IMLebanon

الحكومة «نفدَت» كأنّها شُكِّلت أمس؟

يحرص الرئيس تمّام سلام وعددٌ من وزرائه على القول إنّ حكومة «المصلحة الوطنية» تجاوزَت الخميس امتحان وحدتها وتضامنها، واستعادتهما. ويضيف آخر أنّ «حكومتنا وُلدت مجدّداً بعدما جدَّد أعضاؤها العهد بالحفاظ على التوافق في قراراتها ومقاربتها للملفّات، على أن تنحى جانباً كلَّ ما يثير الخلاف، إلى حين التوافق، وهو ما يوحي بأنّها وُلدت في الأمس. لماذا؟

يراهن أحد الوزراء في قراءته حصيلة مناقشات الجلسة الرابعة لمجلس الوزراء التي عُقدت الخميس الماضي وخُصِّصت للبَتّ في منهجية تطبيق صلاحيات رئيس الجمهورية التي آلت إليها وكالةً، على أنّ اقتناعاً شاملاً تولّدَ لدى عدد من الوزراء بأنّ الحكومة السلامية وُلدت مجدّداً، بعدما تعهَّد وزراؤها الحفاظَ على الحدّ الأدنى من وحدتها والأقصى من التضامن المطلوب في هذه المرحلة، على رغم حجم الهوّة والخلافات التي تُبعد أعضاءَها وتضعهم على قاب قوسين أو أدنى من الفراق في ملفّات كثيرة داخلية وخارجية.

ويضيف: إنعقدَت الجلسة على وقع تطوّرات أمنية مأساوية عصفَت بالبلاد، فتردّدات جريمة ضهر البيدر لم تُطوَ، والدماء التي هُدرت في الطيّونة لم تجفّ بعد، ولم تلملم المؤسسات الأمنية ما خلّفته العملية الإنتحارية الثالثة في فندق «دو روي»، على وقع عمليات الدهم والتفتيش المتنقلة بين الفنادق بحثاً عن شبكات نائمة تحيطها الشكوك في ما تُخطّط له من عمليات إرهابية.

كان الوزراء يعلمون أنّ الشغور الرئاسي في قصر بعبدا بدأ يتسرَّب إلى السراي ليُهدّد السلطة التنفيذية. فالحكومة تناقش منذ 30 أيار الماضي آليّة ممارسة صلاحيات الرئيس في جدل بيزنطي، بعدما تسلَّل الفراغ التشريعي إلى أروقة المجلس النيابي وباتت جلساته العامة المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية أو تلك التي دُعي إليها لممارسة دوره التشريعي، تفتقد النصابَ القانوني.

وكان الوزراء يعلمون أيضاً، أنّ ما يحصل لا يعدو كونه عملية عضّ أصابع مؤلمة ما بين فريقي «8 و14 آذار»، وأن لا منفذ للحفاظ على وحدة السلطة التنفيذية إلّا بالتفاهم على منهجية العمل الحكومي، والفصل بين صلاحيات رئيس الحكومة وبين صلاحيات رئيس الجمهورية التي آلت إلى مجلس الوزراء، فصلاً نهائياً. من هنا، لم يكن صعباً على المجلس طيّ ملفّ صلاحيات رئيس الحكومة في وضع جدول أعمال مجلس الوزراء. فمهلة 72 ساعة الفاصلة عن موعد أيّ جلسة حكومية والتي كان يُطلِع خلالها رئيسُ الحكومة، رئيسَ الجمهورية على جدول الأعمال، تحوّلت إلى 96 ساعة، بعدما اعتبر أنّ الوزراء بمجموعهم باتوا في موقع الرئيس للموافقة أو الإعتراض على أيّ بندٍ يُدرَج على جدول الأعمال.

وبقيَ التفاهم على آلية التعاطي مع المراسيم التي كان رئيس الجمهورية يُصدرها مذيّلةً بتوقيع رئيس الحكومة ووزير المال والوزير المعني، فانتقلت صلاحية توقيع رئيس الجمهورية إلى سبعة وزراء على الأقلّ يمثّلون الكتل السبعة المنضوية في الحكومة، من دون وجود أيّ عائق إذا ما رغبَ وزراء آخرون في التوقيع إلى جانبهم عند صدور أيّ مرسوم، على رغم ما يحمل هذا الأمر من مخالفة دستورية. لكنّ التوافق الحكومي سيمرّ حتى ولو على حساب الدستور، فليست المرّة الأولى التي يجتاح فيها التوافق مرامي ومضمون النصوص الدستورية التي وُضعت على الرفّ في محطات كثيرة متى حلّ الوفاق بين اللبنانيّين.

وبناءً على ما تقدّم، يحرص سلام ومعه وزراء كثُر على اعتبار أنّ مجلس الوزراء تجاوزَ مَطبّ الشلل الحكومي، ولكن إلى حين، مع علمِهم أنّ الإمتحان الأوّل لهذه التجربة، ليس بعيداً. فهناك استحقاقات كبرى تنتظر على الطريق، وخصوصاً إذا طال انتظار انتخاب رئيس الجمهورية، فعندها ما على الحكومة سوى التنازل عن الحقوق التي اكتسبتها وكالةً، لينتظمَ العمل مجدّداً بين مختلف السلطات في البلاد. ولكن كيف؟ ومتى؟