IMLebanon

“حزب الله” للحريري عشية لقائه ترامب… الإمرة لي

لم تتأخّر التفاعلات السياسية لمعركة جرود عرسال التي يخوضها «حزب الله» في البروز على الساحة اللبنانية من خلف ظهر «الانضباط» الذي ساد المشهد الداخلي تحت سقف التسوية التي كانت أنهت الفراغ الرئاسي قبل نحو تسعة أشهر.

ففيما كانت «الدولة» بمرجعياتها والقوى السياسية بغالبيّتها تلوذ بصمتٍ أقرب إلى «الرضى» حيال انفراد «حزب الله» بشنّ عملية «تطهير» جرود عرسال وامتدادها السوري في القلمون الغربي بمؤازرة الجيش السوري، باغتتْ بيروت الحملة «الممنْهجة» من الحزب، عبر نواب له ووسائل إعلام قريبة منه وحلفاء له وناشطين محسوبين عليه التي استعانتْ بلغة التهديد العلني بالقتل واستعادت منطق التخوين وهدر الدم واتهاماتٍ بالعمالة.

وجاء الأبرز في هذا السياق كلام نائب «حزب الله» نواف الموسوي الذي اعتبر أن مَن يَختلف مع الحزب اليوم في معركة جرود عرسال «اختار أن يكون حليفاً للمجموعات الإرهابية التكفيرية» مروراً بمقالٍ ناريّ لرئيس تحرير جريدة «الأخبار» (المحسوبة على الحزب) إبراهيم الأمين تحدّث فيه عن عملاء «حتى ولو كانوا رؤساء أحزاب أو نواباً أو وزراء أو مسؤولين» متوعداً بأن «تلاحق المقاومة كل تافه وحقير وتكفيري وعميل، وكل جندي أميركي وإسرائيلي، وكل مرتزق عربي أو إسلامي يعمل مع الاحتلال، وستقتلهم بندقية المقاومة في كل بلاد العرب وحيث أمكن الوصول»، وصولاً إلى دعوة أحد المنشدين من بيئة الحزب إلى «قتل» النائب خالد الضاهر والوزير معين المرعبي.

وترَكَ هذا الارتداد المفاجئ في اتجاه الداخل علامات استفهام كبيرة حيال خلفياته وما سيترتّب عليه في مرحلة ما بعد انتهاء معركة الجرود التي بدا أنها تقترب من الفصول الأخيرة لمرحلتها الأولى، أي إنهاء وجود «جبهة النصرة» التي تتعرّض لانهيارات سريعة يومية بعد سقوط معاقل أساسية له في يد «حزب الله»، كان آخرها وادي الخيل، وانحسار وجودها في وادي حميد ومدينة الملاهي وسط تسجيل حالات فرار لعناصر منها في اتجاه مراكز تنظيم «داعش» (شرق جرود عرسال) الذي سيكون «الهدف التالي» بعد الحسم النهائي للمواجهة مع «النصرة» التي تردّد وفق معلومات غير مؤكّدة أن أميرها في الجرود او مالك التلي انسحب بوساطة خارجية نحو مراكز «داعش».

واعتبرتْ دوائر سياسية أن الاندفاعةَ السياسية – الإعلامية لـ «حزب الله» وحلفاء له هي في سياق مزدوج، الأول «هجومٌ استباقي» يُراد منه «تثبيت» عملية التطويع للواقع السياسي اللبناني والاستثمار «على الحامي» لخلاصاتِ معركة عرسال التي يريدها الحزب لتكريس دوره الأحادي في حماية لبنان تارةً من إسرائيل وطوراً من الإرهاب، والثاني توجيه رسالة «بالبريد السريع» الى رئيس الحكومة سعد الحريري الذي بدأ لقاءاته أمس في واشنطن على أن يتوّجها اليوم بمحادثات مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعقبها مؤتمر صحافي مشترك.

وفي هذا الإطار، ترى الدوائر نفسها أن «حزب الله» الذي سبق أن أطاح بحكومة الحريري في يناير 2011 خلال اللقاء الذي كان يعقده الأخير مع الرئيس الاميركي حينها باراك اوباما، اختار هذه المرّة عبر الحملة الشعواء القول للحريري عشية دخوله البيت الأبيض إن «الإمرة لي»، لا سيما ان اللقاء مع ترامب يأتي وسط جعْل الأخير المواجهة مع إيران و«حزب الله» أولوية.

وكان بارزاً الردّ العنيف من «تيار المستقبل» (يقوده الحريري) على حملات «حزب الله» وحلفاء له من خلال بيان حمل للمرة الأولى منذ بدء معركة جرود عرسال موقفاً عالي النبرة من هذا التطور.

واعتبر «المستقبل» انه «إذا كانت أبواق السفاهة والتحريض والتخوين الموالية لـ(حزب الله) تعتبر المعارك الدائرة في جرود السلسلة الشرقية فرصة لاضفاء الشرعية الوطنية على مشاركة الحزب في الحرب السورية، وسائر الحروب التي يشارك فيها في لبنان والخارج، فإننا في (تيار المستقبل) لن نقع في هذه الخطيئة الوطنية، مهما بلغ حجم التهديدات والرسائل المكتوبة والمتلفزة التي تهدد المعترضين على سياسات حزب الله بالقتل والابادة والملاحقة»، مبدياً أسفه «لتلك الدونية في مقاربة الاعتراض السياسي على زج لبنان بالحرب السورية»، ومؤكداً «التمسك باعتبار الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، الاداة الحصرية للدفاع عن لبنان واللبنانيين وحماية الحدود».

واذ أكد رفض أي تشكيك في موقف التيار «من التنظيمات الإرهابية بكل أشكالها وولاءاتها العقائدية»، أعلن «اننا نرفض أن يتخذ الآخرون من محاربة الارهاب سبيلاً لتجاوز الدولة ومؤسساتها الدستورية ووسيلة لتبرير المشاركة في الحروب الأهلية العربية، او التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، وتنظيم الخلايا التي تهدد أمنها وسلامها»، معرباً عن الحزن «لسقوط العديد من الشباب اللبناني في أتون حروب، وظيفتها تقديم الخدمات للمحور الإيراني – السوري».