IMLebanon

الحاضرون… والغائبون! (بقلم بسام أبو زيد)

 

كتب بسّام أبو زيد:

وحده “حزب الله” كان حاضرا في الأيام الماضية لمعركة جرود عرسال ضد مسلحي “جبهة النصرة”. فهو كان حاضرا في الميدان وحيدا وكان حاضرا في الإعلام وحيدا وكان حاضرا في السياسة وحيدا أيضا، وهو الحاضر الأبرز في عملية التبادل والترحيل.

في المقابل وعلى الصعيد الرسمي يمكن الحديث عن حضورين فقط، الأول هو حضور الجيش اللبناني، إذ إنه لولا الضربات العسكرية والأمنية المتوالية منذ العام 2014 ضد “جبهة النصرة” في جرود عرسال لكانت المعركة بالنسبة لـ”حزب الله” ستكون أصعب بكثير، فالجيش تمكن ومن قتل وتوقيف الكثير من قادة ومسلحي هذه المجموعات، كما دمر العديد من أسلحتهم ولا سيما الثقيلة والمتوسطة منها، إضافة إلى أن عمليات الاستطلاع البري والجوي حدت كثيرا من تحركاتهم وحددت بدقة المعابر والطرقات التي يستخدمونها.

الحاضر الرسمي الثاني كان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي لعب الدور الأساس في عملية الترحيل والتبادل من خلال التنسيق مع ثلاثة  أطراف وهي “حزب الله” والنظام السوري و”سرايا أهل الشام”، لا سيما وأنه موضع ثقة من جانب كل هذه الأطراف. فالتجارب السابقة التي تولاها وكانت على علاقة بـ”جبهة النصرة” نجحت جميعها وأبرزها راهبات معلولا والعسكريون الذين كانوا أسرى لديها.

أما بالانتقال إلى الغائب الأكبر فقد كانت الحكومة اللبنانية، فالمعارك الجارية في جرد عرسال كانت بالنسبة لها وكأنها خارج الأراضي اللبنانية، فلا موقف موحدا صدر باسم الحكومة المشتتة المبعثرة، لا بل تبادل بعض أطرافها الاتهامات بالتخلي عن الوطنية والتخوين والولاء للخارج، ولن تتمكن هذه الحكومة ولو اجتمعت من اتخاذ أي موقف حيال ما جرى. ولكن السؤال الأساس كيف يمكن لحكومة أن تحكم وأطرافها متنازعون ليس فقط على صفقات، بل على معنى الوطنية والقرارات المصيرية في البلد؟

في الغياب أيضا تلك القوى التي تطلق على نفسها القوى السيادية رغم أنها كانت حاضرة في المواقف والتصريحات، ولكنها كانت من دون أي فعالية سياسية حتى أنها بدت مشرذمة من دون أي تنسيق أو رؤية لما كانت تنادي به دائما في مواجهة “حزب الله”.

في لبنان ليست القضية أن تدلي بتصريحات وأن تغضب، ولكن القضية هي أن تكون موجودا في قلب القرار السياسي حيث الوجود فقط للأقوياء.