IMLebanon

الشيخ بشارة والبطريرك نعيم

ربما حصل تبادل للألقاب بين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ونائب الامين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم من دون ان ينتبه الرجلان الى ذلك. ففي حين كان الاول، بصفته المرجع الاول للطائفة التي يعود اليها رئيس الجمهورية يحرّم على النواب عدم حضور جلسات الانتخاب التي حدد موعد الثالثة منها في 7 أيار الجاري، كان الآخر بصفته الرجل الثاني في التنظيم الشيعي العسكري – الديني يقول بوضوح “لا فائدة من الجلسة الثانية او الثالثة او الرابعة اذا بقيت المعطيات على ما هي عليه”. فأيهما سيجري احترام رأيه؟
استناداً الى التجارب، على المرء ان يرجّح أفضلية رأي الشيخ قاسم وحتى ولو بدا هذا الامر مثيراً للصدمة، لكون الموضوع يتعلّق بشأن منصب ماروني هو الأرفع في البلاد. علما ان هناك حروباً “مقدسة” تُخاض من اجل مناصب أقل شأناً مخصصة للطوائف. فهل حصل ما بدّل المعطيات فصارت شبه المرجعية الشيعية قادرة على إملاء ارادتها في استحقاق مهم هو انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟
من يتطلع الى الجوار لا سيما سوريا التي تستعد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، يجد انه قد دخل السباق منافس للرئيس بشار الاسد مرشح مسيحي هو السيّد سميح ميخائيل موسى فأحدث مفاجأة لا سيما وان الدستور السوري يشترط بأن يكون الرئيس مسلما. لكن لباقة المشرفين على الانتخابات هناك لم تسمح لهم بأن يصدوا المواطن السوري المسيحي. فلاح المخرج، كما أوردته وسائل الاعلام، وقضى بأن يُشهر المرشح المسيحي اسلامه فيوفر على الدستور السوري الاحراج ويحظى هذا المرشح بفرصة منافسة الاسد الذي ينغمس حاليا في حملات انتخابية بإلقاء البراميل المتفجرة في انحاء سوريا بدلا من قصاصات الاوراق التي تتضمن برنامجه الانتخابي للسنوات المقبلة.
في لبنان، ولكي تبقى اجواء الوئام التي يحرص عليها الجميع في هذه الايام، لا بد من ايجاد حل لهذه المعضلة التي تسبب بها تدخّل مسؤول مرموق في “حزب الله” في موضوع ماروني أولا ثم لبنانياً ثانياً. وهنا يقترح العارفون استلهام اللياقة السورية التي تعبّر عن مخزون حضاري يعود الى ما قبل اكتشاف الانسان صنع البراميل المعاصرة، إشهار الشيخ قاسم مسيحيته مقابل إشهار البطريرك الراعي إسلامه فيتحقق عندئذ التوازن مما يسمح لشيخ معمم ان يخوض في أمر ليس من اختصاصه كما يسمح لبطريرك ان يتفادى الاحراج. ولا يظنن احد ان في الامر دعابة! على الاطلاق. ان الموضوع في منتهى الجد لا سيما وان الاديان السماوية تعترف بإله واحد لا هوية دينية له، لا بل ان الله سيبارك من عليائه كل من يحب أخاه الانسان فكيف الحال والامر يتعلق ببطريرك كبير وشيخ جليل؟
هل سيشهد لبنان مثل هذا الحدث الكبير؟ ربما. وعندئذ لا بد من الاعتراف أن “حزب الله” هو من صنف غير بشري.