IMLebanon

رأس بعلبك تلاقي الجيش بجرعات الدعم و”وجبات” الامتنان

 

كتب علي الحسيني في صحيفة “المستقبل”:

في موازاة الاستعدادات والتحركات التي يقوم بها الجيش للإطباق على عناصر تنظيم «داعش» في الجرود، ثمة جهود من نوع آخر تُبذل في سبيل دعمه لدخول معركته المُرتقبة. أحد أشكال هذا الدعم، برز في لحظة تداعى فيها أهالي رأس بعلبك مع جمعيات أهلية وكشفية ومجتمع مدني، للمشاركة في تحضير وجبات الغداء لما يُقارب ٣٠٠٠ عنصر من الجيش من جميع الأفواج وخصوصاً تلك المتواجدة في الجرود لحماية رأس بعلبك والقاع. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي أمس، العديد من الصور التي تُظهر الأهالي وهم يقومون بتحضير الوجبات وقد بدت على وجوههم ملامح الفخر والعزّة بما يصنعونه لعناصر الجيش. وانتشر مقطع فيديو مُسجل يظهر عجوزاً يقول: «الله يعطيكن العافية يا شباب وصبايا. الله يقويكن ويقوي الجيش اللبناني وينصره ويرجعلنا ياه بالسلامة».

الاستعدادات اللوجستية مستمرة في الجرود والجوار لمواكبة المرحلة الحالية، ولهذه الغاية، تداعت أيضاً المؤسسات الصحيّة والدفاع المدني، الى إنشاء مستشفيات ميدانية وسط تأكيد منهم أن ما يفعلونه، لا يُمكن أن يفي الجيش حقه وهو الذي يضع دمه على كفّه مقابل استرجاع الأرض حتّى ولو كلّفه هذا التحرير، سقوط شهداء وجرحى. وضمن التعاطف الشعبي مع الجيش، تبرز معطيات هامة في رأس بعلبك والجوار، إذ طلب الأهالي من قيادة الألوية المتمركزة في البلدات، السماح لهم بالمشاركة في المعركة، فمنهم من استعاد أمام الضباط زمن خدمته العسكرية والمراتب الأولى التي كان يحتلها، وآخر استعرض «عضلاته» مُستعيناً بما يُمكن أن تُسعفه به الذاكرة من زمن الأحزاب اللبنانية، لكن للجيش كلام واحد مُطمئن، هو أن كل الأمور تحت السيطرة وأن النصر على الإرهاب آتٍ لا محالة.

ما بين خطي الدعم والواجب، يواصل الجيش تقدمه في جرود رأس بعلبك والقاع لدرجة أنه أصبح على مسافة من التلال التي يتمركز فيها عناصر تنظيم «داعش»، بحسب مصادر مختلفة، ومع هذا التقدم فإن أبناء البلدة باتوا يشعرون بأمان أكبر ويأملون خيراً بعودتهم في أقرب وقت، إلى أراضيهم وأرزاقهم في الجرود بعد سنوات من سيطرة «داعش» عليها خصوصاً أن هذه الجماعات الإرهابية، تحتل ما يُقارب مساحة الـ 150 كيلومتراً مربعاً من مُجمل أراضي رأس بعلبك.

وحدة موقف ومصير تجمع بين أبناء «قرى المواجهة». ودعم للمؤسسة العسكرية لا يتبدل ولا يخضع لتأويل أو تشكيك، هذا ما يؤكده رئيس بلدية رأس بعلبك العميد المتقاعد دريد رحال لـ«المستقبل»، ويقول: «إن ما تقوم به سيدات ونساء رأس بعلبك، هو بدافع شخصي من الأهالي، ولم تطلب منا ذلك قيادة الجيش التي كانت رافضة له في البداية. فنحن خُلقنا لكي نكون ضمن هذه المؤسسة وداعمين لها ومدافعين عنها مهما كلّف الأمر ومهما غلت التضحيات». ويُشدد على أن «لا مكان هنا للتشكيك في دور الجيش، فمنهم الأب والأخ والشقيق. نحن خزّان الجيش وطليعته ونضالنا في أرضنا يتحدث عنا وعن التضحيات التي قدمناها في سبيل تحصين المؤسسة العسكرية وحماية دورها».

