IMLebanon

مصدر امني: المسيحيون اولوية في قائمة اهداف التكفيريين

ما ان دوى الانفجار الرابع في بلدة القاع البقاعية فجر أول من امس الاثنين، حتى خرجت وسائل اعلامية لتكشف لجمهورها ومتابعيها «سبقا» خلاصته ان القاع لم تكن هي هدف الانتحاريين الذين اضطروا لتفجير انفسهم فيها بعد افتضاح أمرهم عندما كانوا يرابضون في حديقة منزل من منازلها كمحطة اولى، يختبئون فيها لمواصلة سيرهم في وقت لاحق، وهو «التحليل» نفسه الذي تبنته أصوات سياسية على قاعدة «الترداد الببغائي» وهو الامر الذي طرح عددا من الاسئلة وعلامات الاستفهام الكبيرة، لا سيما وان الجهات التي اطلقت هذه النظرية بدت بكلامها هذا وكأنها تلتمس الاعذار والاسباب التخفيفية للانتحاريين والجهات التي تقف وراءهم، من خلال القول انهم لا يستهدفون المسيحيين في لبنان، وان الانتحاريين كانوا في محطة أولى ينتظرون حدثا معينا للتحرك باتجاه أهدافهم البعيدة، وتم الايحاء بين السطور تلك التصريحات ان اهدافهم كانت في الضاحية الجنوبية لبيروت على الارجح .

من هذه النقطة في التحليل ينطلق مسؤول امني رفيع الى القول ان ما جرى من تحليلات «فورية» تؤكد على ان القاع لم تكن وجهة الانتحاريين وساحة مجازرهم المرسومة، هو أمر يستدعي المساءلة القانونية بهدف الاستيضاح من المعنيين وسؤالهم عما استندوا اليه في ذهابهم الى هذه النظرية وهذه التأكيدات؟ وما اذا كانت لديهم قنوات اتصال بمشغّلي هؤلاء الانتحاريين على سبيل المثال، أو قنوات تنسيق معها يعرفون من خلالها الاهداف الحقيقة للانتحاريين مسبقاً؟ وكيف يتبنون بالتالي هذه النظريات «التمييزية» ومن أي منطلق يروجون لنظرياتهم، علماً بأن أي كلام عن أن المسيحيين هم خارج دائرة استهدافات التكفيريين والارهابيين هو كلام في غير محله ابداً، وهو خاطيء مئة بالمئة، لأن التجارب القريبة والبعيدة تؤكد على خلاف ذلك تماما، كما تدل بوضوح على ان اتباع الفكر الظلامي يضربون في المناطق المسيحية ضربات اجرامية قاسية لا اعتبارات فيها لأي محرمات وممنوعات انسانية، ولا تقيم وزنا للمسنين ولا للاطفال ولا لغيرهم، وان منطقة الموصل العراقية وكل المدن والقرى السورية التي هجر منها أهلها المسيحيون قسرا بعد ارتكاب المجازر الدامية بحقهم لم يتم فيها حتى قبول العيش معهم ولو على قاعدة دفع الجزية، بل على العكس تم تهجير من بقي منهم حياً، في أسوأ دراما انسانية شهدها التاريخ الحديث، وتم الانتقام من المسيحيين بالتشفي على قاعدة أنهم يمثلون الوجه الديني للحضارة الغربية «المعادية» ويتماهون معها، وتم تدمير واحراق وتكسير كل ما يمثل مقدساتهم ورموزهم الدينية والصلبان والتماثيل في أسوأ وأشنع ممارسات وأفعال تاريخية قلما حدث مثيلا لها في التاريخ، كما تم احتلال أديرتهم وخطف راهباتهم وقتل بعضهن والتمثيل بجثثهن وكذلك تم خطف وقتل مطارنة ومبشرين بالسلام في كل المناطق التي شهدت شبه سيطرة للارهابيين، والقائمة في هذا السياق طويلة، وهذا ما يضرب كل نظريات أصحاب الرؤى التقاربية مع الظلاميين ويؤكد على ان كل ما يجري في هذا السياق هو من قبيل «الغرام من طرف واحد»، وأنه لو تسنى لأتباع الفكر الظلامي الوصول الى لبنان لا سمح الله، فإن كل المسيحيين بلا استثناء، وكل المطبلين والمزمرين لنظريات اقامة السلام معهم سيكونون عرضة لاقتراف الجرائم بحقهم قبل غيرهم.

