IMLebanon

تبديل العسكر على الجبهة… ولبنان يشيِّع الشهداء

 

كتب عيسى يحيى في صحيفة “الجمهورية”:

مزهوّين بما تَحقّق خلال اليومين الماضيين، رافعين إشارات النصر المحتّم، مكلَّلين بالعَلم اللبناني وعَلم الجيش على آليّاتهم التي جابت الجرود، وغبار الأرض يكسو وجوههم، يتنقّل جنود الجيش اللبناني من وإلى جرود رأس بعلبك والقاع، كخليّة النحل التي لا تهدأ لتُنجزّ عملها، فيما ينتظر الأهالي إعلانَ التحرير لتتّصل الجرود بعضها مع بعض وصولاً حتى عرسال تأكيداً على هويتها التي اغتُصِبت على مرّ خمسِ سنوات.حركةٌ طبيعية تعيشها بلدتا رأس بعلبك والقاع، فلا خوف يَعتري الأهالي من التطوّرات التي قد تحملها الأيام المقبلة، بعد دحرِ عناصر الجيش اللبناني الإرهابَ عن المنطقة وإقفال الطريق أمام أيّ عمليات انتحارية أو استهداف للآمنين.

بالمعنويات العالية وتجهيز الطعام للجنود في الميدان يعيش الأهالي يومهم الطبيعي، حيث أقيمت الخيَم وسط البلدة لاستقبال العائدين من المعركة وتوزيع المياه، لريّ عطش من يفدي الأرض بدمه وظمأ من يتوق للعودة إلى الأرض.

على طول الطريق الدولية وصولاً إلى مركز العمليات في منطقة رأس بعلبك، لا تنفكّ التعزيزات للجيش من آليات وصليات صواريخ بالوصول، ومنها إلى الجرود حيث يتمّ تبديل القطع والوحدات العسكرية.

ثلاث دفعات متتالية من أرتال الآليّات والعناصر من فوج المجوقل عادت من الجرود رافعةً صورةَ الشهيد النقيب أحمد طبيخ الذي سقط العام الماضي على تلّة المخيرمة في جرود رأس بعلبك، وكان في استقبالها وسط ساحة البلدة الأهالي واللجنة الوطنية لقدامى القوات المسلحة، حيث أقاموا خيمةً دعماً للجيش لتوزيع المياه واستقبال الوفود الداعمة للمؤسسة العسكرية وعملية «فجر الجرود»، كذلك إنشاء بنك أسماء للراغبين بالتبرّع بالدم والبقاء رهن الطلب والنداء.

كذلك أنشأت جمعية النجدة الشعبية اللبنانية خيمةً مقابلة للإسعافات الأوّلية ومستشفىً ميدانياً متواضعاً لمواكبة التطوّرات وتقديم الدعم الصحّي، وعلى المقلب الآخر تنتشر آليّات الدفاع المدني وسيارات الصليب الأحمر لنقلِ جرحى الجيش في حال وقوع إصابات.

ميدانيّاً، واصَلت وحدات الجيش استهدافَ ما تبَقّى من مراكز تنظيم «داعش» الإرهابي بالمدافع الثقيلة والطائرات، وسط تقدّمٍ في اتّجاه التلال المشرفة على البقعة التي حوصِر فيها عناصر التنظيم، وسيطرت على تلتين استراتيجيتين تطلّان على مراكز التنظيم المتبقّية وتبقيانِه تحت مرمى النيران، ومن ناحية جرود عرسال سيطر الجيش على تلال دوّار الزنار وتلّة النجاصة التي سقط عليها شهداء الجيش أمس الأول جرّاءَ استهدافِهم بعبوة مزروعة والتي تشرف على مواقع الإرهابيين في جرود رأس بعلبك، فيما نظّفت وحدات الهندسة في الجيش المناطق المحرّرة من الألغام والعبوات والأجسام المشبوهة، وفتحت الثغرات في حقول الألغام أمام الوحدات الأمامية، استعداداً لاستكمال عملية «فجر الجرود» وفق الخطة المرسومة من قيادة الجيش، والتي تشير المعطيات إلى أنّ نهايتها على أبعد تقدير بعد غدٍ.

من جهتها، أعلنَت قيادة الجيش أنه «نتيجة عمليات البحث والتفتيش في المناطق التي استعادها الجيش من تنظيم «داعش» الإرهابي، خصوصاً داخل المراكز والمغاور والخنادق، ضَبطت وحدات الجيش كمّيات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجّرات والأعتدة العسكرية، تشمل: مدافع هاون ورشاشات متوسطة وثقيلة وبنادق حربية وقنابل يدوية، وقاذفات مضادّة للدروع وصواريخ مضادّة للطائرات، وعبوات ناسفة وألغاماً مضادة للأشخاص والآليات وقذائف وذخائر من عيارات مختلفة، إضافة إلى كمّيات من أجهزة الاتصال والتصوير ومعدّات عسكرية متنوّعة، وأدوية ومنشّطات».

التشييع

من جهةٍ ثانية، شيّعت قيادة الجيش وأهالي بلدات برقايل والكويخات – عكار ورعِيت زحلة، كلّاً من الرقيب الشهيد باسم موسى والجندي الشهيد عثمان الشديد والجندي الشهيد إيلي فريجه، الذين استشهدوا جرّاء تعرّضِهم إلى انفجار لغمٍ أرضيّ على طريق دوار النجاصة – جرود عرسال.

استُهلّ التشييع، بإقامة مراسم التكريم للرقيب الشهيد باسم موسى وللجندي الشهيد عثمان الشديد أمام المستشفى العسكري المركزي – بدارو، وللجندي الشهيد إيلي فريجه أمام مستشفى دار الأمل الجامعي – بعلبك، حيث أدّت لهم ثلّة من الشرطة العسكرية وموسيقى الجيش التحيّة والتشريفات اللازمة، وجرى تقليدهم أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري من الدرجة البرونزية، ثمّ تمَّ نقلُ الجثامين إلى البلدات المذكورة.

وقد مثّل كلٌ من العقيد توفيق يزبك والعقيد الركن جاك عبد الساتر والعقيد الركن ياسر جمعة، وزير الدفاع الوطني يعقوب رياض الصرّاف وقائد الجيش العماد جوزف عون في احتفالات التأبين، وألقوا كلمةً بالمناسبة نوّهوا فيها ببطولات الشهداء وتفانيهم في أداء الواجب العسكري، وممّا جاء في الكلمة:

«هذه ملحمة أخرى، يَخوض فيها أبطالنا الحربَ بلا هوادة على الإرهاب المتربّص شرّاً بأهلنا على حدودنا الشرقية، والذي ما انفكّ يُظهر وجهَه البشع، بالإجرام والعدوان والتنصّل من المبادئ الإنسانية والأخلاق.

في المقابل يعلن جيشنا إصرارَه على اجتثاث هذا الإرهاب من جذوره، سلاحُه إيمانُه النهائي بالوطن، واللحمة بين الرفاق، والتفاف المجتمع اللبناني بأكمله حوله، في موقفٍ مشَرّف يعبّر عن كامل الثقة والدعم والتأييد».