IMLebanon

التهدئة حتى إشعار آخر!

لم يسبق ان شهد لبنان انتخابات رئاسية برتابة الحالية. فللمرة الاولى تهدئة سياسية تطغى على التنافس نحو الرئاسة. وكلام قليل يكاد يمر من دون ان يشعر به معظم اللبنانيين. فولاية الرئيس ميشال سليمان تشارف الانتهاء، فيما ثمة مرشحَين اثنان معلنَان، وبضعة مرشحين يعملون بصمت من دون اعلان، فضلا عن مرشح غير معلن يعمل بضجة لافتة. وقد لاحظ المراقبون ان السجالات حول المواضيع الخلافية الكبيرة قد تراجعت، فقد خف الحديث عن تورط “حزب الله” في سوريا، وعن سلاحه من خارج الشرعية، وعن التهريب في مرفأ بيروت، وعن اوضاع مطار بيروت الشاذة، وعن المربعات الامنية في الضاحية، وصولا الى انعقاد جلسات مجلس وزراء هادئة بشكل عام يتم فيها تلافي الملفات الخلافية، واخيرا وليس آخرا ، وفي نتيجة لهذا المناخ، جلوس مسؤول أمني من “حزب الله” في اجتماع رسمي مع قادة الأمن في البلاد عرضت مشاهد منه على مختلف شاشات البلد، ومر طبيعيا من دون اعتراض او تعليق من ممثلي الفريق الاستقلالي!

عمليا نحن في خضم معركة لانتخاب رئيس جديد، والسوابق تدل على ان الرئاسيات في لبنان كانت تتخللها فترات من التوتر الشديد، وحتى من الصدامات السياسية او الامنية. اليوم لا يحدث شيء من هذا القبيل و كأن البلاد مخدرة ، او انها معلقة على سارية الواقع الاقليمي حيث الكلام الجدي بين القوى الكبرى في الاقليم، وهي تتقاطع في مفاوضات دولية – اقليمية. ومن دون ان تحل الخلافات، ثمة تقاطع في مصالح الاطراف المحلية ايضا على ادارة الظهر للخلافات، وتركها في البراد، وإمرار المرحلة بالحد الادنى من التوتر الذي اتضح انه كان مكلفا للجميع، حتى الاقوياء في الشارع.

نحن إذاً في مرحلة تهدئة لا تسوية. ولكن التهدئة تبرد الاوضاع الى درجة ان يقرر السعوديون اعادة سفيرهم الى لبنان بعدما كان غادر مع احتدام المواجهة الاقليمية في سوريا واستطرادا في لبنان (مع تورط “حزب الله”). اكثر من ذلك يعبر لبنان المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية ببرودة لافتة. ويقترب شبح الفراغ على مستوى المنصب من دون ان يشعر اي طرف بقلق حقيقي. بل ان الامر يواجه بلا تصعيد حتى الآن، على الرغم من ان احد الفريقين يمارس سياسة التعطيل في سياق التفاوض. من هنا يمكن القول ان المرحلة حتى الآن ما زالت تتسم بالتهدئة، وخصوصا انها تزامنت في شكل او آخر مع توقف التفجيرات ضد مناطق “حزب الله”، وهذه الاخيرة تقاطعت بشكل غريب مع ترك منطقة القلمون والحدود السورية – اللبنانية تسقط بمعظمها في يد النظام و”حزب الله” من دون ان يجري امدادها بالسلاح والذخيرة الكافيين، وكأن شيئا ما حصل بين كبار الاقليم برعاية دولية من اجل تحييد الساحة اللبنانية عن نار المنطقة. بالطبع لا يتوهمن احد في لبنان ان قرار التحييد الموقت اتخذ من اجل لبنان واللبنانيين، وانما بسبب تقاطع مصالح الخارج التي التقت مع حاجات الداخل المتعب من الصراع المستمر منذ سنوات.