IMLebanon

الانتظار المميت

لا يموت السجين من الكآبة او من الجوع او من القهر بل يموت من الانتظار. اصعب ما في الحياة ان يعيش المرء اياماً مريرة وهو ينتظر ان تتحسن احواله او ان تتبدل ظروفه فمرارة الانتظار تنهك عقله وقلبه وتجعل من حياته حياة باهتة ومضجرة.

وهذه هي حالنا نحن اللبنانيين، لا شيء يقهر عزيمتنا او املنا الا حالة الانتظار التي نعيشها باستمرار واعدين أنفسنا ان يوما ما سيأتي تتبدل فيه احوالنا المعيشية والامنية والاقتصادية. ننتظر دائما ان تأتينا فرصة ذهبية تنهض بالبلاد الى مستوى ارفع مما هو عليه وننتظر دائما ان نعيش ديموقراطية فعلية لا فقاقيع من الديموقراطية وننتظر دائما ان نرى حياة سياسية نهضوية ونتأمل ونحن منتظرون هذه اللحظة بأن تنعش الثروة النفطية اقتصادنا ونتأمل ان يذهب نوابنا الى مجلس النواب لينتخبوا رئيساً للجمهورية بدلا من جعلنا نترقب اللحظة التي تتلاقى فيها المصالح الاقليمية والدولية والتي تأتي ثمارها بانتخاب رئيس للجمهورية.

كل استحقاق ان كان كبيرا ام صغيرا لا يبت بسهولة ويتنقل من طرف اخر فلا مهل دستورية تحترم ولا موازنة تبت في وقتها المعين ولا يعين سفير او مسؤول امن او اي مسؤول في دوائر تابعة للدولة الا بعد عدة شهور. التأجيل دائما وابدا هو سيد الموقف في لبنان في كل المجالات السياسية والاقتصادية والامنية والمحزن ان اللبناني المتعب من مشقات الحياة في لبنان يزيد همه يوما بعد يوم وهو ينتظر اشارة واحدة ايجابية تضع حدا للوضع اللبناني الميؤوس منه.

لقد مللنا الانتظار وقد نفد صبر اللبنانيين حتى ما عادوا يتحملون عبء الانتظار الذي تحول كابوسا في حياتهم. لقد استنفد الانتظار حيوية اللبنانيين وقد احرق سنيناً من عمرهم حتى ترهلوا… وما اتى ذلك النهار الذي يحلمون به.

اما الان، فحالة الانتظار الجديدة التي نعيشها هي انتخاب رئيس للجمهورية والمؤسف ان الفراغ لم يعد يخيف المسؤولين ولا الشعب اللبناني فلا نلمس تحركا شعبيا جديا لدق ناقوس الخطر ولتحذير المسؤولين من عدم تحمّل مسؤولياتهم ولا نرى اي حس وطني عند نوابنا يدفعهم الى التحرك والى العمل جاهدا للاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية. قد يسخر كثيرون مما نقوله مسلّمين جدلا انه لطالما هذه هي الحال في لبنان وقد يستغربون اننا نعتقد ان قرار نوابنا في ايديهم انما الامر الذي يدعو للبكاء وللسخرية هو ان نستسلم لما آلت اليه الامور في لبنان دون ان يعترينا اي شعور بالذل وبالرضوخ.

نعم، لا نريد ان ننتظر اكثر مما انتظرنا ونريد رئيسا للجمهورية ولا نقبل الشغور الرئاسي الذي هو وصمة عار على كل مسؤول في السلطة. الاضرار باتت كبيرة من الفراغ الرئاسي ولا يجب ان يقبل اللبناني الصمت بل عليه ان يظهر نقمة من الحالة السياسية تترجم على ارض الواقع. بيد ان الانتظار يجب ان يستبدل بحركة شعبية كثيفة تؤثر في مجرى الامور لان الشعب الذي يسلم امره للقدر يكون قد الغى نفسه بنفسه.