصف – زوراً- بـ”الديماغوجي” او النظري يبقى يكمن في أمرين: وقف الهدر (والفساد) ورفع مستوى الكفاءة المالية بزيادة معدلات الجباية.

وفي ظنّنا انّ الامر سهل التطبيق عبر خطوات سريعة ومحددة يمكن البدء بها حالاً.

3 – وفي الاتجاه عينه، والى جانبه، تشير تقديرات رصينة لجباية الضريبة على القيمة المضافة انّ معدلات الجباية تبقى، في افضل التوقعات واكثرها تفاؤلاً دون الـ70% من القيم المفترضة، اي انّ الهدر المسجّل هو في حدود 30% (وبعض التقديرات يذهب الى 35%) من المبالغ المفترض جبايتها، أي ما يقرب من ألف مليار ليرة باعتبار انّ المبالغ المُجباة من هذه الضريبة للعام 2016 بلغت حسب قيود وزارة المالية 3234 مليار ليرة.

ولا نظن انّ عاقلاً يقر بالتخلّي عن الف مليار ليرة ليبحث افتراضاً عن 300 مليار، وهو المبلغ الذي تنتظره الوزارة أيضاً لزيادة النقطة على الضريبة. ولا نظن انّ مخلّصاً ومسؤولاً يصرّ على اعتبار هذا الحل الواجب مستحيلاً لأي سبب كان.

امّا أين تكمن مصادر الهدر؟ فالأمر معروف: البضائع المستوردة تهريباً عبر مرفأ (ومطار) بيروت، اولاً. ثم عبر المرافئ البحرية (الشرعية وغير الشرعية) الاخرى. ثم البضائع المهرّبة عبر البوابات البرية بما فيها طبعاً البوابات الشرعية. ثم الشركات غير المسجّلة في قيود الضريبة و… الأهم الشركات الكبرى (المعروفة) التي تستورد وتبيع خارج الضريبة على رغم تسجيلها.

وبكلام آخر فإنّ زيادة هذه الضريبة يكون بالتالي مجرّد قصاص، قاس وغير عادل ومؤذ، للمواطنين العاديين الشرفاء دافعي الضرائب، وهي في المقابل مكافأة إضافية للخارجين على القانون بدعم… القانون، تماماً كما يجري في قطاعات عدة كالكهرباء (وسواها).

إنّ هذه المراجعة الواجبة لضريبة القيمة المضافة ليست هي وحدها المطلوبة، بل ثمّة حاجة الى مراجعة شاملة لسياسة الواردات، والأهم الى عملية جراحية آن أوانها للسياسة المالية عموماً.