IMLebanon

تحقيق IMLebanon: هذه رسائل الأب مسّوح والشدياق فاضل للذمّيين و”المستقيلين” من الدولة!

ضجّت مواقع التواصل الإجتماعي بما كتبه الأب جورج مسّوح والشدياق يوسف فاضل على حسابهما الشخصي على “فيسبوك” بشأن مفهوم “الذمية” الذي ينتشر في صفوف بعض المسيحيين بالتزامن مع معارك جرود عرسال.

هذه المعارك التي اعتبِرت على نطاق واسع في اطار شرعنة كاملة للسلاح غير الشرعي وكأنه اصبح السلاح الحامي للبنانيين وللحدود، وأنه لولا هذا السلاح لكان الوجود المسيحي بخطر في لبنان والشرق، وقد لجأ بعض المسيحيين للتماهي مع هذا المنطق، في اغفال لدور الجيش والدولة والمؤسسات الى جانب الدور النضالي الذي مارسه المسيحيون على مدى 1400 سنة…  فهل نسي البعض جملة الرئيس الشهيد بشير الجميل الشهيرة: “إما أن نشمل، وإما أن نرحل، وإما نرضى بالذميةّ وإما القتال والمحاربة والعيش رأسنا مرفوع وأحرارا”.

ماذا يقول “نجما” مواقع التواصل في الايام الاخيرة الاب جورج مسوح والشدياق يوسف فاضل لـIMLebanon عن مفاهيم الذمية والمسيحيين ودورهم في اوطانهم؟

الاب جورج مسوح

كيف نشأ مفهوم الذمية؟!

يشرح الاب جورج مسوح مفهوم وتاريخ الذمية فيقول أن “نظام أهل الذّمة طبق على المسيحيين في الشرق منذ نشأت الدولة الإسلامية وبقي لحين الدولة العثمانية في القرن التاسع عشر، وبعدها بدأت بعض الإصلاحات للخروج من مفهوم أهل الذّمة الذي يعتبر أن المواطن غير المسلم هو مواطن درجة ثانية وينتقص المواطنة ولا حقوق لديه، ويدفع جزية او ضريبة مقابل ان الدولة الإسلامية هي التي تحميه من أي خطر أوعدوان خارجي، وهذا المفهوم استمر وعشنا في ظله، ولكن المسيحيين من القرن التاسع عشر كانوا يسعون الى بناء دولة تحميهم، وهم يرفضون ان يكونوا في ذمّة المسلمين او في ذمّة اي نظام آخر، بل في ذمّة دولة مسؤولة عن حمايتهم، وبالتالي بناء جيش وطني وإلى ما هنالك من مؤسسات قانونية ومجلس نواب ورئاسة جمهورية وغيرها”.

ويضيف انه “مع بداية القرن العشرين وتحول معظم الجمهوريات العربية الى دول ديكتاتورية صمت المسيحيون عن الديقمراطية وحرية الإنسان وحقوقه ورضيوا بالنظام الديكتاتوري على انه النظام الذي يحميهم، فبقيت الذهنية الذّمية موجودة في ظل الديكتاتوريات الموجودة حاليا ولو كانت تحت تسمية علمانية، أكان في سوريا أو مصر أو العراق وغيرها من الدول”.

“لا يمكن للمسيحي ان يقبل بالذمية”!

من جهته، يشدد الشدياق يوسف فاضل الموجود حاليا في جورجيا على أنه “لا يمكن لأي شخص أن يكون مسيحيا إذا كان يقبل بالذميّة والعيش تحت حماية الآخرين”، مضيفاً: “نحن لا نعتبر ان المسيحيين الذين كانوا يعيشون تحت إمرة نظام الذميّة لم يكونوا مسيحيين، فأنا لا اتحدث عن الذميّة القانونية بقدر ما أتكلم عن الذميّة النفسية”.

