IMLebanon

«حزب الله» والأسد و «احتفالات».. العار

حوري لمنع التحرّكات الاستفزازية علوش لنزع السلاح المتفلّت

«حزب الله» والأسد و «احتفالات».. العار

 

لم يخرج «حزب الله» وحلفاء بشار الأسد في لبنان عن سلوكهم المعروف في التعبير عن فرحة «الفوز» بالرئاسة السورية، وهو وجه آخر من وجوه التعبير عن «الانتصار» المحقق حتى الآن في تعطيل الانتخابات الرئاسية في لبنان، صورة الانتخابات الدموية المقيتة في سوريا قابلها الفرح الفتنوي المصطنع في لبنان، الذي جرى التعبير عنه في الضاحية الجنوبية بإطلاق الرصاص والقنابل اليدوية وبتوجيه السلاح نحو بيروت، وفي مسيرات سيارة مرفوعة عليها صور «القاتل»، بينما غابت صور شهداء الشعب، ضحايا الرئيس المجرم الذي اثلج فوزه المركب والمصطنع قلوب حاشيته اللبنانية، وليت كان بإمكان الشهداء أو دموع الأمهات أو جوع الأطفال وألم الرجال أن يشهد على المهزلة.

لم تمر ليلة الاحتفال بالأسد على خير، كثيرون احتجزوا في زحمة سير بعد الساعة الواحدة فجراً، وآخرون تضررت سياراتهم من «البهجة» المعبّر عنها بالاعتداء على ممتلكات الناس، وآخرون استفاقوا من أحلامهم على أصوات الرصاص والقنابل ومظاهر الفرح العقيم المكلّل بالعار.

لقد أراد «حزب الله» من وراء الاحتفالية الغوغائية، كالعادة، ليس الاحتفال بفوز الأسد، وإنما بترهيب أخصامه في لبنان. إلا أننا ندرك أن مغالاته في ذلك، هي صورة أخرى عمّا يفعله في سوريا، وطريقة مختلفة لسفك الدماء السورية والرقص على جثث الضحايا.

لقد أثبت المحتفلون في لبنان، أن انتصارهم في تكريس الديكتاتورية داخل سوريا، مؤشر واضح على انعدام مشاعر المواطنة، ولا سيما وهم يسعون إلى تكريس الفراغ في رئاسة الجمهورية في وطنهم، ويهددون بإحداث فراغ في مجلس النواب عبر استقالة رئيسه، وكذلك يسربون أخباراً عن تمنّعهم من حضور جلسات مجلس الوزراء إذا لم تتحقق رغباتهم في رئيس موالٍ لسفّاح دمشق.

كل رصاص الابتهاج الذي أطلق، كل الاستفزازات التي حصلت، كل محاولات قهر المواطنين وإلحاق الظلم بالعاصمة الأولى في بيروت والثانية في طرابلس، هو مشهد من مسرحية فاشلة، إنه احتفال بعارهم، عار الأسدية والتخريب والتهديد، وهو عار لا يمحوه ادعاء «المقاومة»، ولا شعارات «القومية» ولا الانتماءات الدينية أو العقائدية. ومهما حاولوا إذلال الآخرين، فإنهم لن يستطيعوا بإطلاق رصاصهم، إقفال آذانهم وعدم سماع صراخ ضحاياهم في سوريا وفي لبنان أيضاً. وكما يقولون «اللعبة انتهت». إنها اللحظات الأخيرة، فمن يصدق أن النظام السوري لا يلفظ أنفاسه الأخيرة ومعها سيلفظهم التاريخ أيضاً؟

يضع عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري ثلاث ملاحظات على ما حصل ليل أول من أمس من عراضات في العاصمة بيروت، احتفاءً بفوز الديكتاتور في سوريا، أولاً أن «حزب الله» يستمر في منع العملية الديموقراطية الدستورية في لبنان التي تقضي بانتخاب رئيس للجمهورية، وثانياً يستمر هذا الحزب بالتحالف مع نظام يقهر شعبه يومياً، لا بل هو يبتهج بتكريس مسرحية لا تمت بصلة إلى أي عملية ديموقراطية في العالم، وثالثاً ربما قد لا يكون هناك كثر من بين الذين علموا أن ما حصل من مسيرات وممارسات مسيئة تسبب لبعض اللبنانيين بأضرار جسدية كما تسبب بأضرار في الممتلكات لا سيما في السيارات وفي زجاج الأبنية وعرّض اللبنانيين لمخاطر وكان هناك الكثير من التصرّفات غير اللائقة إذ لا يجوز أن يكون الرصاص الذي أطلق من مناطق معينة في لبنان تجاه مناطق أخرى ابتهاجاً بحدث غير معنيين به مباشرة وبحدث غير ديموقراطي».

ويأسف حوري «للذي حصل كونه قلل مجدداً رصيد حزب الله لدى باقي اللبنانيين».

