IMLebanon

تقرير IMLebanon: خبراء إقتصاديون يطمئنون… لبنان يملك حيويته الإقتصادية!

تقرير رولان خاطر

يحذر العديد من الخبراء الاقتصاديين في الفترة الأخيرة من انهيار اقتصادي شامل في لبنان، عاكسين صورة سلبية عن الوضع الاقتصادي، لأسباب عدة، منها استمرار تفاقم العجز في الموازنة، وتراجع النمو، إضافة إلى مؤشرات أخرى تطال الحركة الاقتصادية في المجتمع.

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كان جازماً ردّه بأن “لا انهيار لا في الليرة ولا في الاقتصاد”، ولكنه قال “عيننا على العجز”، ما يعني ان المطلوب بحسب الحاكم تخفيض العجز في الموازنة العامة لتحقيق إيجابيات اقتصادية كبيرة في البلد.

كيف قرأ الاقتصاديون كلام الحاكم؟

الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، الذي يعتبر أول من حذروا من الانهيار الشامل للاقتصاد في لبنان، ومن هو من المؤيدين لسياسة “الحاكم” كما يقول، اعتبر في حديث لـIMLebanon أن الحاكم على الرغم من تأكيده بأن لا انهيار اقتصادياً، إلا أنه تحدث في الوقت نفسه عن “عجز في الموازنة”، وهذا يعني انه يمكن ان نصل الى الانهيار والى الكارثة الاقتصادية اذا استمر العجز، وعلى الطبقة السياسية معالجة هذا العجز. وكأنّ الحاكم يقول للسياسيين “أوقفوا العجز في الموازنة، وخذوا مني الاستثمارات”.

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور لويس حبيقة في حديث لـIMLebanon ان حاكم مصرف لبنان يشير الى أن هناك عجزا يجب معالجته ولا يمكن الاستمرار به، ولكن لا يقصد أنه اذا لم تتم معالجته فنحن ذاهبون إلى الانهيار الاقتصادي، معربا عن تأييده لكل ما قاله حاكم مصرف لبنان.

الدين العام والانتظام المالي

إن تنامي الدين هو من أخطر الأمور التي تواجه الاقتصاد اللبناني، وعلى الرغم من خطورته يمكن التصدّي له ومعالجته بشيء من اليسر، شرط  توافر بعض العناصر، منها معالجة العجز.

وفي هذا الإطار، كشف عجاقة انه من العام 2004، نشهد عجزا تصاعدياً وصل اليوم إلى 40.4 مليار دولار، وهذا تراكم دين. ففي العام 2016، وصل العجز الى 5 مليار دولار، فيما العجز المتوقع لهذا العام 7 مليار دولار.

ورأى أن الحديث عن كارثة اقتصادية او انهيار اقتصادي ليس تهويلا،  بل هو إنذار، يقوم على أسس علمية، فالدين العام يرتفع سنويا من العام 1993 لغاية اليوم 3.1 مليار دولار، ولكن المشكلة اليوم ان هذا الدين لم يعد يرتفع بطريقة “خطية” بل دخلنا مرحلة ما يسمى بالـ”أسي”، هذا يعني اننا بدأنا نرتفع سنويا بالدين العام بمبلغ يتعدى الـ3 مليار دولار، وبالتالي نحن لسنا في انتظام مالي.

و”الانتظام المالي” يُعرّف في الاقتصاد “بقدرة الدولة على خدمة الدين العام”. وكي تستطيع الدولة أن تسيطر على خدمة الدين العام يجب ان يكون ما يسمّى بـ”الميزان الأولي” قيمته أكبر من خدمة الدين العام، وبالتالي يتأمن الانتظام المالي، ولكن عندما تتخطى خدمة الدين العام الـ4 مليار دولار سنويا في لبنان، والميزان الأولي قيمته 700 مليون دولار، فهناك مشكلة كبيرة، ومن هنا تبرير الحديث عن كارثة اقتصادية اذا استمر الوضع على حاله.

