IMLebanon

بين شاقوفين

مضى حتى الآن، قرابة الشهرين على الشغور في سدة الرئاسة، ولم يتمكّن مجلس النواب من الاجتماع لانتخاب رئيس جديد للجمهورية بسبب الانقسام القائم بين 14 آذار و8 آذار، وكلٌ من الفريقين يشدّد في خطابه الى اللبنانيين على ضرورة سدّ الشغور في هذا الموقع، قبل القيام بأي عمل آخر، حتى التشريع ممنوع في ظل شغور موقع رئاسة الجمهورية وكذلك ممارسة مجلس الوزراء مجتمعاً صلاحيات رئيس الجمهورية كضرورة وطنية ودستورية، لمنع الشغور أو الفراغ في الحكم، ولا أحد من الفريقين على استعداد للاعتراف بأنه يتحمّل مسؤولية بقاء الشغور في رئاسة الجمهورية لأنه يواظب على مقاطعة كل الجلسات التي دعا رئيس مجلس النواب الى عقدها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ولا سيّما فريق الثامن من آذار الذي يتذرّع بإقدامه على مقاطعة مجلس النواب بعدم وجود توافق وطني على مرشحه العماد ميشال عون، ويرى في المقاطعة وتعطيل انتخاب رئيس جديد وسيلة ضغط على قوى 14 آذار لحملها على القبول بالعماد عون رئيساً للجمهورية ليسيّر البلاد وفق ما يقرره حزب الله المملوك من الجمهورية الاسلامية الإيرانية والذي ينفّذ أجندة خارجية تمتد من العراق الى سوريا ولبنان والأردن وكل الجغرافية العربية، فيما هي، أي 14 آذار، ترفض الرضوخ لمشيئة حزب الله لعلمها بأنها إذا استجابت تكون قد جنت ليس على نفسها بل على لبنان الذي سيتحوّل الي جزء من الصراع الإيراني على النفوذ في منطقة الشرق الأوسط، وهو صراع تاريخي يعود الى أيام الدولة الصفوية وربما الى الفتح الإسلامي لبلاد فارس وقيام الإمبراطورية الإسلامية على أنقاض الإمبراطورية الفارسية، ومن باب الشيء بالشيء يُذكر فإن 14 آذار التي تمتلك سلاح الموقف سبق أن عاشت هذه التجربة في الحكومة الحالية وقبلها في حكومات سابقة، وأدركت تماماً أن حزب الله ليس على استعداد لأن يغيّر في أجندته الشرق أوسطية أو في مشروعه الخاص المرتبط بالمشروع الإيراني المركزي مهما اشتدت عليه الضغوط الداخلية أو الخارجية الأمر الذي جعل أزمة الشغور تزداد تعقيداً كل ما مرّ يوم على الشغور الرئاسي خصوصاً وأن حزب الله يملك داخل الصف المسيحي المفترض فيه أن يتخذ كل الاجراءات لملء هذا الموقع واستعادة الدور القيادي للمسيحيين قوة من شأنها أن تمنع من اجتماع مجلس النواب، لانتخاب رئيس جديد للبلاد، وبالتالي تتحكم بهذه العملية وتُبقي البلاد مشلولة من رأسها الى قاعدتها، فلا حكومة تجتمع، ولا مجلس نواب ممدّد له يجتمع، ولا رئيس على رأس السلطة الاجرائية يحافظ على وحدة الدولة ويسيّر أمورها من خلال حكومة تحظى بثقة المجلس النيابي الذي يمثّل الأمة اللبنانية.

لا أحد حتى الآن يقول للمسؤول عن تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية أنت المسؤول وتتحمّل مسؤولية تصرفاتك، حتى البطريرك الماروني الذي يعرف معنى ومغزى عدم ا نتخاب رئيس الجمهورية ما زال يتمنى على الجميع الذهاب الى مجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون أن يؤشّر الى الفريق المعطِّل ويحمّله مسؤولية التعطيل أمام الرأي العام المسيحي الضائع بين شاقوفين.