ويلفت الى ان “الكثير من إخوتنا المسيحيين الذين عاشوا أجيالا بظل الذميّة السياسية أو القانونية التي فرضت عليهم بوقت كان الإسلام السياسي هو الذي يحكم، بل نحن نتكلم حصرا عن الذميّة النفسية، فهنا لا يمكن للإنسان أن يكون مسيحيّا وذميّا بالوقت نفسه، لان المسيحي لا يكون مسيحيا حقيقيا إذا لم يكن حرّا، فالحرية شرط من شروط المسيحيّة، والاتكالية بالحماية فيها شيء من التجديف على الروح القدس، ومفهوم التجديف على الروح القدس هو أن نلغي عمل الله من حياتنا وإقفال الباب عليه وعدم إعطاء الروح القدس أي أمل بالتغيير”.

لماذا علينا القبول بسلاح آخر طالما اقتنعنا بفكرة عدم حمل السلاح؟

وعن الواقع الذي نعيشه اليوم عبر التهليل لإنتصارات حزب خارج عن الدولة، يوضح الأب مسّوح أن “لبنان يتمتع بنموذج مختلف وهو النموذج الطائفي، مع العلم أنه نموذج هشّ وغير قويّ لانه ينقص من المواطنة وغيرها من الامور، وخوفي اليوم في ظل ما يجري حاليا في سوريا ولبنان هو أن المسيحيين يرضون بألا يكون هناك دولة وألا يتولى الجيش حماية الحدود والتصدي لأي عدوان خارجي وكأنهم قدموا وكالة لجماعة مذهبية، بغض النظر اننا كنا نقول مقاومة ضد إسرائيل، ولكن عندما تتحول تلك المقاومة الى ان مقاومة تقاتل في دولة مجاورة وتقاتل سوريين وغيرهم، فهذا الأمر يعني ان تلك المقاومة اصبحت طرفا في صراع سني – شيعي، وبالتالي نحن نرضى بأن نكون جزءا من محور معيّن، وفي المقابل نستقيل من الدولة ونهلل لهم”.

ويتابع: “خوفي من هذه الذهنية المسيطرة على عقولنا اليوم، فعلينا أن نقتنع بأن الدولة هي التي تحمينا خصوصا أننا جربنا الامن الذاتي والميليشيات المسيحية واقتنعنا ألا شيء يحمينا سوى الدولة، وتخلينا عن سلاحنا لكي ندخل في الدولة، فلماذا علينا القبول بسلاح آخر طالما اقتنعنا بفكرة عدم حمل السلاح؟ فعلينا أن نكون في ذمّة الدولة لكي تحمينا وألا نرضى بأن يحل أي حزب مكان الجيش”.

ويشرح مسّوح أننا “اليوم نستعيد الحرب التي بدأت في العام 1975، فتحييد الجيش عن حسم المعارك ووضعه جانبا هو الذي دفع باستمرار الحرب اللبنانية 15 سنة، واليوم نستعيد المهزلة نفسها، وبالتالي تحييد الجيش خوفا من الانقسام، مع العلم أن هذا التخويف لا معنى له، فلماذا بنينا دولة وجيشا إذا لا نريد ان نستخدمه عند الشّدة؟ والمسألة ليست اننا جربنا الجيش وفشل، بل بالعكس الجيش دائما يؤدي واجباته، ولكن تحييده عن حسم المعارك قد يؤدي الى فلتان الامور اكثر فأكثر”.

من ناحيته، يشدد الشدياق فاضل على أن “دور المسيحيين لا يقتصر فقط على الصلاة وعدّ المسابح، فالمسيحي شخص مبشّر وعمله هو توسيع ملكوته بالبشارة، وإذا اردنا التحدث عن مواجهتنا للإرهاب، فحصلت الكنيسة المارونية واللبنانية على فرصة ذهبية بالخدمة والبشارة مع  نزوح اخوتنا السوريين الى لبنان، فكان بإمكاننا تقديم بشارة رائعة لهؤلاء الاشخاص وكنا اقتحمنا المخيمات بمحبتنا وبشرناهم بالمحبة، فعلينا أن نقاتل بمحبتنا وسلوكنا، فإذا الاطباء اصبحوا بلا حدود فنحن علينا رفع الحدود أكثر بعد، فالمسيحية ليست خانعة ونحن لا نريد أن نصلي فقط، بل علينا الصلاة والعمل”.