ومن هنا يدعو المسؤول الامني الى الكف عن هذه المراهنات الخنفشارية على هذه المخلوقات الكاسرة، ويرى ان رهان هؤلاء كمن يراهن على الوحوش، ويبدى أسفه لأن بعض الموتورين سياسيا ما زالوا يمارسون رعونتهم السياسية كمراهقين لا يجيدون قراءة الوقائع الا من خلال أحقادهم وضغائنهم وبعيدا عن أي منطق، وعلى قاعدة «عنزة ولو طارت».

ويضيف المصدر الامني ان الفرضيات التي تم ترويجها بسرعة فائقة صبيحة الاثنين من ان انتحاريي الفجر الاربعة كانوا في انتظار من يقلهم بسيارته الى مناطق الضاحية هي فرضيات قد تكون مضحكة عمليا لانها بعيدة تماما عن الواقع باعتبار ان الجهات التي تجهز انتحاريين وترسلهم ليست على هذا الغباء لترسلهم من الاراضي السورية وهم يرتدون الاحزمة الناسفة، هذا امر مستحيل امنياً لعدد كبير من الاعتبارات واولها ان هذا النوع من الانتحاريين لا يحتمل التعبئة كل هذه المسافة لأن عمليات التعبئة وغسل الادمغه تفترض ان الانتحاري يقوم بمهمته بسرعة قبل ان يعود الى رشده والوقت طويل جدا للقيام بالمراجعات في هذا الصدد، كذلك فان ارسال الانتحاريين مزنرين بأحزمتهم من الاراضي السورية للوصول بها الى منطقة بيروت او ضاحيتها الجنوبية هو أمر أيضا أشبه بالمستحيل لأن من أرسله يدرك ان الوصول الى بيروت من منطقة القاع يفترض مرور الانتحاري بعدد كبير جدا من الحواجز الامنية المختلفة للجيش اللبناني ولقوى الامن الداخلي وان بعضها يعتمد التشدد في التفتيش لكل المارة، ولذلك فان تزنير الانتحاري من الاراضي السورية للوصول الى بيروت هو عمل جنوني، وغير محترف ابدا لا سيما وان ثمة بؤراً كثيرة في الضاحية وحولها وفي محيطها يمكن للارهابيين ان يعتمدوها في تفخيخ ما يشاؤون كما حصل سابقا، كما يمكن ارسال الانتحاريين اليها لتفخيخهم فيها ايضا، وهذا الامر طبيعي لأنه اقل خطورة في انكشاف امرهم على الطريق، وبالتالي لا يمكن ان يتم تفخيخ انتحاري في سوريا لتفجير نفسه في بيروت او في منطقتها.

ويرجح المصدر ان انتحاريي الفجر كانوا يتربصون بالحافلات العسكرية التابعة للجيش اللبناني، والتي تمر باكرا لتبديل عناصر الالوية والافواج والقطع المرابضة في المنطقة، وقد يكون افتضاح امرهم هو ما جعلهم يفجرون انفسهم قبيل وصول الحافلات العسكرية.

وهذا أمر اضافي يؤكد على ان القاع، وما تمثله من قرية مسيحية بقاعية، ومن خلفها الجيش اللبناني هم الذين كانوا الهدف فجرا، وما التفجيرات المسائية، الا تأكيد على المؤكد في هذا السياق وهي وحدها التي تدحض بشكل قاطع كل النظريات المغرضة للمتمسكين بالداعشية السياسية واستدعائها الى الساحة اللبنانية بهدف استخدامها في النزاع السياسي الداخلي.