ويكشف رحال أن «هناك خيماً عديدة تم نصبها في رأس بعلبك سوف تُستعمل كمشفى ميداني لمعالجة أي إصابة لا سمح الله. أما نحن الرجال، فسنحمي ظهر الجيش ومستعدون لتلبية النداء في أي لحظة. ومع هذا، فقد عرضنا المساعدة على اللجنة العسكرية المؤلفة من ثلاثة ضبّاط، لكنهم كالعادة يؤكدون أن الأمور كافة ستكون تحت السيطرة وسوف تُحسم كما هو مُخطّط لها». وكونه عميداً سابقاً في الجيش، يتفاعل رحال عسكرياً مع التحضيرات على الجبهات، إذ يُعلن وبشكل قاطع، أن «الجيش سينتصر وستُنفّذ وحداته المطلوب منها على أكمل وجه إن من ناحية السرعة، أو احتلال نقاط لـ»داعش»، أو حتى تنظيفها من الألغام وفرض السيطرة على المساحات بحسب التسميات أو الأرقام التي تضعها قيادة الجيش».

هذا الدعم والتأييد اللذان يلقاهما الجيش في قرى القاع ورأس بعلبك والمعطوف على تفويض عام من لبنان الرسمي والشعبي، يُقابله «حزب الله» بين فترة وأخرى، بمحاولة «هزّ» هذه الصورة، سواء من خلال دعواته المتكررة الى التنسيق مع النظام السوري، لأن ميدان المعركة يتطلب أمراً كهذا، أو من خلال «استعداداته» لخوض المعركة إلى جانب الجيش، لكن من الجهة السورية، علماً أن القرارين السياسي والعسكري في لبنان، أوضحا أكثر من مرّة، قدرة الجيش على هزم «داعش» وفرض سيطرته على المعركة من ألفها إلى يائها. وهذا ما تُظهره التحضيرات والاستعدادت التي تقوم بها المؤسسة العسكرية، وثقة اللبنانيين جميعاً، بقدرة جيشهم وقوته من خلال عزمه على إنهاء المعركة، كما هو مرسوم لها.

محاولات التشكيك المتكررة، جاءت أمس أيضاً على لسان نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ علي دعموش الذي لعب على حافة التناقض في كلامه عندما قال في بداية حديثه: «إن الجيش قادر وحده ومن دون حاجة الى مساعدة التحالف الدولي على تحقيق إنجاز جديد للبنان بدحر داعش عن أرضه، وإن معركة جرود القاع ورأس بعلبك ضرورة وطنية لاستكمال تحرير ما تبقى من أرضنا في المنطقة البقاعية، وللقضاء على الإرهاب التكفيري في هذه المنطقة، وتطهير الحدود اللبنانية الشرقية بالكامل من داعش والإرهاب التكفيري». لكنه سرعان ما عاد إلى غريزة «التنقير»، معتبراً أن «المعركة التي يخوضها الجيش من الجانب اللبناني والمقاومة من الجانب السوري هي معركة متكاملة لإنهاء التهديد والخطر الذي يشكله داعش على منطقة البقاع وعلى كل المناطق اللبنانية وعلى كل الطوائف في لبنان». وبهذا التحوير، ترتسم مُجدّداً نيات الحزب في سعيه المُستميت الى تعويم النظام السوري وجعله شريكاً للنصر المعقود على جباه الجيش وضباطه وعناصره.

وفي ما يتعلق بالمعركة وطبيعتها ودعوة حلفاء النظام السوري، الى التنسيق بينه وبين الجيش اللبناني، تؤكد مصادر عسكرية أن «الجيش أعلن أكثر من مرّة أن معركة تحرير الجرود معركته ومن مهامه فقط، وهو كفيل برد الإرهاب عن أراضيه. أمّا إذا أراد الجيش السوري الدخول في المعركة من الجهة السورية وملاحقة فلول داعش، فهو بهذا الأمر، يقوم بواجبه، وليس فيه منّة لا منه ولا من الجهة اللبنانية».