حق الدفاع عن النفس مقدّس ولكن…

ولكن ماذا عن حق الدفاع عن النفس وحمل السلاح لمواجهة الإضطهاد، يوضح مسّوح أنه “يحق للمسيحي الدفاع عن نفسه والمقاومة ولكن شرط أن تكون مقاومة وطنية ومتنوعة من كل الطوائف وألا يستخدموا خطابا طائفيا، وبالتالي المقاومة يجب أن تكون لبنانية تجمع كل شرائح الشعب اللبناني، وألا تكون مؤلفة من مذهب معين فيما نرضى بأن نكون بلا فعالية”.

فيما يرى فاضل  أن “أبغض الحلال هو الدفاع عن النفس بوجه الاضطهاد، وعندما نصل الى مرحلة نضطر بها أن نحمل السلاح لندافع عن انفسنا، فهذا الأمر يعني أننا فشلنا بأن نلعب دورنا التبشيري بواسطة المحبة، وعندها يمكننا ان نستخدم حقنا المقدس بالدفاع عن النفس، مع العلم أن هذا الامر يعني أننا فشلنا ولم نقدر أن نلمس قلب عدونا”.

ويوضح: “أتفهم  الشباب الذين حملوا السلاح في الحرب للدفاع عن الوطن والأرض والوجود لحماية كرامتهم، وأنا أفضل أن أرى المسيحيين مقسمين وحاملين السلاح ويتقاتلون على  أن أراهم للحظة واحدة ذميين “يشحذون” الحماية على أبواب الأحزاب والطوائف الأخرى أو الدول، رغم أنني أرفض العنف والسلاح وأرفض العسكرة عند المسيحيين وأرفض أن تتكرر، ولكن أفضلها ألف مرة على الذميّة”.

رسالة الى المسييحين… الموت أفضل من الذّل!!

ويوجه مسّوح رسالة الى اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، قائلا: “على كل لبناني أن يتمتع بمسافة نقدية من زعيمه السياسي وألا ينساق بسهولة الى التصفيق والسير خلف الزعيم الذي يتمتع بحسابات سياسية قد تتطابق أحيانا مع القضايا الوطنية وأحيانا لا، وعلينا ألا نرضى أن نكون قطعانا نمشي وراء زعمائنا ليقودونا الى الذبح او المراعي ساعة يشاؤون، وبالتالي يجب ان يكون عندنا وعي خصوصا أن الشعب اللبناني مثقف، وعلينا التسلح بالرجاء وعدم الخوف لان الخوف هو الذي يضعنا في احضان اللجوء الى اي حل ولو على حساب كرامتنا وحضورنا ومواطنتنا”.

أما فاضل، فيشدد على أننا “أبناء جبال ونحن الذين نحمي وحمينا مختلف الطوائف عندما كانت تضطهد، فالموت ولا الذّل. فكيف هو الحال إذا بعض المسيحيين يشعرون بالامتنان لشيء غير صحيح، فهؤلاء الذين يقاتلون لا يقدمون الحماية لنا ومشروعهم أكبر من لبنان، وأصلا إسم حزبهم “المقاومة الإسلامية في لبنان”، وليس “المقاومة الإسلامية اللبنانية”، ما يؤكد أن مشروعهم ليس لبنانيا”.

ويتابع: ان “الموضوع مرتبط بأزمة الوعي التي نعيشها، وأوجه رسالة للمسيحيين واقول لهم أن يسيروا نحو العمق، ولا يذهبوا بالدعاية والاعلان، فنحن شعب عندنا تاريخ طويل من المقاومة، ونعرف كيف نقرأ بالسياسة ونعرف كيف نقرأ الأحداث، والموت افضل من الذل وأفضل من مجرد الوجود، وإذا بقينا في هذا الشرق لكي نأكل ونشرب ونقل بأن يكون هناك من يحمينا، فالأفضل لنا أن نعيش في كندا أو فرنسا وأي بلد آخر، ووجودنا يجب أن يكون له طعمة ولون وثمار، فلا يمكننا أن  نثمر ونكون ذميين في الوقت نفسه، وأدعو الجميع الى التوبة وان يعودوا الى الرب والى وجدانهم المسيحي ويقرأوا قليلا من تاريخهم المسيحي”.