IMLebanon

معركة بين «القوات» و«التيار» في إنتخابات المهندسين… لا محلّ لورقة التفاهم من الإعراب؟

يستعدّ نحو 40 ألف من بين المنتسبين إلى نقابة المهندسين في بيروت، الذين سدّدوا اشتراكاتهم، لانتخاب 5 أعضاء من مجلسها (الذي يضمّ 15 عضواً يتبدّل منهم 5 أعضاء سنوياً) والنقيبِ الذي تمتدّ ولايته 3 سنوات، ووفق العرف المعتمد فإنّ الرئاسة تكون مداورةً بين المسيحيين والمسلمين، وهي هذه المرّة من حصّة المسيحيين. تَكتسب المعركة طابعاً خاصاً نتيجة ما تختبره النقابة من مرحلة دقيقة في تاريخها على مستوى تنظيم بيتها الداخلي، بدءاً من ضبطِ عملية الانتساب إليها، وصولاً إلى رفعِ مستوى الخدمات لأعضائها.

«على نار حامية»… بهذه العبارة يمكن اختصار أجواء العدّ العكسي لمعركة نقابة المهندسين في بيروت، التي ستحصل في 8 نيسان المقبل. وبعدما أقفِل باب الترشّح في 14 آذار، بلغَ عدد المتنافسين على مقعد النقيب 12 مرشّحاً، منهم الحزبيّون، أبرزُهم «القوات اللبنانية» والتيار الوطني الحرّ»، وغير الحزبيين.

وفي السياق، يوضح نبيل أبو جوده المرشّح إلى منصب النقيب والمدعوم من حزب «القوات اللبنانية»، «أنّ كلّ شخص حرّ بانتمائه الحزبي، وهذا لا يتضارب مع ممارسة العمل النقابي، بل يشكّل قيمةً مضافة ودعماً إضافياً لتعزيز النقابة وتنفيذ المشاريع»، منتقداً مساعي بعض المرشّحين إخفاءَ الدعم الحزبي لهم، قائلاً: «يدَّعي البعض أنه مستقلّ، فيما هو يَحظى بدعم حزبي ناسياً أنّ الأهمّ في مركز نقيب المهندسين أن يتمتّع الفرد بالمصداقية، لذا لا يمكن للمرشّح ادّعاء الاستقلالية وفي اليوم التالي يعلن تأييده لحزبٍ ما، فالمسألة ليست على طريقة «أيّ بوسطة بتوصّل أسرع؟».

«شفافية ومهنية نقابية»

أمّا بالنسبة إلى حجم المستقلّين في النقابة، فيتحفّظ أبو جوده على كلمة «مستقلّين»، موضحاً: «أفضّل اعتماد الحزبيّين وغير الحزبيّين، لأننا كلّنا في نهاية المطاف مستقلّون ولم يجبرنا أحد على الانتماء إلى حزب». ويتابع: «لا شكّ في أنّ غير الحزبيّين موجودون ومحترمون، ونقابيّون بامتياز، ويستحقّون أن يشغلوا المناصب كافّة، لذا لا أرى أنّ المعركة بين حزبيين أو لا، إنّما معركة مدى مصداقية البرنامج وقابليته للتنفيذ».

وعن الخطوط العريضة لبرنامجه الذي على أساسه يخوض المعركة الانتخابية، يقول: «البرنامج واضح ومفنَّد على موقعي الإلكتروني، ولكن أختصره بعنوان «شفافية ومهنية نقابية»، ومِن خلاله أسعى إلى تعزيز الدور الوطني للنقابة، إذ لا يمكنها أن تغيب عن مشكلات المواطن، 50 ألف مهندس من نخبة المجتمع، لا يمكنهم البقاء على هامش المشكلات التي يعيشها المواطن، وأبرزُها الفساد».

ويضيف: «كذلك توفير فرَص العمل، وهذا ليس شعاراً، بل لا بدّ من البحث عن حلول والعمل على قوانين في المجلس النيابي تُلزِم الشركات الكبرى والمصارف والبلديات والوزارات باستيعاب المهندسين الذين يمثّلون 3 في المئة من القوى العاملة.

إضافةً إلى مسألة التعليم الهندسي، هناك 30 ألف طالب هندسة موزّعون على الجامعات في لبنان، يتخرّجون تباعاً ويَدخلون سوق العمل، وكنقابةٍ، علينا وضعُ معايير للتعليم الهندسي وتحديد أيّ من الجامعات مطابقة لمواصفات تخريج طلّاب هندسة، بهدف رفعِ المستوى التعليمي، وبطريقة غير مباشرة الحدّ من عدد المتخرّجين ومن المنتسبين إلى النقابة».

