IMLebanon

تصفية 250 ألف يهودي في معسكر واحد لم تمنع “الخيانة التاريخية”!

 

 

أثارت قضية حرمان روسيا من المشاركة في ترميم متحف معتقل سوبيبور شرق بولندا، الذي أزهق فيه النازيون أرواح 250 ألف يهودي جدلا كبيرا في روسيا وهولندا وسلوفاكيا وبولندا وإسرائيل.

معسكر سوبيبور الذي شيده النازيون عند أعتاب بلدة سوبيبور شرق بولندا على بضعة كيلومترات عن الحدود الروسية والأوكرانية والبيلاروسية سنة 1942، كان ساحة شهدت خنق 250 ألف يهودي وغيرهم اقتيدوا من أراضي الدول التي كانت تجتاحها جحافل هتلر إبان الحرب العالمية الثانية.

سوبيبور، ذاع صيته بين معسكرات الموت الأخرى التي نصبها النازيون في عموم أوروبا لقتل اليهود والغجر والأسرى السوفييت وغيرهم، حيث كان المعتقل الوحيد الذي انتفض معتقلوه على سجانيهم بين المعسكرات النازية التي زرعها الهتلريون أينما حلوا في أوروبا.

 

 

انتفاضة معتقلي سوبيبور ما تمت، لولا الضابط السوفياتي الأسير ألكسندر بيتشيرسكي الذي اقتيد إلى سوبيبور في الـ23 من أيلول 1943، وبدأ منذ وصوله إلى هناك يخطط للانتفاض على حراس المعتقل وقتلهم لتحرير المعتقلين وتأمين فرارهم إلى الغابات المجاورة ومنها إلى الأراضي السوفيتية.

في الـ14 من تشرين الأول، أي بعد نحو أسبوعين على وصوله إلى سوبيبور، تزعم بيتشيرسكي الانتفاضة التي لم يكتب لها النجاح المنشود، حيث أخفق المعتقلون بعد قتل عدد من الحراس في اقتحام مخزن الأسلحة في المعسكر، واضطروا إلى الفرار مكتفين بما معهم من سلاح.

الفرار من الموت لم يكتب سوى لـ 200 معتقل من 550 شاركوا في الانتفاضة، حيث تدارك حراس النازية الأمر وفتحوا النار في جميع الاتجاهات، وقتلوا من قتلوا، واعتقلوا من اعتقلوا من الفارين ومن حاول اللحاق بهم.

الموت خنقا، كان مصير جميع من بقوا في سوبيبور، حيث أزهقت أرواحهم فيما سماه المعتقلون بـ”الحمام”، وهو عبارة عن قاعة كبيرة تتسع لنحو ألف شخص.

 

 

كان يقتاد النازيون معتقليهم بين الفينة والأخرى إلى “الحمام” على دفعات تضم كل منها 800 شخص، إما من الذكور أو الإناث بعد فرز الأطفال عنهم إلى آجال أخرى لتشغيلهم أو إعدامهم.

“الحمام” من الداخل، خال من النوافذ، ولا توجد فيه إلا فتحات جانبية تخرج إلى سيارات شاحنة تقف في الخارج، ونافذة زجاجية واحدة في السقف كان يقف إلى جانبها ناظر ألماني يتابع سير اختناق البشر، ويبلغ المعنيين بانقضاء الأمر.

الشاحنات التي تقف في الخارج، كانت تضخ بالخراطيم إلى “الحمام” عبر الفتحات الجانبية في جدرانه، الغاز السام الذي يقضي على آخر “المغتسلين” في 15 دقيقة، ويتم تجميع وترتيب الجثث لشحنها إلى حفرة كبيرة في الغابة المجاورة، يتم طمرها وحفر غيرها بعد كل عملية.

أما “المحكومون”، فكانوا ينتظرون “الحمام” المقبل ليكونوا في مقدمة “المغتسلين”، ليجمع جثثهم في الأسفل “محكومون” جدد يحلّون محلهم.

“الحمام”، و”المغتسلون” و”المحكومون”، تسميات اصطلحها معتقلو سوبيبور ساخرين من قدرهم!

تجدر الإشارة إلى أن وزارة الخارجية الروسية، قد استدعت مؤخرا سفراء البلدان المنخرطة في مشروع ترميم متحف معتقل سوبيبور، وهي هولندا وسلوفاكيا وبولندا وإسرائيل، واحتجت لديها على إقصاء روسيا عن المشروع، فيما اعتبرت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم الخارجية الروسية أن موقف إسرائيل، المتواطئ مع الدول التي حرمت روسيا من المشاركة في الترميم، “موقف يتسق مع الخيانة التاريخية”.