وانطلاقاً من هنا، لا احد سيستطيع وقف الانهيار الاقتصادي اذا استمرينا على هذا الوضع السيء كما يقول عجاقة. فهناك 50% من مدخول الدولة يذهب الى “الأجور”، ومؤسسة كهرباء لبنان من الـ2008 إلى الـ2017 سحبت 16 مليار دولار من الدولة.

حبيقة من جهته، شدد على ضرورة معالجة العجز في الموازنة، وأعرب عن اعتقاده بأن انهيارا يتمثل بهبوط كارثي للدولة والليرة أمر غير وارد بتاتاً، فالاقتصاد اللبناني لا يزال يملك حيويته.

حلول

الدين العام ومسألة العجز تحتاج لتضحيات ومبادرات سريعة، كما يقول حبيقة، مشبهاً مسألة معالجة العجز لشخص أراد أن يقوم بمعاينة طبية بطريقة دورية وليس بالضرورة ان يكون مريضاً، لكن المعاينة من الضرورات، وبالتالي معالجة العجز من الضرورات ولكن ليس بالضرورة أننا سنصل الى انهيار اقتصادي اذا لم تتحقق.

وجزم حبيقة بأن لا انهيار اقتصاديا في لبنان ولكن هذا لا يعني ان لا نقوم بواجبنا ونستريح، داعياً الحكومة إلى وضع خطط حل اقتصادية، تهدف بالدرجة الأولى لتحسين النمو الاقتصادي، الذي يخلق فرص عمل ويخفف البطالة، ويوجد الاستثمارات، ويحفّز المغترب على المجيء الى لبنان والاستثمار فيه. هذا اضافة الى تعديلات القوانين والعديد من الاجراءات الأخرى.

أما البروفسور عجاقة فطرح حلولا عدة للجم العجز، في طليعتها خفض الانفاق، ومحاربة الفساد.

خفض الانفاق: هناك طريقتان، تنص عليهم النظرية الاقتصادية، وتم تطبيقهما في بعض الدول الأوروبية وأعطوا نتيجة فعالة:

الطريقة الأولى، خفض الانفاق 1% على كل بنود الموازنة بطريقة عشوائية، وهذه الطريقة تبعتها هولندا واستطاعت ان تخفض عجزها في الموازنة.

الطريقة الثانية: تناول البنود الأكثر كلفة، مثل الأجور والكهرباء، ومعرفة مكامن الفساد فيها. (فرنسا اليوم، ستبدأ باعتماد هذه الطريقة، فهي دخلت الى بند “الأجور”، ووضعت هدفا لها بتخفيضها، فالأجور اليوم تكلف الدولة 287 مليار يورو سنويا، ويجب ان تصل الى 250 مليار يورو في ظرف 3 سنوات).

محاربة الفساد: خصوصاً ان إقرار الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام ستحول بدورها الفساد إلى القطاع الخاص اذا لم يتم وضع ضوابط وحدود للفساد. فعلى سبيل المثال، عند اي مناقصة اذا كان من تقدم بها صديقا لوزير او مسؤول فتقع المناقصة عليه، ما يعني اننا نقلنا الفساد الى القطاع الخاص.

الليرة والانهيار

أبدى عجاقة عدم تخوّف على الليرة اللبنانية، في ظل وجود رياض سلامة “حامياً” لها. فالحاكم أظهر حكمة كبيرة بموضوع إدارته لليرة اللبنانية، فعلى الرغم من الأزمات الكبيرة التي مر بها لبنان، من اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الى حرب تموز 2006، احداث 7 ايار، الفساد وغيره، لم تخسر الليرة أبدا امام الدولار. وحاكم مصرف لبنان لديه احتياطا كبيرا يصل الى حوالي 50 مليار دولار، وله دعم المصارف الذي تملك سيولة بنحو 150 مليار دولار.

من جهته، اعتبر حبيقة ان الحديث عن انهيار اقتصادي مردّه الى اسباب عدة، منها وجود “فزع” لدى البعض، وجود عدم خبرة وإلمام، وهناك من يتحدثون بخلفية سياسية ويمثلون جهات معينة هدفها ايصال رسائل سياسية عبر هذا الموضوع، ومنهم من يعبرون بشفافية، داعيا الى عدم الخوف على الاقتصاد ومن “الشانتاجات” السياسية.