IMLebanon

“البلدية” تنقذ لبنان من الوقوع في فخّ “الدولة الفاشلة”

tripoli-elections-2016-1

كتبت صحيفة “الراي” الكويتية: غداً يوم آخر. “تستريح” صناديق الانتخابات البلدية والاختيارية من “قرقعة” الأصوات والمقترعين، لتنطلق مرحلة “غرْبلة” حسابات الربح والخسارة و”إسقاطها” على الأحجام السياسية وعلى مجمل المشهد اللبناني الذي تحوّل معه الاستحقاق البلدي بمثابة “حلبة” لـ “مصارعاتٍ” ذات صلة بالانتخابات الرئاسية التي دخلتْ قبل أربعة أيام سنة الفراغ الثالثة كما بالانتخابات النيابية المقبلة (موعدها ربيع 2017) التي شكّلت أيضاً خلفية رئيسية في المعارك التي خيضت والتحالفات التي نُسجت.

ومع توجُّه 580095 ناخباً في محافظة الشمال و 269910 ناخبين في محافظة عكار الى الصناديق اليوم، تكتمل “القطعة الأخيرة” من “بازل” الانتخابات البلدية التي جرت على أربع جولات كان أوّلها في 8 ايار الجاري، والتي تداخلت فيها العوامل العائلية والمحلية مع العناصر السياسية والحزبية التي جعلت هذا الاستحقاق “تمريناً” انتخابياً افتقده لبنان الذي علّق انتخاباته النيابية منذ العام 2009.

واذا كان الاستحقاق البلدي “أنقذ” لبنان من الوقوع في فخّ “الدولة الفاشلة”، فإن ما بعد “بلديات 2016”، ورغم كل الحسابات السياسية التي تُبنى على نتائجها، لا يبدو انه سيحمل اي “مكمّلات” على مستوى إنجازٍ قريب للانتخابات الرئاسية في ضوء الأفق الاقليمي الذي لا يشي، أقلّه حت الساعة، بإمكان التعاطي بمرونة مع أزمة لبنان لا سيما من جانب ايران، وهو ما يعني بطبيعة الحال تريثاً على مستوييْن:

* الأول المبادرات الخارجية كالتي تضطلع بها فرنسا مع كل من طهران والرياض والتي تبقى غير قادرة على استيلاد حلول وشيكة بمعزل عن ايجاد نقطة تقاطُع مصالح بين السعودية وايران على تحييد لبنان عن الصراع الكبير في المنطقة.

* والمستوى الثاني مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري التي تحتاج الى ضمانات خارجية ذات ثقل سواء لجهة ان القوى السياسية ستلتزم انتخاب رئيس مباشرة بعد إجراء انتخابات نيابية مبكّرة (وفق قانون انتخاب جديد او القانون الحالي) او لجهة “الدوحة اللبنانية” التي اقترحها بري كبديل على ان تشمل كل “مكونات” الأزمة اللبنانية. علماً ان هذه المبادرة تقابَل بخشية متعاظمة من ان تكون وضعت البلاد امام خياريْن “في الشكل” ولكنهما يصبان في النهاية في خانة واحدة هي إعادة النظر في التوازنات الداخلية بما يخدم رؤية “حزب الله” للواقع اللبناني ولـ “وزْنه” فيه بمرحلة ما بعد انقشاع “العاصفة” في المنطقة.

وفي حين نجح “حزب الله” ومعه شريكته في الثنائية الشيعية اي حركة “أمل” في تجاوُز الانتخابات البلدية (جنوباً وبقاعاً كما في الضاحية الجنوبية) بانتصارات متوقّعة مع تسجيل “تجرؤ” غير مسبوق، من داخل البيئة الشيعية ومن يساريين، على خوض المعارك بوجهه في معاقله وصولاً الى “هز شِباكه” في بعض المناطق، فإن الحزب غير معني بما سيشهده الشمال اللبناني اليوم الذي تهبّ عليه “رياح ساخنة” تعني في شكل أساسي المقلبين السني والمسيحي.

