IMLebanon

حقل ألغام أمام التأليف.. وحكومة تكنوقراط تبقى خياراً

غياب التفاهم بين برّي وعون يجعل مشوار العهد الجديد متعباً

حقل ألغام أمام التأليف.. وحكومة تكنوقراط تبقى خياراً

حِراك دبلوماسي دولي لتمرير الإستحقاق الرئاسي بشكل سلس والحفاظ على الإستقرار العام

لم يكن كلام رئيس مجلس النواب نبيه برّي من جنيف بالأمس من أن «انتخاب رئيس للجمهورية هو أمر ضروري لكنه غير كافٍ، لأن بعده هناك الجهاد الأكبر المتعلق بالإستحقاقات  اللبنانية» مجرّد إعلان موقف، بل إنه إشارة واضحة المعالم بأن المرحلة التي ستلي انتخاب رئيس الجمهورية في الجلسة المقبلة ستكون شديدة التعقيد، إن على مستوى تكليف رئيس الحكومة، ومن ثمّ التأليف، أو على مستوى قانون الانتخاب، كون أن ما جرى التفاهم عليه بالنسبة للإستحقاق الرئاسي جاء من خارج التفاهمات التي لطالما نادى بها رئيس المجلس لتجنّب منزلقات ما بعد الانتخاب ما لم يكن هناك تفاهمات مسبقة على كل البنود التي على أساسها دعا إلى طاولة الحوار الوطني.

فالمعلومات التي بدأ التداول بها في الصالونات السياسية لا تشي بأن ما بعد انتخاب الرئيس سيكون أفضل سياسياً عمّا كان عليه قبل الانتخاب حيث بدأها هاجس  الخوف لدى القوى السياسية من أن تكون مرحلة تأليف الحكومة صعبة ومعقّدة وأن هذا الأمر ربما يستغرق أشهراً تتخطى الوقت الزمني لولوج الانتخابات النيابية فيما لا تزال المشاريع والاقتراحات المتعلقة بقانون الانتخاب الجديد عالقة على حبال الخلافات التي لا يؤمل أن تجد طريقها إلى الحل في هذه المرحلة الوجيزة سيّما وأن الانشطار السياسي الذي كان قائماً قبل التفاهم على مرشّح للرئاسة ما زال على حاله بفارق أن خارطة التحالفات تبدّدت بفعل ما حصل على مستوى ترشيح العماد ميشال عون، وهذه الخارطة ستكون أكثر وضوحاً بعد انتهاء العملية الانتخابية، إذ إن عنصر المفاجأة يبقى وارداً حتى الربع الساعة الأخير طالما أن النائب سليمان فرنجية لم يسحب ترشيحه وهو ماضٍ في خوض المعركة حتى الرمق الأخير، وإن كان يعرف مسبقاً ان ميزان القوى يميل لصالح النائب عون ما لم يطرأ أي تعديل في مواقف الكتل النيابية، حيث يتوقع ان يحصد عون ما بين الـ70 والـ80 صوتاً مقابل أوراق كثيرة بيضاء وأخرى لفرنجية، أي بمعنى ان عون لن ينتخب بالإجماع، وانه سيواجه من اليوم الأوّل لممارسة مهامه في قصر بعبدا بمعارضة ربما تكون وازنة مراعاة لبعض الاعتبارات، وهذا الأمر سيحمله على إعادة النظر في سلوكيات التعاطي مع القوى السياسية بالشكل الذي يزيل بعض الالتباسات والغموض اللذين حكما مسار الاتصالات والمشاورات التي رست على تأمين أصوات الكتل النيابية المطلوبة لتعبيد الطريق امامه للوصول إلى قصر بعبدا.

وفي هذا المجال يرى مصدر وزاري ان عملية التكليف ربما لن تخذ وقتاً وأن تولي الرئيس سعد الحريري رئاسة حكومة العهد الجديد بات مسلماً به، إنما مشوار التأليف سيكون متعباً ووعراً، إن على مستوى الشكل الذي سيطبع الحكومة الجديدة، أو على مستوى التمثيل وتوزيع الحقائب، مستغرباً القول ان الرئيس برّي قد رفع سقفه على مستوى انتخاب الرئيس وأخذ هذا الموقف الذي أعلنه للحصول على حصة وازنة في الحكومة وإن كان ذلك من أصول اللعبة الديمقراطية في البلد. وتوقع ان تستغرق عملية التأليف ربما خمسة أو ستة أشهر تكون خلالها الساحة السياسية حبلى بالتجاذبات والمفاجآت والمتغيرات، مع الإشارة إلى ان الحديث بدأ عن رغبة لدى المعنيين بأن تكون الحكومة الجديدة حكومة تكنوقراط مع العلم ان مثل هذا التوجه له محاذيره، حيث ان الظرف السياسي الراهن لا يسمح بذلك ويبقيه أمراً صعباً.

وفي رأي المصدر أن أي حكومة من لون واحد ستكون حكومة تناقضات، وإذا تألفت من كل الأطراف ستكون حكومة تناقضات أيضاً، وهو ما يعني وجوب توسيع رقعة التفاهمات، ومحاولة اشراك كل القوى السياسية الوازنة في البلد في الحكومة، لأن هذا الأمر من شأنه أيضاً أن يفكك الصواعق التي ستكون حكماً مزروعة في البيان الوزاري في ظل الانقسامات السياسية الموجودة، وفي ظل المخاض الذي تمر به المنطقة.

وفي هذا السياق فإن مصادر سياسية ترى ان ما حصل على مستوى الرئاسة ما كان ليتم لولا الإرادة الدولية والإقليمية بذلك، وأن هذه الأجواء حكماً ستنسحب على مرحلة ما بعد وصول عون إلى بعبدا، وأشارت ذلك بذات الوضوح من خلال مروحة الاتصالات واللقاءات التي أجراها العديد من السفراء الأجانب في اليومين الماضيين ولا سيما السفيرة الأميركية والسفير الروسي، بمعنى ان الرعاية الدولية موجودة، وان المظلة الدولية الراعية للاستقرار الأمني في البلد ما تزال موجودة وهي لم تتعرض لأي ثقب نتيجة التطورات المتلاحقة في المنطقة، وهذا الأمر يُشجّع على القول بأن لا خوف على الاستقرار الأمني كما يحاول البعض ترويجه لأسباب لا تخدم مناخات  الوفاق التي سادت الساحة الداخلية في الآونة الأخيرة.