IMLebanon

تساقط حجارة الدومينو الأوروبية .. إيطاليا الحجر التالي

ItalyEcon
ولفجانج مونشاو

تصويت المملكة المتحدة لمغادرة الاتحاد الأوروبي لن يؤدي فقط إلى قطع الروابط بين المملكة المتحدة والتكتل ـ وربما بين اسكتلندا وإنجلترا – بل لديه القدرة على تدمير منطقة اليورو. هذا ليس الموضوع الذي يفكر فيه الناس الآن. لكن من المحتمل أنه الأثر الأكبر على الإطلاق. أنا مقتنع أن تداعيات خروج بريطانيا ستكون محايدة إلى سلبية بشكل معتدل بالنسبة للمملكة المتحدة، لكنها ستكون مدمرة بالنسبة للاتحاد الأوروبي.

المشكلة الرئيسية ليست رغبة بلدان أخرى في إجراء استفتاءات على عضوية الاتحاد الأوروبي. الأمر أكثر حدة. الاستفتاء التالي الذي سيجرى في الاتحاد الأوروبي سيكون في إيطاليا في تشرين الأول (أكتوبر). وهو لا يتعلق بالاتحاد، بل بإصلاحات ماتيو رينزي الدستورية. رئيس الوزراء الإيطالي يخوض مقامرة لا تقل خطورة عن ما فعله ديفيد كاميرون.

رينزي يطلب من الإيطاليين الموافقة على عدد من الإصلاحات لتبسيط نظامهم السياسي. المقترحات معقولة. لكن ينظر الإيطاليون إلى الاستفتاء باعتباره فرصة للتصويت ضد الحكومة في منتصف فترة ولايتها. وكان رينزي قد تعهد بأنه سيستقيل إذا خسر. إذا خسر، سيكون ذلك بمثابة خطأ تاريخي في الحكم بحجم خطأ كاميرون. كانت استطلاعات الرأي تظهر فارقا بسيطا لمصلحة الموافقة، لكن من المرجح أن تكون غير موثوق بها بقدر تلك التي في المملكة المتحدة. أصدقائي الإيطاليون يقولون لي إن هناك احتمالا كبيرا لأن يخسر رينزي فعلا، وفي هذه الحالة إما يستقيل على الفور وإما يدعو لإجراء انتخابات في أوائل عام 2017.

الآثار المترتبة على خروج بريطانيا بالنسبة لإيطاليا مثيرة للقلق جدا لثلاثة أسباب. أولا، لننظر إلى الأثر الاقتصادي. اقتصاد إيطاليا كان في حالة انتعاش ضعيف بعد فترة ركود طويلة. التصويت البريطاني سيكون له أثر كبير على النمو في منطقة اليورو. لكن بالنسبة لإيطاليا هذا يعني عودة إلى معدل نمو أقل من 1 في المائة أو أسوأ.

ثانيا، يجب الاحتراس من المصارف الإيطالية التي ينقصها رأس المال بشكل كبير. في الآونة الأخيرة كان هناك مخطط لإعادة رسملة النظام، لكنه كان مخيبا للآمال. الخيارات الوحيدة المتروكة لإنقاذه هي برنامج في ظل آلية الاستقرار الأوروبي، مظلة الإنقاذ التي بالتأكيد سيقاومها رينزي، أو الانفصال عن قائمة طويلة من قواعد الاتحاد الأوروبي بشأن سياسة المنافسة وعمليات إنقاذ المصارف.

ثالثا، والأكثر أهمية، أن التأثير السياسي لاستفتاء خاسر سيكون كارثيا. إما أن يفي رينزي بوعده بالاستقالة وإما يخوض الانتخابات المقبلة وهو في وضع ضعيف. التفاصيل الفنية لهذا السيناريو الذي قد يسود حينها معقدة لكن الحزب الذي من المرجح أن يستفيد هو حزب حركة “خمس نجوم” الشعبوي المناهض للمؤسسة. بيبي جريلو، زعيم الحزب، أكد الأسبوع الماضي دعوته لإجراء استفتاء على عضوية إيطاليا في منطقة اليورو. وكما أظهرت نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة في روما وتورينو، لا ينبغي الاستهانة بحزب جريلو.

الديناميكية السياسية في إيطاليا لا تختلف كثيرا عن تلك الموجودة في المملكة المتحدة. الناخبون في مزاج ثوري. وإيطاليا لم تحقق تقريبا أي نمو في الإنتاجية منذ انضمامها إلى اليورو في عام 1999. المؤسسة السياسية الإيطالية كانت حتى وقت قريب مستهينة باحتمالات خسارتها الاستفتاء بقدر ما كانت المؤسسة البريطانية حتى صباح يوم الجمعة. ولا تزال مستهينة باحتمالات فوز حركة “خمس نجوم” – وستكون كذلك إلى اللحظة التي يحدث فيها.

من وجهة نظري، تلك النتيجة على الأقل محتملة بقدر خروج رينزي منتصرا من هذه الفوضى. الشعب الإيطالي لديه أسباب للمطالبة بتغيير جوهري. على عكس المملكة المتحدة، معدل البطالة هناك مرتفع. إدارة رينزي فشلت في الانفصال عن فضائح الفساد، والأهم من كل شيء، أنها فشلت في تسوية اقتصاد البلاد.

استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث عن المواقف تجاه التكامل الأوروبي في أكبر الدول الأعضاء يشير إلى أن الإيطاليين واليونانيين ينظرون إلى الحوكمة الاقتصادية في الاتحاد الأوروبي بشكل أكثر سلبية. وليس في ذلك ما يثير استغرابي.

ولا أستغرب أن الناس بدأوا يلقون اللوم على اليورو في أنه هو السبب في المشاكل الاقتصادية. وخروج إيطاليا من العملة الموحدة من شأنه إثارة انهيار كامل لمنطقة اليورو في غضون فترة قصيرة جدا.

من المحتمل أن يؤدي خروجها إلى الصدمة الاقتصادية الأكثر عنفا في التاريخ، التي ستجعل إفلاس بنك ليمان براذرز في عام 2008 وأزمة وول ستريت في عام 1929 أقل أهمية. لكن إحساسي هو أن الذين يدعمون رحيل إيطاليا ربما يسعدهم انهيار البيت بأكمله. لمنع مثل هذه الكارثة، ينبغي على قادة الاتحاد الأوروبي النظر جديا في القيام بما فشلوا فيه منذ عام 2008: حل أزمات الاتحاد المتعددة، بدلا من التخبط والسير كيفما اتفق. وهذا يجب أن ينطوي على خطة للاتحاد السياسي لبلدان منطقة اليورو. بريطانيا ليست السبب في كل هذا. منطقة اليورو وقادتها الضعفاء بشكل مفزع هم المسؤولون عن ذلك. لكن خروج بريطانيا قد يكون تماما هو ما يستثير تلك الأمور.