IMLebanon

أزمة مستحقات “الخرافي”.. تسوية مجتزأة لا تنهي مشكلة العمال

lebanese-university-hadath
حنان حمدان

لأشهر مضت، إستمر تقاذف المسؤوليات بين وزارة المال ومجلس الإنماء والإعمار في شأن المستحقات المالية لشركة “الخرافي”، وهي شركة كويتية مسؤولة عن تشغيل وصيانة مجمّع “الجامعة اللبنانية” في الحدث، وقد بلغت مستحقاتها عن الفترة الممتدة من شباط 2015 وحتى تاريخه نحو 17 مليار ليرة.

تقاذف المسؤوليات بين الطرفين، إستمر إلى حين نفذ عمال شركة “الخرافي” وموظوفها إضراباً في 20 تشرين الثاني، احتجاجاً على عدم تقاضي نحو 600 عامل وموظف أجورهم من الشركة منذ شهرين. وبسحر ساحر، تمت تسوية الأمر مع مجلس الإنماء والإعمار، وفق ما أكده وزير المال علي حسن خليل، فـ”المسألة تمت تسويتها مع المجلس والمستحقات ستحول الى الشركة غداً”، وذلك عقب لقائه وفداً طلابياً من الجامعة اللبنانية يوم الإضراب نفسه.

التسوية بين الأطراف المعنية تمت بالفعل، إذ أبلغ مجلس الإنماء والإعمار شركة “الخرافي” شفهياً أنه سيتم تحويل الأموال إليها، يوم الإثنين في 30 تشرين الثاني، حالما ينهي المجلس الإجراءات الروتينية لذلك. والحقيقة أن التسوية أتت مجتزأة، حيث أن المبلغ الذي تضمنته التسوية بلغ 4.7 مليار ليرة، أي ما يقارب 45 في المئة من قيمة الحوالات الثلاث التي رفعها المجلس إلى الوزارة في الأشهر الماضية وبلغ مجموعها 8 مليارات و600 مليون ليرة لبنانية، وهي تقارب قيمة مستحقات الشركة للفترة الممتدة من شهر شباط ولغاية حزيران 2015، فيما يتجاوز مجموع الأموال المستحقة للشركة حتى تاريخه نحو 17 مليار ليرة. وقد تم الإثنين تحويل مبلغ 3.5 مليار ليرة الى الشركة، من أصل 4.7 مليار، وسيحوّل الباقي في الأيام القليلة المقبلة.

وبحسب مصدر في الشركة فإن المبالغ المستحقة للشركة تشمل أيضاً “التوقيفات العشرية (وهي 10 في المئة مقتطعة من قيمة الفواتير المقدمة الى وزارة المال) والتي لم يتم تسديدها إلى الشركة منذ عامين، يضاف إليها، التعويضات الخاصة بالموظفين والتي دفعت في العام 2008، بموجب المرسومين 500 و501، ولم يتم تحصيلها حتى تاريخه، علماً بأن العقد لم يلحظ وجوب دفع الشركة لهذه التعويضات”.

والحال، أن دفع جزء من المستحقات لا يعني إنهاء المشكلة إنما تأجيلها، فعلى الرغم من تأكيد المصدر نفسه على “دفع رواتب وأجور العمال بكاملها بعد تحويل المستحقات اليوم الإثنين”، إلا أنه من المحتمل عودة المشكلة مجدداً في حال لم تدفع المستحقات المتبقية، لاسيما أن التسوية لم تشمل المبالغ المتبقية، فيما لا تزال الجهة المسؤولة عن هذا التأخير “مجهولة”.

وإذا ما أردنا البحث في طبيعة العلاقة التعاقدية القائمة وأطرافها، نجد أن مجلس الإنماء والإعمار هو المسؤول عن مشروع تلزيم خدمة الصيانة والتشغيل في الجامعة، وهو يتولى الرقابة على أعمال الشركة، من خلال إستشاري خاص تابع لشركة “لاسكو” (وهي شركة إستشارية مكلفة من قبل مجلس الإنماء والإعمار)، يتولى مهام تدقيق الفواتير ورفعها إلى المجلس لمراجعتها، وفي حال اعتمدت من قبل المجلس ترفع إلى وزارة المال ليتم تحويل المستحقات دورياً كل 115 يوماً وفق ما نص عليه العقد.

وبالتالي فإن العلاقة محصورة بين الشركة والمجلس الذي ردد مراراً أن المسألة عالقة في وزارة المال، وهو لا يتحمل مسؤولية عرقلة تحويل الأموال. وعليه، يصبح التساؤل مشروعاً، حول سلفة الخزينة المرصودة في وزارة المال لتنفيذ مشروع التلزيم والتي تبلغ 20 مليار ليرة سنوياً. وكان يفترض أن تكفي لدفع مستحقات الشركة حتى 30 أيلول الماضي، أي موعد إنتهاء عقد الشركة، ما يشير إلى وجود قطبة مخفية حالت دون دفع المستحقات. وفي السياق، حاولت “المدن” التواصل مع الوزارة ولم تلقَ رداً في هذا الشأن.

المناقصة

أجريت مناقصة إعادة تلزيم خدمة التشغيل والصيانة في المجمع في 22 حزيران الماضي، بمشاركة ثلاث شركات، الخرافي إحداها، ولم يتم البت بها حتى الآن بانتظار وضعها على جدول أعمال مجلس الوزراء. علماً أن عقد التشغيل والصيانة للشركة المشغلة حالياً انتهى في 30 أيلول الماضي، ولا صفة قانونية لعمل الشركة اليوم، إلا أن إستمرارها في عملها يستند أولاً إلى ضرورة إستمرار عمل المرفق العام، ويهدف ثانياً، إلى إعادة تلزيم الشركة نفسها خدمة التشغيل والصيانة.
وتجدر الإشارة، إلى أن أول مناقصة لتلزيم خدمتي التشغيل والصيانة في المجمّع تمت في العام 2005، وفازت حينها شركة الخرافي، وتم تجديد العقد معها في العام 2008 لمدة ثلاث سنوات، وفي العام 2011 تم التمديد لها لعام إضافي، وفي العام 2012 أجريت المناقصة الثانية وتم تلزيم “الخرافي” مجدداً، وقد بلغت قيمة العقد الأخير 36 مليون دولار، وتم العمل بداية بعقد مصالحة بلغ قيمته 4.7 مليار، واستمر من 1 تشرين الأول 2012 ولغاية 15 آذار 2013. وعليه، ما هو شكل التعاقد في العام 2015، التجديد أم التمديد، أم مناقصة جديدة؟