وعن سبب عدم اتخاذ أي إجراءات لمنع هذه التحركات الاستفزازية في شوارع العاصمة يقول: «إن الإجراء الجذري الذي يجب أن يُتّخذ هو نزع أي سلاح غير شرعي ومزيد من استعادة الدولة لهيبتها في كل المناطق اللبنانية. سمعنا منذ فترة عن خطة أمنية تحضّر لبيروت من معالي وزير الداخلية نهاد المشنوق، ونحن نأمل أن تنفذ هذه الخطة قريباً وأن تذهب باتجاه ضبط مثل هذه الأمور ونزع كل سلاح غير شرعي بيد كائن من كان ونحن نعلم أن موضوع نزع السلاح غير الشرعي أكثر تعقيداً من أي تدابير أخرى ولكن لا بد من هذه الخطوة ولا بد حتى تحقيق ذلك من اتخاذ أقصى الإجراءات وأقساها لضبط هكذا تجاوزات والجهات التي تغطي وتحتضن من قاموا بما قاموا به بالأمس مطالبة بالخضوع للقانون وللأجهزة الأمنية وعليها تسليم من قام بذلك، لا سيما الذين تسببوا بالاعتداء على الأملاك العامة والخاصة».

أما النائب السابق مصطفى علوش، فيشير إلى الأحداث التي حصلت في طرابلس والتي كادت أن تعيد الأمور إلى نقطة الصفر وتشعل المحاور مجدداً، ويقول: «إن هذه العراضات تؤكد أن عنصر الفتنة والتخريب مستمر طالما بقايا نظام الأسد موجودة في المنطقة، لا سيما في غياب مجموعات قادرة على التعبير عن نفسها بشكل إيجابي لانعدام إمكاناتها. لذلك فالطريقة الوحيدة للتعبير عن ذاتها هو العنف أو التعطيل أو التخريب أو التظاهرات الركيكة والمسيرات الفاشلة وفي الوقت نفسه القيام بممارسات من اجل ابتزاز الناس بهذه الطريقة، المجموعات اللبنانية المرتبطة بالنظام هي على الشاكلة نفسها، نحن نعرف مثل هذه الأشكال التي تشبه ذلك الذي ظهر في الفيديو وهو يطلق النار من الضاحية على الطريق الجديدة ويتوعّد بتحرير قصر بعبدا، صحيح أنه يقوم بعمل سخيف ولكنه استفزازي ومسيء، كل هذه الممارسات مرتبطة بمنظومة ما يسمى «الممانعة».

ويجد أن طريقة التعبير معبرة عن الاسفاف ووضاعة تفكير هذه المجموعات كونها تعتبر نفسها ان انتصارها هو باستمرار الوضع الشاذ الذي كان قائماً زمن الوصاية بدءاً بطهران وانتهاء بساحل المتوسط مروراً بالأنظمة الركيكة الموجودة، فوجود هذه المجموعات يعني ان لا امكانية لها للتفاهم مع نظام ديموقراطي منفتح ولا مع تعددية ولا مع اقتصاد حر ولا مع ازدهار ولا مع نمو، بل هي تستمر مع التخلف والفساد ومع التخوين وتحليل الدم والشعارات الفضفاضة الفارغة من أي معنى، أما مشروع الدولة فهو نقيضها بالطبع وكذلك فان التعدد والحريات والتطور يقضي عليهم لذلك هم مصرون على القضاء على الجمهورية اللبنانية والاستمرار بدعم جمهوريات الورق السخيفة على شاكلة نظام الأسد ونوري المالكي في العراق». وعن عدم استخدام فريق 14 آذار الشارع بمواجهة أفعال عصابات الثامن من آذار، يجيب علوش: «يجب ان نؤكد هنا ان التعبير الشعبوي أسهل بكثير من التعبير الحضاري، جمهور 14 آذار يعبّر عن نفسه من خلال الانتخابات والحديث المنطقي والحوار الهادئ، أما النزول إلى الشارع واطلاق الرصاص والتسبب في زحمة السير أو الهتافات الفارغة فهي أمور ليست من طبع جمهورنا. هذا قد يبدو للظاهر ضعفاً ولكن عملياً هو عنصر القوة لدى 14 آذار، وهذا ما يفرّقها عن 8 آذار. فهي ضد ممارسة العنف وضد التطرّف عملياً. ولو كان فريق 14 آذار كذلك لكانوا استطاعوا احضار رئيس مهزلة مثلما يريدون ولما كانوا ركضوا من أجل تشكيل حكومة «وحدة وطنية». سلاح 14 آذار هو الصبر والاستمرار باللجوء إلى الوسائل الحضارية وبشكل دائم وعدم الانجرار إلى أساليب تعامل على طريقتهم».

وعما إذا كان ما حصل يهدد الخطة الأمنية في الشمال بالفشل في ظل هذه التحركات، يؤكد «هذا شكل من اشكال التهديد، لقد تعودوا على ممارسة هكذا اساليب ولا يمكن الطلب منهم العودة عن «الزعرنات» التي يقومون بها. هذه القوى لا تملك إلا مثل هذه الاساليب للتعبير عن نفسها، لذلك لا بد من الوضوح بأنه لا يمكن التسوية مع هذا المنطق مع السلاح المتفلّت سواء سمّوه سلاح مقاومة أو سلاحاً عقائدياً. هذا السلاح أما يقضي على الدولة أو على الدولة القضاء عليه».