IMLebanon

«داعش» و«النصرة» تتقاتلان في سوريا وتنسّقان في لبنان

تطوّر نوعي في أداء الأجهزة الأمنيّة بخططها الاستباقيّة لأول مرّة : إتصال مُباشر بين شبكتين إرهابيتين تنفيذيتين «داعش» و«النصرة» تتقاتلان في سوريا وتنسّقان في لبنان

بيروت الواقعة تحت تأثير حادثة الروشة ،غير المسبوقة في مسلسل التفجيرات الذي يستهدف لبنان منذ قرابة العامين، تتابع التحقيقات الجارية مع الموقوفين، على وقع استمرار العمليات الاستباقية على طول الجغرافيا اللبنانية، ضد الخلايا الإرهابية النائمة، استناداً الى وثيقة زودت بها الاجهزة الامنية بناء على مراسلات استخباراتية اميركية والمانية تقاطعت معلوماتها مع ما تمتلكه هذه الاجهزة.

مصادر أمنية مطلعة أكدت ان العمليات الاستباقية المنفذة جنبت سقوط البلد في بحر من الدماء لو نجح الارهابيون بتنفيذ مخططاتهم، مشيرة الى ان التنسيق القائم بين الاجهزة المختلفة عكس في جانب كبير منه تطورا نوعيا في العمل الامني، لجهة تقدم وسائل التحريات، واستثمار المعلومات الاستخباراتية، التي مكنت من رصد ومتابعة تحرك الخلايا الإرهابية في أكثر من منطقة والإطباق عليها قبل تمكنها من تنفيذ مخططاتها، وسط اداء احترافي عالي الكفاءة.

وابدت المصادر خشيتها من أن يكون ما حصل في الأيام الأخيرة، رغم النجاحات المحققة، مقدمة لمحاولات أكبر من جانب الجماعات الإرهابية عبر ايقاظ خلايا نائمة في لبنان تنتظر تلقي الأوامر من الخارج، من هنا ضرورة التعامل بأعلى درجات المسؤولية مع التهديدات غير المسبوقة التي يواجهها لبنان السياسية والأمنية مع وصول عناصر تنظيم داعش إلى قلب بيروت، في تهديد بالغ الخطورة يستوجب تضافر كل الجهود لمواجهته تحسباً للأسوأ، مطمئنة إلى أن الاوضاع الامنية في لبنان مستمرة على وتيرتها الراهنة الراجحة الى الاستقرار، لا بل أنها ماضية في المزيد من الامساك من قبل القوى العسكرية الشرعية، وذلك بفعل الرعاية الدولية المتوفرة والتي جاء مؤتمر روما ليس ليؤكدها وحسب، انما ليعطي دفعاً في اتجاه بلورتها اكثر من خلال ما اتُفق عليه بوجود ممثلي 43 دولة أبدوا كل استعداد لدعم لبنان وجيشه.

وفيما نُقل عن مصادر امنية وصفها للانتحاري الذي بقي على قيد الحياة بالصيد الثمين، كشفت ابرز ما استجد من معطيات خلال الساعات الماضية، موردة النقاط التالية:

-اكتشاف الأمن العام ،في إطار التحقيقات في تفجير الطيونة والخيوط المتصلة به، إخراجي قيد عثر عليهما في مسرح التفجير، مسجلان باسم كل من علي وفيصل العلي، وهما فلسطينيان مجنسان، بحيث تبين أنهما مزوران من حيث رقم السجل (وهو 542 الوسطاني – صيدا)، وأن لا وجود لهذين الاسمين على السجل المذكور في صيدا. كما تبين أنهما مزوران أيضاً من حيث الرقم التسلسلي للقيد وتوقيع مأمور النفوس، وكذلك لجهة مقدم الطلب (مختار من إحدى بلدات إقليم الخروب)، علماً أنهما صادران من إحدى مناطق البقاع. رجحت المصادر أن يكون الهدف من وجود وثائق مزورة كهذه في موقع التفجير هو إرباك التحقيق أو تضليله.

– وضع شعبة المعلومات يدها على شبكة ارهابية بعد متابعة ورصد استمرت لخمسة ايام، ادت الى توقيف ثلاثة مشتبه بهم يمنيان وسوري، اتخذا من الغرفتين 806 و807 في فندق «الرامادا» مقرا لهم، حيث تمت مصادرة مواد تستخدم في اعداد المتفجرات، فضلا عن مصادرة هواتف خلوية وسروال داخلي موصول بحزام يستعمل في العمليات الانتحارية وبطارية موصولة بأسلاك خبئت في آلة للتنظيف.

