IMLebanon

مخاوف من الخروج من “دائرة التبريد” بفعل محاولة “التطبيع القسري”

 

كتبت ليندا عازار في صحيفة “الراي” الكويتية:

هل يَصمد «الجليد» الذي يغلّف التسوية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي في لبنان أمام «نار» التحوّلات في سورية والعملية العسكرية التي نفّذها «حزب الله» أخيراً في جرود عرسال ضدّ «جبهة النصرة» والتي يحاول على وهْجها تحقيق المزيد من «القضم» السياسي للواقع الداخلي وتوظيفه بخدمةِ أجنْدته ورغبة المحور الإيراني في «صرْف» اختلال موازين القوى الواضح في «بلاد الأرز» لمصلحته بما يعزز «خريطة نفوذه» من طهران الى بيروت؟

هذا السؤال حضر في بيروت أمس التي بدت مشدودةً، رغم ملامح «النكران»، لزيارة 3 من وزراء «8 آذار» لدمشق للمشاركة بمعرضها الدولي حيث كانت لهم استقبالات رسمية وسط تصريحات عن محادثات مع نظرائهم السوريين تناولتْ العلاقات «بين الدولتين».

وإذ كانت الحكومة اللبنانية ورئيسها سعد الحريري تعتمد سياسة «إدارة الظهر» لهذه الزيارات خلال جلستها التي انعقدت امس برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون متكئةً على موقفٍ سابق للحريري بأن «الوزراء يقصدون دمشق بصفة شخصية وبلا تكليف رسمي» وذلك تفادياً لتحويل هذا الملف «صاعقاً» يهدّد التسوية السياسية برمّتها، كان وزيرا «حزب الله» وحركة «أمل» حسين الحاج حسن وغازي زعيتر يتعمّدان من العاصمة السورية ومعهما كبار المسؤولين الذين استقبلوهما وخصوصاً رئيس الوزراء عماد خميس على إضفاء الطابع الرسمي على الزيارات بدءاً من الاستقبال على الحدود، وصولاً الى تصريحاتٍ نقلتْ «ان المسؤولين السوريين لديهم النية بأن تكون العلاقات مع لبنان جيّدة».

وكان الأبرز في هذا الإطار وضْع الزيارات في سياق «انتصار مشروع المقاومة وسقوط مشروع خطْف سورية» كما قال الحاج حسن بعد لقائه رئيس الوزراء السوري، في موازاة موقفٍ لافت لوزير الأشغال يوسف فنيانوس قبيل جلسة الحكومة التي غادر بعدها الى دمشق اذ أعلن انه سيعود منها بصورٍ للرئيس بشار الأسد. وحين سأله وزير الإعلام ملحم الرياشي، لمَن ستعطيها؟ أجاب: «للرئيس الحريري».

وشكّل تَجاوُز مجلس الوزراء هذا الملف على قاعدة أن الوزراء الثلاثة لم يحصلوا على غطاءٍ رسمي من الحكومة انعكاساً لرغبةٍ بإبقاء الواقع السياسي في دائرة «التبريد»، وهو ما عزّزه حرْص عون على عدم إيفاد وزيره للاقتصاد رائد خوري الى دمشق بحجة أنه «رفع كتاباً بهذا الصدد إلى مجلس الوزراء لنيل موافقته ولم يأت الجواب»، كما قال خوري، الأمر الذي وُضع بإطار رغبة رئيس الجمهورية بعدم توتير العلاقة مع الحريري. علماً ان تقارير ذكرت مراراً عن أحد وزراء عون يزور دمشق أسبوعياً ويلتقي الأسد.

وبمعزل عن نأي الحكومة بنفسها عن هذه الزيارات، فإن أوساطاً سياسية بارزة رأت عبر «الراي» أن ما يحصل على خط بيروت – دمشق لا يمكن عزْله عن محاكاة طهران لموقعها على «رقعة الشطرنج» المتداخلة بالمنطقة، معتبرةً أن قول خصوم «حزب الله» بلبنان إن عدم تغطية الحكومة زيارات الوزراء يؤكد استمرار «التوازن» ومبدأ تحييد الملفات الخلافية وان لا قدرة لترجمةِ هذه المحطات بأي سياقٍ يحتاج لتوقيع رسمي، لا يُسقط الدلالات السياسية للتظهير الإضافي لفقدان القدرة الداخلية على منْع «الأفعال الخلافية» التي بدأتْ بانخراط «حزب الله» عسكرياً بسورية وصولاً لمظاهر التطبيع «القسْري» مع دمشق الذي يتمّ جرّ لبنان إليه للمرّة الأولى منذ بدء الحرب السورية، ما يؤشّر على المسار التصاعُدي في تطويع الواقع اللبناني وعلى قرارٍ بتعمُّد إظهاره وكأنه صار بالكامل في «فلك» المحور الإيراني. وتوقفت عند كلام نائب «حزب الله» نواف الموسوي الذي ردّ ضمناً على الحريري معتبراً ان الوزراء «يزورون دمشق بالصفة الرسمية، وإذا كانت المسألة شطارة بالكلام، فإن أي واحد يذهب إلى السعودية فيزورها بصفة شخصية لأننا غير متفقين على العلاقة معها».

ولاحظتْ هذه الأوساط أن الدفع بملف تطبيع العلاقات مع دمشق يجد امتداداً له في المعركة التي يوشك الجيش اللبناني على إعلان بدئها ضدّ «داعش» في جرود رأس بعلبك والقاع وسط إصرار «حزب الله» على انها ستحصل بتعاون عسكري معه ومع الجيش السوري (في المقلب السوري). علماً أن الجيش اللبناني يواصل تضييق الخناق على التنظيم الإرهابي وسط تقدُّم مستمر لوحداته باتجاه المرتفعات التي سيطر على المزيد منها بعد اشتباكات مع الإرهابيين أفضتْ الى مقتل 6 منهم (أحدهم قيادي) فيما أصيب 5 عسكريين بينهم ضابط بجروح طفيفة.