IMLebanon

عجائب الزمان لابنة شعبان

لا تنقضي لطائف السيدة بثينة شعبان، لسان بشار الأسد الغرائبي العجائبي. فقبل أيام خرجت بتعليقات مزجت الماء بالخل بدبس الرمان بزيت السيارات.

قالت في تعليقاتها تلك التي نشرتها وسائل الإعلام إن ما سماه الغرب بـ«الربيع العربي» ما هو إلا «شتاء دام تفتيتي وطائفي ووهابي وإرهابي لعبت بعض وسائل الإعلام الناطقة بالعربية دورا في الترويج له وتسيير دفته بما يخدم مصالح من يستهدفون الأمة العربية وحضارتها ومستقبلها وهوية أبنائها» على حد تعبيرها.

الذي نعرفه من أنصار محور الممانعة وإعلامهم هو أن السعودية تعادي الربيع العربي وتريد قمع أحلام الشعوب، وكان بشار الأسد، ومثله حسن نصر الله، وفوقهم مرشد إيران السيد خامنئي، يهللون لسقوط نظام حسني مبارك في مصر، ويرون فيه بداية انهيار المعسكر المعادي لهم، ولا يمكن نسيان تنظيرات بشار الأسد حينذاك عن حصانة نظامه من السيناريو المصري لأن نظامه مقاوم بينما نظام مبارك منبطح، لذلك سقط.

الآن مع رؤية بثينة شعبان أصبحت السعودية هي موجّه هذا الربيع العربي! والحق أن الأمر لا علاقة له، من قبل ومن بعد، بحكاية الربيع العربي هذا، القصة كلها في مكان آخر، لا شأن له بالحلم الديمقراطي وثورات الشفافية والحرية، القصة في صراع مفتوح على الهوية والتاريخ والعلاقات والمصالح.

خامنئي كان يهلل لما جرى في مصر وتونس، لأنه توهم أن ذلك سيكون من مصلحة إيران عبر تمكين حلفائها من الحركات الإخوانية لحكم مصر وتونس، ولما وصل قطار الثورة إلى سوريا وتخلخلت سلطة بشار الأسد، فجأة صار هذا الربيع مؤامرة إمبريالية شيطانية، والآن تضيف لها الست بثينة بعدا جديدا هو مؤامرة سعودية وهابية. ولست أدري كيف يقال هذا الكلام و«الدولة» السعودية في حالة حرب مفتوحة ودائمة من جماعات داعش وكل المستدعشين.

هذا كلام بلا قيمة، والغرض منه دغدغة مشاعر مريضة في الإعلام الغربي ضد كل ما هو سعودي والكلمة السحرية لإثارة هذه الغرائز هي «الوهابية» دون أن يكون هذا الكلام مقيدا بالبرهان ومزينا بالإنصاف، هي حروب من كلمات ودعايات، ومن استجاز قصف شعبه بالبراميل المتفجرة والغازات السامة، ليس غريبا عليه أن يغتال الحقيقة ويقصف التاريخ والواقع. هذه التوصيفات المتنافرة لوزيرة الأسد، ذكرتني بطرفة من تراثنا سبق الإشارة لها هنا، يرويها ثمامة بن أشرس، قال: «شهدت رجلا وخصما له عند بعض الولاة، فقال بعد أن حكم الوالي ضده: أصلحك الله، أنا رافضي، ناصبي، وخصمي، جهمي، مشبه، مجسم، قدري، يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي بن أبي سفيان ويلعن معاوية بن أبي طالب. فقال له الوالي: ما أدري ممَ أتعجب من علمك بالأنساب أم من معرفتك الألقاب؟

قال أصلحك الله ما تركت الدرس في الكتاتيب حتى تعلمت هذا كله!».