IMLebanon

“حريقان” في الجديدة… و”الإطفائية مُعَطَّلة”

 

 

كتبت ناتالي اقليموس في صحيفة “الجمهورية”:

منذ نحو 3 أشهر، وقفت عائلة مالكشيان تودّع كبيرها الذي رحل تاركاً لأولاده محل «مانهوفكو» لبيع زينة للسيارات في منطقة الجديدة. لم تكد دمعة تلك العائلة، المتشحة بالأسود، تجف، حتى وقفت مجدّداً تبكي بأسى وألسنة النيران تلتهم المحل، فيما سيطرت حال من الهلع على سكان المبنى في الطوابق الستة.شمّت الشابة سيرلي رائحة شيء ما يحترق، فخرجت إلى شرفة المنزل الكائن في الطابق الثالث من مبنى «نايرين» منطقة الجديدة- شارع الحكمة. آخر ما كانت تتوقعه أن ترى دخاناً يتصاعد من متجر عائلتها، فتصرخ فوراً وتهرع لنجدة جدّتها التي كانت تدير المحل.

في التفاصيل…

بصعوبة، حاولت الجدة ضبط دقات قلبها المتسارعة، وهي تروي لـ«الجمهورية» حقيقة ما حصل معها، فتقول وإحدى جاراتها تحاول تهدئة روعها: «كانت فشلِة وملّا فشلِة»، تستجمع قواها وتقول: «كل ما في الأمر أن التيار الكهربائي إنقطع فجأة، فتوجهت إلى ساعة الكهرباء أرفع «الهاوس»، وما إن عدت خطواتي لم أجد سوى نار وهبّت في المتجر».

تُقاطعها جارتها بلهجة عربية مكسّرة: «بابا ليش في كهربا بالبلد!».بلمح البصر، إزدحم الشارع بالمارة، وحاول عبثاً أحد الجيران إخماد الحريق بما توافر له من وسائل، منعاً لإمتداده إلى الطوابق العليا، أو إلى المحال الملاصقة، وتحديداً ميني ماركت، ومتجر لبيع الزهور.

نقمة عارمة…

بينما كانت ألسنة النيران تلتهم مقتنيات المتجر، نار من نوع آخر إشتعلت في نفوس أهالي المبنى والجوار: «لماذا الدفاع المدني لم يصل بعد؟». النقمة عارمة والسؤال عينه على ألسنة الأهالي، وبعد نحو ساعة من الإنتظار، علَت صرخة أحد شباب الحيّ» هلّق وصلوا! بعد بكير». قرابة الخامسة وصلت سيارتان للدفاع المدني بعدما أتت النيران على المحل بكامله.

في هذا السياق، يأسف رئيس بلدية الجديدة- البوشرية- السد أنطوان جبارة في حديث لـ«الجمهورية» للحادثة ليس فقط لتأخّر الدفاع المدني في الوصول، إنما لعدم إبلاغ البلدية، قائلاً: «نادراً ما يتمكن الدفاع المدني من الوصول قبل ساعة من إبلاغهم، ريثما يتم التنسيق بين الآليات الأقرب والجاهزة للإنطلاق، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن صهاريج السيارات يجب أن تبقى ممتلئة، وحتى إن لم يكن موسم حرائق».

ويضيف: «للبلدية صهريج مياه في خدمة الأهالي وللحوادث الطارئة، ونحن في مكاتبنا باستمرار، لكن لم يتصل أحد بنا لإبلاغنا، ولم نعرف إلّا بعد سماعنا صفارات سيارات الإطفاء قادمة».

آلية الإطفاء؟

في موازاة ذلك، يوضح مصدر مسؤول في المديرية العامة للدفاع المدني لـ«الجمهورية»، «ان المحل يحوي قطع زينة للسيارات مصنوعة من البلاستيك وزيوت ورذاذات للروائح وأخرى لتعديل ألوان الحلقات الحديدية التي توضع على الإطارات، وهي مجتمعة تصنف كمواد سريعة الإشتعال وتساهم في اتساع رقعة الحريق بسرعة كبيرة»، لافتاً إلى «ان المديرية ستكلّف خبيراً في مجال الحرائق للكشف وتحديد أسباب الحريق».

وحيال النقمة العارمة نتيجة تأخّر وصول سيارات الإطفاء، يفنّد المصدر الأسباب قائلاً: «آلية الإطفاء التابعة لمركز الدفاع المدني في الجديدة المجاور لموقع الحريق معطّلة، وقد تمّ توجيه أقرب آلية من مركز برج حمود فور ورود الإتصال الى غرفة العمليات، وهذا ما يستدعي أكثر من عشر دقائق من الوقت للوصول، مع العلم أن المحل الذي اندلع داخله الحريق يقع في شارع سكني مكتظ ويشهد زحمة سير باستمرار، أضف إلى أنه لحظة اندلاع الحريق كانت زحمة السير في ذروتها».

في السياق، عينه، ناشد المصدر أصحاب المحال بضرورة «التقيد بالإرشادات لجهة تأمين شروط السلامة العامة في كلّ المحال التجارية والمؤسسات العامة والخاصة»، لافتاً إلى «ان المديرية العامة تقدِّم دورات مجانية لأصحاب المؤسسات وجميع العاملين لديهم، بهدف تمكينهم من التدخل في حال اندلاع حريق ومحاصرة النيران الى حين وصول آليات الإطفاء».

ومع حلول المساء، إنطفأت ألسنة النيران في المتجر، فيما بقيت نيران الحنين والخسارة مشتعلة في قلب العائلة.