بين الاتّكال على الدعم الحزبي أو على برنامجه، يبقى رهان أبو جوده في الوصول إلى منصب النقيب على: «خبرتي في النقابة، فقد كنتُ مندوباً المرّة الأولى عام 1998، وبعدها نائباً للنقيب». ومنه رسالة إلى المقترعين: «انتخِبوا الكفاءة والخبرة النقابية، لا تتأثّروا بالشعارات لجهة أنّ الأحزاب خرّبت النقابة، فالأحزاب لم تمنع أحداً من الترشّح يوماً».

«أساسات ثابتة لنقابة قوية»

أمّا المهندس بول نجم، المرشّح إلى منصب النقيب والمدعوم من «التيار الوطني الحر»، فيرى في المعركة «معركة نقابية ديموقراطية بامتياز، وعدد المرشّحين إلى منصب النقيب دليل صحّة وعافية، وهذا الأمر ليس غريباً عن نقابة المهندسين».

نجم الذي سبقَ وترشّح عام 1998 إلى هيئة المندوبين، وشغلَ منصب رئيس فرع أوّل العام 2005، ونائب نقيب المهندسين العام 2007، ومنسّق عاليه لمدّة 7 سنوات، يعوّل كثيراً على «بدء عمله النقابي المبكر»، معتبراً أنه «في عزّ الانقسام لم يغِب الاستحقاق عن النقابة، إذ نَعتبره عرساً انتخابياً»، مشيراً إلى أنه «ونبيل أبو جوده من أعزّ الأصدقاء، والمعركة ديموقراطية بامتياز».

ويلفت نجم إلى أنّ طرح اسمِه ودعم «التيار الوطني الحر» له لم يأتِ من فراغ، إنّما «سبق أن أجرى «التيار» انتخابات ضمن صفوفه لانتخاب المهندس الذي سيطرحه إلى منصب النقيب، وانتُخِبتُ بعد معركة تنافسَ عليها 5 مرشّحين، واليوم نخوض المعركة معاً قلباً واحداً»، متمنّياً لو «أنّ الأحزاب كافة تتبنّى هذه التجربة، ممّا يزيد روحَ التضامن والحسّ النقابي بين المهندسين».

يخوض نجم المعركة تحت عنوان: «أساسات ثابتة لنقابة قوية»، أمّا أبرز ما يتضمّنه برنامجه الانتخابي فهو «التعليم الهندسي وسوق العمل، والشؤون المهنية والعلمية، والشأن الإداري». ويوضح: «أوّل ما يجب التوقّف عنده هو عدد المنتسبين إلى النقابة، والمرشّح أن يبلغ في غضون 5 سنوات نحو 70 ألف، ولا بدّ من البحث عن علاج سريع، فسوقُ العمل الداخلي ضيّق، كذلك المحيط».

ويتابع: «لا بدّ مِن توجيه الطلّاب نحو اختصاصات محدّدة، بالإضافة إلى رفعِ معدّل العلامات المطلوبة، وجعلِها بالحد الأدنى 12 في البكالوريا، على نحو نحدّ من التوجّه إلى التخصّص في الهندسة منذ البداية»، مشدّداً في الوقت عينه على أهمّية «مراقبة الفروع التابعة للجامعات التي تُخرّج مهندسين، من دون أن ننسى معاش التقاعد والتقديمات الاجتماعية المهدَّدة في ظلّ «الهجمة» التي يَشهدها الانتساب إلى النقابة، وبالتالي لا بدّ من خطة مستقبلية وابتكار مشاريع استثمارية بما تتيحه إمكانات النقابة».

هل يهتزّ التحالف؟

أبعد من ترتيب البيت الداخلي، ورغم وجود «مستقلين»، تتمركز المعركة الفعلية بين «القوات» و»التيار»، وقد أثارت هذه المواجهة الشكوكَ حول مدى التفاهم، فمنهم من اعتبَر أنّ الطرفين كان يمكنهما طرحُ مرشّح قوي وضمانُ وصوله، بما فيه مصلحة النقابة، من دون أن تُلغى المعركة، نظراً لترشّح مستقلين، فيما وجَد آخرون في هذه المبارزة ملامحَ شرخٍ، على اعتبار أنّ أيّاً مِن الطرفين لم يتنازل للآخر.

في النهاية يبقى الأساس أنّ المعركة تجري وسط أجواء ديموقراطية، ولا تقتصر المنافسة على عناوين رنّانة، إنّما هناك برامج انتخابية… وتبقى العبرة في مدى ترجمتها.