فعلى الصعيد السني، تكاد انتخابات مدينة طرابلس ان تختصر مجمل المعارك في الشمال، هي التي تُعتبر مع عكار “الخزان الشعبي” المؤيد للرئيس السابق للحكومة زعيم “تيار المستقبل” سعد الحريري الذي اختار في المدينة ان يغلّب عامل التوافق من خلال الدخول في ائتلافٍ مع الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي، وذلك بعدما كرّست انتخابات بيروت وصيدا زعامته السنية.

ورغم الفوز المرجّح للائحة الائتلاف السياسي في طرابلس، فإن الأنظار تشخص على المواجهة التي تدور بين الرئيس الحريري ووزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي الذي افترق عن “المستقبل” (رغم انه لم يكن ينضوي تنظيمياً اليه) وينخرط في الاستحقاق البلدي في المدينة بلائحة مكتملة من 24 عضواً، وسط ترقُّب للأرقام التي ستحققها هذه اللائحة باعتبار ان ذلك سيكون مؤشراً مهماً للانتخابات النيابية المقبلة وبمثابة “استفتاء” على خيارات الحريري كما حجم ريفي، باعتبار ان الأخير يطرح نفسه مؤتمناً على خط الرئيس رفيق الحريري ومبادئ “انتفاضة الاستقلال” وحامل راية المواجهة مع “حزب الله”.

وفي المقلب المسيحي، يخوض تحالف “القوات اللبنانية” بقيادة سمير جعجع و”التيار الوطني الحر” بزعامة العماد ميشال عون آخر اختبار لتفاهُمهما الناشئ الذي انطلق رسمياً مع تبني جعجع لعون كمرشح للرئاسة والذي تعرّض لبعض “الانتكاسات” في انتخابات جبل لبنان وجزين (الجنوب).

ومن هنا، فان الثنائي المسيحي ينخرط في انتخابات الشمال حاملاً 3 أهداف: الاول برسم النائب سليمان فرنجية، مرشّح الحريري لرئاسة الجمهورية. وهنا يسعى عون – جعجع في غالبية بلدات الشمال وأقضيته الى تحقيق انتصارات سواء بوجه لوائح مدعومة من فرنجية وآخرين (كما في قضاء الكورة خصوصاً) او مقابل لوائح تؤيّدها عائلات ومستقلّون، بهدف “تقليم أظافر” فرنجية رئاسياً وتقويض حضوره الشعبي في الشمال الذي يُعتبر امتداداً لمنطقة نفوذه الرئيسية اي زغرتا.

والثاني يتم التعبير عنه في قضاء البترون، من خلال المنازلة في تنورين بين الثنائي المسيحي واللائحة المدعومة من النائب بطرس حرب وهي المنازلة التي تكتسب أهمية خاصة باعتبار انها توجّه رسالة تحجيم لوزير الاتصالات في مسقطه لا بد ان تكون لها تبعات في الانتخابات النيابية المقبلة بمعنى تعبيد الطريق امام صهر عون وزير الخارجية جبران باسيل لدخول الندوة البرلمانية عن البترون، هو الذي فشل مرتين متتاليتين بالفوز في هذا القضاء.

اما المواجهة القاسية المرتقبة في القبيات (عكار) بين تحالف عون – جعجع وبين اللائحة المدعومة من النائب هادي حبيش (من كتلة الحريري) فتبدو موجّهة الى زعيم “تيار المستقبل” وترمي الى “ترسيم نفوذه” في مناطق الحضور المسيحي الممثُّل نيابياً في البرلمان كما هو حال عكار وقول “الأمر لنا” في تمثيلها. علماً ان هذه المعركة كانت اتخذت منحى حاداً مع استقبال جعجع شخصياً اللائحة المدعومة من “القوات” و”التيار”.