IMLebanon

الأمن الجزئي… والأسئلة المشروعة! (بقلم رولا حداد)

 

كتبت رولا حداد

 

لا يمكننا كلبنانيين إلا أن نفرح للعملية النوعية التي تمّت بالتعاون بين مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وأدّت إلى توقيف انتحاري في مقهى “كوستا” في الحمرا قبل أن يرتكب جريمته.

وللإنصاف، فإن هذه العملية نوعية لأكثر من سبب، وأهمها:

ـ هذه العملية منعت وقوع كارثة، وتدخل بامتياز في إطار الأمن الاستباقي الذي تقوم به الأجهزة الأمنية اللبنانية بحرفية عالية، تجعلها تتفوق على عدد كبير من الأجهزة الأمنية في المنطقة والعالم.

ـ تشكل العملية الأمنية الأولى التي تجري بالتنسيق اللصيق بين جهازين أمنيين، مديرية المخابرات وشعبة المعلومات. وهذا التنسيق إذا ما استمر وتفاعل وتطوّر بشكل إيجابي بين كل الأجهزة فإن نتائجه ستثمر من دون شك تحقيق المزيد من الإنجازات الأمنية النوعية.

ـ أثبتت هذه العملية أن الأجهزة الأمنية الشرعية هي وحدها التي تحمي اللبنانيين، وأن كل مقولات “لولا قتال “حزب الله” في سوريا لكانت “داعش” وصلت إلى جونية أو بيروت” سقطت إلى غير رجعة!

ولكن، وفي مقابل هذه الإيجابيات، فإن ثمة عاملاً سلبياً تظهّر بشكل نافر، وهو يترافق مع كل الحوادث الأمنية، ويتمثل في القضاء على مبدأ “سريّة التحقيق” الذي تنصّ عليه القوانين اللبنانية المرعية الإجراء. فبعد دقائق على العملية الأمنية، انتشرت كل المعلومات على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الإعلام، بدءًا من اسم الانتحاري، مروراً ببطاقة هويته، وصولاً الى صور عملية الاعتقال وصور وجهه مضرّجاً بالدماء من المستشفى، ما يضرب عرض الحائط بكل المبادئ القانونية المعمول بها. هذا من دون أن ننسى نشر تفاصيل التحقيقات والاعترافات الدقيقة للانتحاري. وهنا يأتي السؤال البديهي: من المسؤول عن كل هذه التسريبات؟ وألا يُفترض بالأجهزة المعنية فتح تحقيق بالموضوع ومحاسبة المسربين؟ ومن المسؤول عن المحافظة على “سريّة التحقيق”؟

في المقابل فإن أسئلة كثيرة طرحها اللبنانيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي منذ لحظة انتشار خبر اعتقال الانتحاري، ولا بدّ للمعنيين من الإجابة عليها، حفاظاً على هيبة الدولة والمؤسسات والأجهزة المعنية.

ـ السؤال الأول: كيف تستطيع القوى الأمنية مراقبة ومتابعة جميع الإرهابيين، ومن الجنسيات المتعددة وأبرزها السورية والفلسطينية واللبنانية إضافة إلى جنسيات عربية، وهم غير محددين مسبقاً وقسم كبير منهم غير معروف، وفي الوقت نفسه لا تستطيع القوى الأمنية مراقبة عصابات الخطف مقابل فدية وعصابات سرقة السيارات، والذين ينتمون في غالبيتهم الساحقة إلى بلدة بريتال حيث يسوقون ضحاياهم وغنائمهم دائما إلى هذه البلدة والبقاعية وجرودها؟

ـ السؤال الثاني: كيف راقبت القوى الأمنية انتحاري الحمرا عمر العاصي، ربما منذ أشهر، ولم تقم بمراقبة خاطفي سعد ريشا، وهم من أصحاب السوابق وكانوا خرجوا من السجن قبل 3 أسابيع فقط بحسب المعلومات المسرّبة، مع العلم أن مراقبة أصحاب السوابق تُعتبر من أبسط المهمات الأمنية؟

ـ هل حققت الأجهزة الأمنية مع معاون الرئيس نبيه بري بسام طليس لمعرفة الجهات التي فاوضها لإطلاق سراح سعد ريشا، وما هي المعلومات التي باتت بحوزته عن الخاطفين ومن يغطيهم، وخصوصاً أنها ليست المرة الأولى التي يقوم بها طليس بمثل هذه الأدوار؟

بغض النظر عن الروايات المتناقضة حول “انتحاري الحمرا”، إلا أن الثابت أن ثمة أدواراً متناقضة للأجهزة الأمنية، التي من واجباتها أن تبقي عيونها مفتوحة على مساحة الـ10452 كيلومترا مربعاً. فلو نجح “انتحاري الحمرا”، لا سمح الله، في تحقيق هدفه لكنا سنقع أمام مصيبة لناحية حجم الخسائر البشرية، لكن اللبنانيين كانوا سيتضامنون أكثر في ما بينهم. لكن لو لم يتم إطلاق سعد ريشا لكان البلد ذاهباً باتجاه فتنة داخلية تحرق الأخضر واليابس، وتشكل خطراً أكبر من خطر عملية انتحارية!