IMLebanon

إتفاق جنوب سوريا: “كوريدور آمن” للبنان الى الأردن

 

كتب ناصر شرارة في صحيفة “الجمهورية”:

لا يزال التوافق الروسي-الأميركي على منطقة خفض التوتر في جنوب غرب سوريا، محل نقاش إعلامي وإقليمي حول فحواه النهائي الأخير، وذلك لناحية القوة التي ستنتشر في هذه المنطقة، وموقف طهران من هذا الإتفاق التي تقول معلومات إنه ينصّ على إخراج القوى العسكرية المؤيدة لها منها، وبالتالي التوافق بين موسكو وواشنطن على فرز قوى المعارضة المصنّفة بين إرهابية ومعتدلة.

في انتظار وضوح الصورة أكثر حول الماهية النهائية الجغرافية والأمنية والعسكرية للتوافق الروسي – الأميركي حول منطقة خفض التوتر جنوب غرب سوريا، فإن مصادر مطلعة ذكرت لـ«الجمهورية» أن ضمن الإتفاق، يوجد بند خاص يهمّ لبنان، ويتعلّق بإنشاء طريق تجاري بَرّي آمن أو «كوريدور آمن « داخل منطقة خفض التوتر، يؤدّي لإعادة فتح الحدود الأردنية أمام التبادل التجاري البَرِّي مع كل من سوريا ولبنان، وذلك عبر معبر الرمثا الحدودي الأردني، علماً أن حركة التجارة البرّية هذه، كانت مُتوقفة بشكل كامل منذ نحو ثلاث سنوات.

وتؤكد المصادرعينها على هذا الصعيد، ثلاث معلومات:

أوَّلها، أن هذا الخط البَرّي الذي سيُحدَّد داخل منطقة خفض التوتر في جنوب سوريا، والمُخصَّص لحركة النقل التجاري بين الأردن وسوريا، قد تمّ تحديده بوصفه جزءاً مِن تفاهُم موسكو وواشنطن وعمان الأخير لجنوب غرب سوريا.

وتمّ ضمن هذا الإتفاق، تحديد معبر الرمثا البرِّي الأردني عند الحدود السورية الأردنية كنقطة مُعتمدة أمام حركة الشحن البرِّي التجاري من لبنان وسوريا الى الأردن وبالعكس.

وتفيد المعلومة الثانية، بأن قرار تشغيل هذا الخط البري اتُخذ بالفعل، وتمَّت دراسة كيفية حمايته، وهو سيصبح معمولاً به قريباً جداً.

أما فحوى المعلومة الثالثة فتتعلّق بوجود مشكلة واحدة تواجه تشغيل هذا الخط، وهي أن شركات التأمين تطلب من الشركات التي ترغب في نقل بضائع على هذا الخط، دفع رسوم تأمين لها أغلى من تلك التي تطلبها عادةً، ويعود السبب الى أن شركات التأمين تعتبره خطاً تجارياً محفوفاً بمنسوب عالٍ من المخاطر.

وكانت قد توقفت حركة التجارة البرّية بين عمان ودمشق بشكل كامل منذ نيسان العام 2015 ، بعدما سيطرت المعارضة السورية على المَعبرَين البرِّيين الوحيدين بين الأردن وسوريا، وهما معبر نصيب السوري المحاذي لمعبر جابري الحدودي الأردني، ومعبردرعا في الجانب السوري المحاذي لمعبر الرمثا الأردني.

وتكبّد الإقتصاد الأردني نتيجة إقفال هذين المَعبرين وإغلاق الحدود بين سوريا والأردن خسائر فادحة، حيث أن أهمية هذين المعبرين لإقتصاد الأردن، لا تكمن فقط في ما يُشكِّلان مدخلاً للبضائع الأردنية للسوق السوري الكبير، بل يُعتبران خطَّي الترانزيت الوحيدين اللذين يربطان الأردن بأوروبا والدول الشرقية، مثل روسيا ورومانيا وأوكرانيا وغيرها.

وفي هذا الإطار، يُعتبر تضمين تفاهُم منطقة خفض التوتر في جنوب سوريا تأمين خطٍ تجاريٍّ داخله بين سوريا والأردن، بمثابة مساعدة كبيرة للإقتصاد الأردني الذي يستضيف نسبة كبيرة من سلّة النزوح السوري. كما أن لبنان سيُفيد من هذا الأمر لأن الخط التجاري بينه وبين الأردن هو الطريق البرّي الوحيد لوصول منتوجاته الى الأسواق الخليجية.

وكان الأردن خلال فترة إقفال المعبرَين، حاول إيجاد خط ترانزيت بديل له مع العراق، غير أن بغداد إبّان حكومة نوري المالكي رفضت ذلك بحجة عدم قدرتها على حماية الشاحنات الأردنية التي تمرّ عبر أراضيها باتجاه أوروبا.

وبحسب معلومات خاصة بـ «الجمهورية»، فإن الأردن كان قد فاتحَ لبنان منذ نحو شهرين وعبر قنوات دبلوماسية، بأهمية تنسيق جهدهما في الخارج للقيام بعمل مشترك يُسفر عن إعادة فتح الخط التجاري البرّي بين الأردن ولبنان. واقترح الأردن آنذاك عبر لقاءات بين قنوات دبلوماسية لبنانية وأردنية، إيجاد «إنشاء كوريدور تجاري برّي» بين البلدين.

واعتبرت عمّان حينها بأن هذا الأمر يستحق أن يُصبح أولوية داخل أجندة مساعي الحكومتين الأردنية واللبنانية، نظراً لمردوده الإقتصادي الهام على البلدين، اللذين يعانيان من مشاكل إقتصادية خانقة، ناتجة في جزءٍ كبيرٍ منها من إنعاكسات النزوح السوري على إستقرارهما الإقتصادي. وكان الأردن حضّ لبنان منذ تلك الفترة على ضرورة إتخاذ مبادرات تؤدي الى إعادة فتح الحدود الأردنية أمام التبادل التجاري بين البلدين.

وتوقعت هذه المعلومات منذ وقت مُبكر، أن أيّ تفاهُمٍ على منطقة جنوب سوريا بين موسكو وواشنطن، سيلحظ أهمية إعادة فتح الحدود البرّية الأردنية أمام حركة التبادل التجاري القادمة من سوريا، وأيضاً أهمية الإسهام الإقتصادي الإيجابي الذي سيتركه هذا الأمر على لبنان والأردن ، اللذين يُعتبران الأكثر تأثُّراً من ملف النزوح السوري. والسؤال الذي يطرحه مراقبون متابعون لملف إعادة فتح معبر الرمثا الأردني أمام حركة التبادل التجاري الأردني مع سوريا، هو عما إذا كان هذا الملف الذي هو جزء من التفاهم الروسي – الأميركي على منطقة خفض التوتر، سيشكل مؤشراً لبدء رسم دورٍ للأردن في عملية إعادة إعمار سوريا، كونه بلداً له حدود برّية مشتركة مع كل من سوريا والسعودية، وبالتالي يُمكن أن يؤدي دور البلد المستضيف للشركات الخليجية التي ترغب في أن يكون لها دور وحصة في إعادة إعمار سوريا، وذلك مقابل أن لبنان سيلعب الدور نفسه بالنسبة للشركات الغربية، فيما تخطط تركيا ليكون لها دورٌ مماثل بالنسبة للشركات الصينية والأميركية.