وفي جديد التحقيقات حول عملية «دو روي»، عثر على بطاقتي هوية مزورتين تحملان صور الانتحاريين. كما اظهر تحليل كاميرات المراقبة الموجودة داخل الفندق صورا للبناني منذر الحسن برفقة الانتحاريين، حيث بينت التحقيقات ان الاخير كان مسؤولا عن ادارة الخلية، ويعمل كضابط ارتباط بين داعش والنصرة والعزام، وهو من سلمهما المتفجرات، وبحسب المعلومات الامنية فان الحسن فر باتجاه جرود الضنية خلال عملية دهم لمكان اشتبه بوجوده فيه في منطقة البداوي شمال طرابلس، والمعلوم ان الاخير فقد اخوين له في معركة القلعة القديمة في حمص.

– بينت كاميرات المراقبة الموجودة في فندق «نابليون» ان الثويني الذي قتل زار الفندق الاخير طالبا لقاء احد الاشخاص، الا ان عامل الاستقبال أعلمه أنه لا يوجد أي نزيل بهذا الاسم، وقد بينت التحقيقات ان الشخص المقصود هو الموقوف الفرنسي وان الخطأ في الاسم جاء نتيجة انه «الاسم الجهادي» للفرنسي، في حين أنّ الأخير حجز في نابليون باسمه الحقيقي. وهذا ما يثبت وجود علاقة مباشرة بين الخليتين، وهذا الامر يحدث لأول مرة حيث يتم الاتصال بين شبكتين عبر المنفذين مباشرة.

– استمرار البحث عن عائلة سورية مؤلفة من رجل وامرأة وطفل حجزت الغرفة 606 في فندق «دوروي» يوم المداهمة صباحا، اعترف الموقوف الشنيفي ان نزيلها عضو في الخلية، رغم ان شهود عيان افادوا عن وجود العائلة بعد ساعة من الانفجار تسأل عما حصل.

– تركيز التحقيقات على معرفة تفاصيل حجز الغرفة 307 وكيف تمت العملية والموظف الذي قام بها، لمعرفة ما اذا كان الاختيار وقع صدفة ام كان مقصودا، ذلك ان الغرفة تقع في الجهة المشرفة على التقاطع في زاوية الفندق، فشرفتها تطلّ على شارع أوستراليا يميناً المؤدي إلى فندق «رامادا» شبّاكها يكشف الطريق المؤدية إلى الروشة نزولاً، كما يطل الشبّاك الآخر على مقرّ السفارة السعوديّة و«الطلعة» المؤدية إليه. وهو ما سمح بحسب المحققين للانتحاريين بالتنبه الى وصول القوة الامنية والاجراءات التي اتخذت في محيط الفندق.

في أي حال وبعيداً من الصورة السلبية تقول مصادر سياسية مواكبة، يبين التقييم الواقعي للايام القليلة الماضية، ان لبنان تمكن بفضل اجهزته الامنية من تحقيق نقاط ايجابية، سواء من الكشف عن المخططات الارهابية والقبض على العناصر المتطرفة واحباط مخططاتها التخريبية والانتحارية، وفي ذلك نجاح لعمل الاجهزة الامنية اللبنانية ولخطتها الاستباقية الرامية الى الإمساك بالامن وتعزيز اجواء الاستقرار التي ينعم بها لبنان واللبنانيون، وان لجهة الكشف عن هذا الكمّ او العدد الكبير من الشبكات الارهابية وتوقيف العديد من العناصر التابعة لها والمرتبطة بها، قد لا يمكن للأجهزة اللبنانية على تنوّعها القيام به وحدها لولا الحرص الموجود لدى الاجهزة العربية والغربية على تزويدها بكل تفصيل عما يمكن الحصول عليه عن تحرك هذه التنظيمات ومخططاتها، من قبيل التعاون على مكافحة الارهاب وعملاً بالإتفاقات التي ينضوي اليها لبنان. ليبقى الابرز ان نتيجة ما جرى أمنياً، تبين استمرار وضع لبنان تحت المظلة الدولية الراعية للاستقرار وتحييده عن الصراعات الدائرة في المنطقة وتحديداً في سوريا والعراق.

السباق على اشده بين العمليات الانتحارية، والاجراءات الاستباقية للاجهزة الامنية، التي نجحت حتى الان، في تجنيب البلد ثلاث استهدافات كبيرة، في غضون ستة أيام. سباق بين الامن والارهاب، لينجح الاول في توجيه ضربات استباقية منعت تمدد العمليات الارهابية، فيما نجح الثاني في تسميم الاجواء عشية انطلاق الموسم السياحي، حيث افادت مصادر مطلعة الى ان الاجهزة المختصة وضعت خطة طارئة لضمان أمن السياح ونزلاء الفنادق في بيروت، يبدأ تطبيقها من المطار وتطال الفنادق بحيث يجري تحديد طريقة التفتيش والمراقبة الواجب اعتمادها، في إطار تطمين السياح إلى أمنهم واستقرارهم، في ظل تواصل الاجراءات في اطر الملاحقة بناء على معلومات او في اشكال وقائية وتدابير احترازية.